قرود صينية
باعَدَ القردُ الصينيُ ما بين أصابع كفيه قليلاً، فبهر الضوءُ عينيه، ثمَّ راعه ما وجدَ عليه هذا العالم، فأسرعَ يُحكم حجب الرؤيا بيديه و هو يقول لنفسه: ما أتعسَ جليسيَّ برؤيتهما لكل هذا!
وعندما أبعد القرد الثاني كفَّيه عن أذنيه قليلاً سرعان ما أعادهما، إذ وجد أن ما يُقال في هذا العالم هو عكس ما يرى تماماً وقال لنفسه: ما أتعس جليسيَّ بسماعهما لكل هذه الأكاذيب!
أمّا القرد الثالث فقد أبعد كفَّيه عن فمه، وبدأ ينشد عن الحب والتسامح والفضيلة والسلام..
لكنَّ ألحان أغنيته تلاشت في الفضاء ولم يستمع أحد إلى ما كان يريد قوله، فعاد ليريح راحتيه على فمه المغلق وهو يقول في سره:
لا بدَّ أنني صاحب حظٍ كبير ببقائي صامتاً عوضاً عن أن تضيع كلماتي في غياهب آذان الجهلَة..
كان كل واحدٍ منهم يعتقد بأنه الأوفر حظاً ببقائه كما هو، ولكنهم جميعهم نسوا أنهم جالسون على جذع الشجرة المقطوع ذاته، وأنَّهم قد كفُّوا عن استخدام أكفِّهم منذ زمن طويل..
رامة عيان