تصل للمربد الكثير من الرسائل تحمل جميل الابداع

اليوم وصلتني مجموعة من المقالات الثرة للشيخ المرحوم أسعد التميمي

وننشرها هنا للفائدة

************

بداية الرسالة- بقلم:الشيخ اسعد بيوض التميمي
ملحوظه : نذكر بان الشيخ اسعد بيوض التميمي رحمه الله قد كتب هذا المقال قبل ابعة عشر عام وتم نشره في مجلة وعد الآخره الناطقه باسم الجهاد الاسلامي في نهاية الثمانييات وبداية التسعينات علما ان الشيخ قد توفى في 21/3/1998
مقالات مختارة للشيخ اسعد بيوض التميمي


القدس والمسجد الأقصى المبارك
[بقلم: الشيخ اسعد بيوض التميمي]

بسم الله الرحمن الرحيم
منذ ان خلق الله الانسان لعبادته { وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون } بين الله كيفية العبادة في كتبه المقدسة ومفصلا لها عن طريقة تأدية الانبياء لها ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وقد خص الله سبحاته أماكن معينة بالتقديس وبزيادة الثواب اذا عبد الله فيها ودعا الناس لزيارتها والحج اليها وهذه الاماكن كما حددها الاسلام البيت الحرام، { واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا } والمسجد الأقصى { سبحان الذي اسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله } ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه } والاسلام في شكله الأخير هو الذي جاءت به الأنبياء جميعاً ، لأن الأنبياء عليهم السلام قد جاءوا بالوحدانية وبمحاربة الشرك وبعبادة الله وحد { قولوا آمنا بالله وما أنزل الينا وما أنزل الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } .
ولذلك فإن الإسلام قدس بيت المقدس باعتباره المكان الذي كانت قد قدسته الأنبياء السابقون ، فجعل قدسيته مستمرة ، ومن هنا كانت القدس القبلة الأولى ، فحين فرضت الصلاة في مكة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوجه إليها ، فقد اخرج الإمام احمد والطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنها ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه وبعدها هاجر الى المدينة ستة عشر شهر ثم صرف الى الكعبة ولما كانت الصلاة هي أعظم دين المسلمين ومن شروط صحتها التوجه الى القبلة والقبلة يحددها الله ، وقد حدد بيت المقدس أول الأمر، وهذا يدل على علو منزلته وعظيم شأنه عند الله ورسوله وعند المسلمين ، وفي حديث البخاري عن البراء لن عازب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهراً ، وكان الرسول يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله عز وجل { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها } ، فتوجه نحو الكعبة فقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأجاب الله { قل لله المشرق والمغرب ، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم } .
