هو الوالي الخائن والأمير العميل فخر الدين بن قرقاص بن معن الدرزي، أمير منطقة الشوف اللبنانية، وبيت المعنيين لهم عراقة قديمة بلبنان ويزعمون أن نسبهم ينتهي إلى الأمير «معن بن زائدة» الشهير، ولكن هذا لا يصح.

وكان فخر الدين المعني الجد قد دخل في خدمة السلطان سليم الأول سنة 922هـ لما رأى من قوته واستعداده لأخذ بلاد الشام من المماليك، ونظير ذلك جعله سليم الأول أميرًا على الشوف وجبل لبنان، فازداد نفوذه وعمل على جعل الولاية في عقبه، فظلت ولاية لبنان في بيت المعني حتى اعتلى فخر الدين بن المعني الحفيد أو الثاني ولاية لبنان وذلك سنة 999هـ، وكان رجلاً وصوليًا كبيرًا استطاع أن يستولي على بلاد كثيرة منها صيدا وصفد وبيروت وأجزاء من سوريا، وقويت شوكته بشدة وأصبح له جيش كبير يبلغ أربعين ألفًا


بعد أن شعر فخر الدين بقوته كاشف بالعداوة وخرج عن الطاعة وراسل الإيطاليين فأمدوه بأموال كثيرة، ودفعت له جمهورية البندقية كميات كبيرة من الذهب لبناء القلاع والحصون، ثم أعلن العصيان سنة 1022هـ، فأرسل إليه السلطان أحمد الأول جيشًا بقيادة والي الشام أحمد باشا الحافظ وكان من قبل يتشكك في نوايا فخر الدين ويحذر الدولة العثمانية من توسعاته، فلما علم فخر الدين بقدوم الجيش العثماني لمحاربته فر قبل اللقاء واتجه إلى إيطاليا ومكث فيها سبعة أعوام حتى عُزل أحمد باشا الحافظ عن ولاية الشام، فعاد فخر الدين للبنان وعفا عنه السلطان «عثمان الثاني



بعد أن عاد فخر الدين للبنان مرة أخرى لم يرتدع مما جرى في المرة السابقة، فأعاد الكرة وجمَّع حوله كل أعداء الإسلام وازداد في غيه وعتوه وبلغت أتباعه مائة ألف مقاتل، وعاود العصيان وشق عصا الطاعة، فأرسل إليه السلطان «مراد الرابع» جيشًا بقيادة والي دمشق فانتصر عليه وأسره وولديه وبعث بهم للسلطان «مراد الرابع» الذي عاملهم بإحسان وعفا عنهم، رغم أنهم أكثر الناس خيانة وعصيانًا وعمالة للصليبيين والإيطاليين خصوصًا، إضافة لكفرهم وضلالهم.

هذه المعاملة الطيبة من جانب الدولة العثمانية شجعت «قرقماز» حفيد فخر الدين المعني بالتحرك، فعندها أعاد السلطان «مراد الرابع» النظر في التعامل مع فخر الدين فأصدر قرارًا بإعدامه وولديه، وتم إعدام فخر الدين يوم 26 شوال 1044هـ ـ 12 أبريل 1635م، لتنتهي بذلك حياة خائن ظل على خيانته وعصيانه قرابة الخمسين سنة،