<center> [img]bismillah.gif[/img] </center>

مايك وتني ترجمة خاصة بدورية العراق




ربما ليس في هذه المقالة ما لا نعرفه ولكن اهميتها ان كاتبها امريكي وانه يناقش مسألة اغفال الاعلام الامريكي حتى المناهض للحرب ، للاشارة لدور المقاومة العراقية. وهذه المقالة انعطاف خطير على الساحة الامريكية ، يحمل لراصد الاحداث مؤشرات كبيرة خاصة وانه يدعو الى التفاوض مع المقاومة مباشرة.

في حين ان نقاد حرب العراق يسرعون الى الاشارة الى فشل الاحتلال، ولكنهم يترددون في الاعتراف بالنتيجة الحتمية وهي ان المقاومة العراقية قد انتصرت، لأن قولا مثل هذا يماثل الخيانة العظمى ولهذا يمنع وروده في وسائل الاعلام الرسمية . ان فكرة مُنعة الامريكان اسطورة يجب رعايتها والدفاع عنها في كل مكان وزمان. حتى لو وُجد الجنود الامريكان متلبسين في دفع مروحياتها في نهر الفرات وهم يولون هاربين من بغداد فإن الاعلام الموالي سوف يلوي الواقعة ليجعلها تبدو وكأن الامر "اعادة انتشار ستراتيجي".

لاشيء جديد في مسألة انحياز وسائل الاعلام ولكن تأثيرها على الحرب الدائرة كان سطحيا. لأن "اضاليل" الاعلام لا يمكن ان تغير الواقع على الارض وحقيقة ان الولايات المتحدة قد انهزمت . لقد اشتبكت مع عدو ماكر استطاع تحييد مميزاتها وهي التفوق بالسلاح والتكنولوجيا كما استطاع تقييد مدى حركتها . مما يثير الصدمة، التفكير بانه بعد 4 سنوات من الصراع الدامي مازالت قوات الاحتلال لاتستطيع السيطرة على اية ارض خارج حدود المنطقة الخضراء . ان هذا اعتراف فظيع بالهزيمة.

الولايات المتحدة تخسر الحرب في العراق بكل المقاييس . ومع هذا فإن مصائب امريكا هي ليست نتيجة اخطاء الادارة او ستراتيجية فاشلة فحسب وانما هي النتيجة الحتمية لعدو ذكي وشجاع يضرب بدون توقع ثم يختبيء بين السكان . وكما قال ماو تسي تونج :" يجب على المقاومة ان تتحرك وسط الناس كما تسبح السمكة في البحر" وقد اجادت المقاومة العراقية هذه المهارة بحذق لم يتوقعه احد.

ان علامات الانتصار في حرب العصابات معروفة للجميع . يجب على الجيش المحتل ان يضمن الامن بسرعة من اجل مساندة عموم السكان . لهذا فإن مهمة "كسب القلوب والعقول" مسألة ضرورية . اذا كان الاحتلال مكروها على نطاق واسع ، فسوف يكون اعادة الاعمار والامن مستحيلا وينتعش الصراع المسلح . والان 80% من الشعب العراقي يريدون انسحابا سريعا للقوات الامريكية ، وهكذا نكون على يقين من ان النصر ، باية طريقة تفسره، لم يعد في الامكان.

لقد بلغت حرب العصابات في العراق مستوى جديدا من التطور. بعد 4 سنوات ، لانعلم عن المقاومة و اساليب عملها اكثر مما علمناه في بداية الغزو. هل هناك قيادة مركزية او مجرد خلايا صغيرة مستقلة ؟ كيف يتواصلون فيما بينهم ؟ هل لديهم مصدر معتمد لامدادهم بالاسلحة والمتفجرات ؟ ماهي مصادر تمويلهم ؟ كم يبلغ عدد المقاومين ؟ كم عدد النساء فيهم ؟ هل يتحركون في انحاء البلاد ام يبقون في مكان واحد ؟ هل هناك متبرعون اجانب ام أن تمويلهم ذاتي ؟ الى أي مدى يدعم الشعب انشطة المقاومة ؟

بدون ان نعرف الاجابة على هذه الاسئلة ، فإن الولايات المتحدة بكل معداتها عالية التقنية للمراقبة والرصد ، لا تزيد عن ان تكون عملاقا اعمى يتخبط ويتعثر حوله بدون هدف . ان الاعتماد على اعتقال وتعذيب الرجال في سن التجنيد من اجل جمع المعلومات عن المقاومة وشبكاتها ارتد بفعل عكسي ، حيث اوغر صدور الناس ضد الاحتلال وقضى على مزاعم امريكا بتفوقها الاخلاقي.

