بغداد

دفنت رأسـك تحت الرمــل منتحبـا
فــأيّ ذلٍّ كســا من نتنه العربــا
ورحـت تصرخ في الصحراء هل مددٌ
أمــا تعبت فهـم لـن يسمعوا خطبـا
تلك العظـام جــذورٌ عــزّ منبتهـا
لمّــا رأتـك كسير النفـس مستلبــا
أصحـابها شـرفوا التاريـخ إذ عبروا
مــن فـوق أحرفـه عـزاً ومنتسبـا
يـابن العروبـة مـا أضنـاك كم زمنٍ
بنظـــرةٍ مـنك قـد شـرفتـه نسبـا
السـيف أصــدق ممّن قـال أو كتبـا
وهــزّه الـوتـر الحسـاس أو طربـا
السـيف أصـدق لـو تدري فكـم أممٍ
دانت بــه يـوم ضربٍ لـم يكن كذبـا
يا أمتــي ونيوب البغــي تنهشنـا
أيـــن الرجـال كأنـا لـم نعد عربـا
مـاذا دهــاك إذا مـا عمّنـا نصبٌ
فــواحـدٌ دان مـزهـوّاً وذا شـجبـا
أيـن الميـامـين مـن أحفاد معتصمٍ
بـل أيــن مـن زينوا التاريخ والحقبـا
بغـداد عفـوك والأعـذار واهيــةٌ
لقـد مضــى زمـنٌ كنّـا بـه النجبـا
فاليـوم لا خـالدٌ فينـا ولا عمــرٌ
ولا رشيدٌ عـــلا أو عــانق الشـهبـا
كــلّ الذي بين أيدينـا رحى غضبٍ
نثيـره , وقلــوبٌ أُتـرعــت وصبـا










تحيّـر الحرف وانسـابت مواجعــه
تقلّــب الحــزن فـي أهدابــه لهبـا
أخــي وربِّــك مـا عانيت من ألمٍ
إلا لأنَّــك نبضٌ فــي الفـؤاد خبـــا
أخــي أفـقْ إنَّنــا سرّان في وجعٍ
يعــربـد القهـر فيـه كلَّمـا انسـكبـا
بغــداد بوَّابــة الدنيـــا ومنطلقٌ
للعـابـريـن , فعنهـا سـائـل الكتبــا
وسـلْ دمشـق فأحـرى أن تكون بها
أدرى , فسـرُُّهمـا قلبـي ومــا وجبـا
بغــداد آهٍ علـى بغداد كــم حلمت
هــارون مـن مقلتيهـا يعصر العنبــا
يخـاطـب الغيـم مزهـوّّاً ومنتشيـاً
لا شـكّ تمـلأ يـومـاً راحتـي ذهبــا
ياسـدرة المنتهـى يا لـون ذاكرتـي
تخـاذل الحـرف فـي أوراقنــا وكبــا
كـم مـن زعيـمٍ بـدا في ثوب غانيةٍ
تشـدّ مـن خصرهـا غنجـاً لمـن رغبـا
وتطلـب الثّمـن البخس الذي وعـدتْ
كالجـرو يرضـى بعظـمٍ يـابسٍ سـغبـا
الشـاربـون دمـاء الشعب من عطشٍ
يصيبهــم كلَّمــا قــد أُوهِنوا نصبــا
الخـائفون علــى تيجانهـم أبــدأً
كالعنكبـوت إذا مــا شــدّت الطّنبــا
الكــاذبـون إذا قـالوا وما صدقوا
يومـاً بعهدٍ , وكانـوا فـي الهوى شعبـا
هـم الرجـال إذا مـا سمْتَ منطقهمْ
فــإن نظـرت مليّـاً خلتهــم قصبــا
باعـوا القضية " بالدولار " ما خجلوا
وسيّسوا السـيف حتّـى خلتـــه خشبـا












عـذراً أخيّ فمـا في السيف من أملٍ
إن كــان للزّينة البلهــاء قـد نصبــا
مـا أبعـد الفرق بين المـوت متشحاًُ
ذراع فاتنــــةٍ تغـريـك أن تثبـــا
وبين مـوتـك فـي ساح الوغى ظمأً
تكفيك قبســة نــورٍ تقهــر الحجبـا
سـموت فـوق جراحـي وهي داميةٌ
وجئت أنـهل مـن عينيــك مـا عذبـا
لــوّنت قافيتي من كــلّ حاضرةٍ
فسمّهــا واغتـرف من بحرها العربـا
هــذا الفــرات قناديــلٌ مكللةٌ
تعــانق النّيل فــي تزيينهـا النقبـا
عــاد التتـار أخي بغداد مصبحةٌ
فمـن سيُمسـي علـى آثـارهـا سلبـا
يا أمّـة الشـعر إن الشـعر متّهمٌ
إن كــان فيـه حـروفٌ تجهل الغضبا
أخي أفقْ , فكلانا في الهوى عربٌ
ومسـلمون , ألا مـا أعظـم النسبــا
خـذها أخي حكمةً واعمل بها أبداً
لا يقهر الظلـم إلا السيـف إن ضربـا

شعر : علي صالح الجاسم . منبج .[/size]