واستمر الاسلام يعلي من شأن الأرض المباركة ويبين منزلتها ومكانتها في اكثر من اية في كتاب الله ، فهو يقول في حق ابراهيم الخليل عليه السلام { ونجيناه ولوطا الى الارض التي باركنا فيها للعالمين } ويقول في آية أخرى : { وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة } إلى غير ذلك من الآيات ، ولقد بلغت القدس ذروة قدسيتها وعلو منزلتها واعلان الله لذلك حين اسري بمحمد صلى الله عليه وسلم من مكة الى القدس في عملية اعجاز كبرى وسجل ذلك في كتاب الله { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير } ويصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى القدس يحمله البراق فيحيي له الأنبياء قيام فيهم في الصلوة فيبايعونه بيعة هدى وأنه هو خاتم رسالات الله الممتدة عبر القرون وانه هو رسالة الله الباقية الى أن يرث الله الأرض وما عليها ، وهو خير الوارثين.
ومن أرض المسجد الأقصى عرج الله بالنبي الى السموات العلى مخترقا أجواء القدس العليا حيث وصل به الى سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى فرأى من آيات ربه الكبرى ، قال الله تعالى : { ولقد رآه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ، إذ يغشى السدرة ما يغشى ، ما زاغ البصر وما طغى ، لقد رأى من آيات ربه الكبرى } ، ويعود الرسول صلى الله عليه وسلم من القدس إلى مكة لترتبط مكة بالقدس والقدس بمكة ارتباطا عقيديا وأزليا القبلة الأولى مع القبلة الثانية ومنطلق الإسراء إلى منتهى الإسراء وتنزل الآيات في ذلك قرآنا يتلى إلى يوم الدين فتصبح القدس جزءا من عقيدة المسلمين لا يملك أحد التفريط فيها ولا التهاون في أمرها.
ولهذا عندما فتحها المسلمون ذهب امير المؤمنين عمر لاستلام مفاتيحها ، ولم يذهب لاستلام غيرها مع انها فتحت في عهده العراق عاصمة الفرس والمدائن وما ادراك ما الدرائن عاصمة نصف الدنيا في ذلك الحين ، وفتحت مصر ، وما ادراك ما مصر بنيلها وخيراتها ، وعظمة تاريخها قبل الاسلام وذلك ان عمر يعرف وهو وزير رسول الله المتنير قلبه وعقله بنور الله منزلة القدس والارض المباركة ، وربما كان يعرف باخبار رسول الله صلة الله عليه وسلم ان القدس ستكون موضع الصراع بين المسلمين واعدائهم عبر القرون الاتية ، يتحرك لاستلامها ، فقد أخرج الامام أحمد عن ذي الاصابع قال : قلنا يا رسول الله : ان ابتلينا بعدك في البقاء ، أين تأمرنا ؟ «قال عليك ببيت المقدس فلعلها تنشأ لك ذرية تغدو الى ذلك المسجد وتروح» .
وما أخرجه الامام أحمد عن ميمونة بيت سعد قالت قلت يا نبي الله افتنا في بيت المقدس فقال لها أرض المنشر والمحشر أئتوه فصلوا فيه فان صلاتكم فيه كالف صلاة ، قالت أرأيت من لم يطق أن تنحمل اليه او تأتيه ، قال فليهدي اليه زيتاً يسرج فيه فانه من أهدى كمن صلى.
وقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا تشد الرجال الا الى ثلاثة مساجد ، مسجدى هذا والمسجد الحرام والمسجد الاقصى».