ان حرب العصابات هي حرب استنزاف. أي انهاك منتظم لقوى ومعنويات العدو . والهدف هو ابتكار خطط موازية عديدة من اجل زعزعة توازن العدو ووضعه في موقف الدفاع . يجب على رجال العصابات البحث عن نقاط الضعف والهشاشة وهم ينفذون مخططا للتخريب والخداع . وكما نصح ماو "انسحبوا حين يتقدم العدو وشاغلوه حين يتوقف واضربوا حين يضعف وطاردوه حين ينسحب".

ان التأثير الاجمالي لهذه الستراتيجية واضح امامنا . لقد اصبحت اهداف الحملة غامضة وموحلة ، ومعنويات الجنود تتدهور باستمرار الى الحضيض ، وليس هناك علامات واضحة على النجاح . وفي ظل هذه الظروف ، فإن زيادة قوة الجنود دلالة على اليأس . "النصر" يكون مستحيلا حين لا يملك احد ما فكرة واضحة عما يعنيه النصر. هذه هي مشكلة شن حرب من اجل الاستيلاء على ثروات وموارد دولة اخرى . في النهاية يسقط قناع الايديولوجية وينكشف للجميع وجه الخداع الحقيقي.

هناك ميل لدى الغرب لتهميش انجازات المقاومة العراقية ولكن لا احد يستطيع ان يجادل في النتائج . باسلحة وموارد بسيطة ، استطاعوا مناورة ومداورة وقهر اكبر قوة حربية وافضلها تقنية في العالم والتاريخ . وهذا ليس بانجاز قليل . واتوقع ان الكثير من الضباط الامريكيين الكبار يشعرون بالاعجاب سرا بعمليات العدو . لقد شنوا معركة عظيمة في ظروف صعبة وقد نجحوا رغم ضآلة حظوظهم في الاتصالات والجوانب اللوجستية والاسلحة والدعاية والتحرك والتموين . وبأبسط الاسلحة ومعدات صناعة القنابل ، وضعوا رأسهم برأس اعظم قوة في العالم واجبروها على التوقف.

في الواقع ان المقاومة العراقية نجحت حيث فشل الكونغرس والامم المتحدة وملايين المواطنين المناهضين للحرب في انحاء العالم : لقد اصابت عناد بوش بالضربة القاضية .

في الاسبوع الماضي اقر الجنرال مايكل مابلس بأن هجمات المقاومة ازدادت "في الحجم والفتك والحدة " . والهجمات على القوات الامريكية تصل الان الى 180 كل يوم ، ضعف العدد في السنة الماضية . والنزاع المسلح يصبح اكثر قوة بمرور الايام .

وفي نفس الوقت ، مشاكل بوش تستمر في التراكم . جيشه موزع الى حد الانهيار ، الاقتتال الطائفي في تصاعد ، وحكومة المالكي فشلت في حل الميليشيات او اقتراح ستراتيجية لتوفيرالامان خارج المنطقة الخضراء .

لم ينجح أي جانب من جوانب الاحتلال.

وخطط بوش للعراق مصيرها الفشل لأنها قائمة على منطق خاطيء . ان القوة الكاسحة والعنف الهائل لا يأتي بحلول سياسية ، بل بالمزيد من سفك الدماء.

الطريق الوحيد امام الولايات المتحدة للخروج من ورطتها هو اعلان وقف اطلاق النار فورا والتفاوض مع قادة المقاومة الوطنية العراقية ، وعقد اجتماع بين الطوائف العراقية (السنة والشعية والكرد) والموافقة مبدئيا على انهاء انسحاب كل القوات الامريكية .

حتى في هذا الوقت المتأخر ، هناك تردد بين الجماعات المحافظة والليبرالية على السواء للاعتراف بأن المقاومة التي يقودها البعثيون ويدعمها السنة يجب التعامل معها واجلاسها على طاولة المفاوضات. (اتحفظ على كلمة السنة فالمقاومة يدعمها كل اطياف الشعب- المترجمة)

المفاوضات مع المقاومة العراقي هي "الخطوة الاولى" على طريق حل سياسي.

أما "الاستمرار في المسيرة " أو " انسحاب تدريجي " او حتى الاجتماع مع القوى الاقليمية (مثل سوريا وايران) فهي علاجات سطحية لا تعالج القضية المركزية . تحتاج الولايات المتحدة الى عقد صفقة مع الرجال الذين (يحملون البنادق ويحشون المتفجرات) انهم هم الذين يقاتلون في هذه الحرب وهم الذين سوف يقررون شروط التسوية السياسية.

مسألة أن تجري المفاوضات الان او بعد 5 سنوات من الان، تعتمد كليا على جورج بوش ولكن نتيجة الحرب واضحة أمامنا . لقد هُشمت احلام بوش الامبريالية على ايدي مجموعة من الوطنيين العراقيين الملتزمين بالدفاع عن وطنهم . لقد سدوا طريق طهران ودمشق ومهدوا الطريق لتحرير بلادهم .


* ترجمة بثينة الناصري - خاصة بدورية العراق