وما أخرجه الشيخان أيضاً عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله : أي مسجد وضع في الأرض أول ، قال المسجد الحرام ، قلت : ثم أي : قال المسجد الأقصى ، وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة الباهلي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم كذلك ، قالوا يا رسول الله أين هم ، قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
وعن عطاء قال لا تقوم الساعة حتى يسوق الله عز وجل خيار عباده الى بيت المقدس ، والى الأرض المقدسة فيسكنهم اياها.
ولقد أخذ أعداؤنا ينازعوننا حقنا في المسجد الأقصى والارض المباركة فجاءتنا اوروبا في الحرب الصليبية معتدية غازية مدمرة مخربة تلغ في الدماء وترهب الحياة وكنا في ذلك الحين دولا مبعثرة وامارات متنافرة وبعداً عن الدين فسهل على عدونا ان يتغلغل في مثل هذا الحال فيأخذ القدس ويأخذ الأقصى ويأخذ اكثر ديار الشام
.
ولكن القرآن كتاب الله العظيم والإسلام هذا الدين القويم سرعان ما حرك النفوس وأيقظ النائمين فتحركت الامة حركة حياة واندفعت تقاتل بعقيدتها ، وانتصرت في النهاية وخرج الصليبيون منهزمين ، ولكن بقي الحقد يغلي في نفوسهم على الإسلام باعتباره العقيدة التي تحرك الأمة وتصنع المقاتل وتوجد المستشهد فخطط الصليبيون للعودة للمنطقة تخطيطاً يتسم بالمكر والدهاء يلبس ثوب الإنسانية ، ويتظاهر بالعلم ، فجاؤا عن طريق المدارس والمستشفيات ، وأخير الجامعات واستطاعوا أن يتغلغلوا الى فكر الأمة وعقيدتها فيشككوا ، وأوجدوا بعض الثغرات ، وقد ساعد قي ذلك ان هجمتهم الثقافية أو التبشيرية جاءت خلال نهضة الغرب العلمية والصناعية ، وكان الجمود الفكري قد سيطر على كثير من المسلمين ، واغلق باب الإجتهاد ، وعاشت الامة عشرات السنين وهي تعلك فيما لا يغني ولا يفيد ، حيث الإبداع اوقف والإستنباط لم يستمر ، والإجتهاد مغلق وبلغ الأمر ذروته في الحرب العالمية الأولى حيث عاد الصليبيون من جديد ، ولقد أعلن ذلك اللورد للنبي قائد جيوش الحلمفاء في الحرب العالمية الأولى حينما دخل القدس على صهوة جواده وقال بزهو المنتصر الآن انتهت الحروب الصليبية . ومن يومها أخذ أعداء المسلمين ينفذون فكرة الدولة اليهودية على ارض فلسطين ، الارض المباركة ، وقد استطاعوا ان ينفذوا قيام الدولة على جزء من أرض فلسطين حتى عام ثمان واربعين وتسعمئة وألف وفي خلال العشرين سنة التي بعدها أخذوا بقية القدس وبقية الأرض المباركة وبعد النكبة الاولى وبدل ان ترجع الأمة الى عقيدتها من جديد أخذت تستورد كل فكر وكل شعار ، وابعد الاسلام عن المعركة ، الاسلام الذي ينادي بالجهاد ويجعل ذروة امل المسلم الاستشهاد في سبيل الله تعالى ، فقد روى البخاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «جعل الله للشهداء في الجنة مئة درجة ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والارض وان اوسطها الفردوس فاسألوا الله الفردوس» ، وهكذا ذهبت فلسطين أو الأرض
المباركة خلال خمسين سنة ، واستولى اليهود على القدس ودخلوا المسجد الاقصى ، والمسجد عندهم هو الهيكل ولذلك هم يريدون ان يعيدوا بناء الهيكل مكانه ، حيث يقول بن غورديون مؤسس دولة اسرائيل : «لا معنى لدولة اسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل» وقد سئل أحد زعماء اليهود ، كيف ستبنون الهيكل
مع ان الاقصى موجود ، فقال : ربما دمره زلزال أو حريق وبالفعل عمدوا الى حرقة في 21 / 8 / 1969 ، فحرق المحراب والمنبر ، والمنبر الذي حرق ليس منبراً عادياً وانما صنعته ارادة النصر حينما تحركة الامة فلملمت شملها في الحروب الصليبية واندفعت تقاتل وكانت واثقة من نصر الله لها فصنع المنبر في حلب قبل ان يسترد صلاح الدين القدس بعشر سنين ، وكان المنبر ينقل من الجيوش يحرك فيهم عبادة ربهم ويجعلهم يتشوقون لوضعه في مكانه الطبيعي في المسجد الاقصى لينطلق منه الخطيب منبهاً واعظاً ، ولقد انطلق صوت الخطيب عليه في صلاة الجمعة الأولى بعد تحرير القدس وعودة حكم الاسلام اليها وتطهيرها من الأعداء.
وهكذا عمد اليهود الى حرق هذا المنبر ظناً منهم انهم يحرقون نصر المسلمين ، واليهود قوم لا يعقلون اذ لوعقلوا لاخذوا من الحروب الصليبية عبرة ، ولتعلموا منها درساّ وأن مآل دولتهم الى زوال
لأن طبائع الأشياء والواقع الجغرافي للارض المباركة لا تسمح ان تستمر هذه الارض بأيدي اعداء الأمة حيث هي جغرافيا تربط بين المسلمين في آسيا وافريقيا ، ومن استولى عليها يمنع الامة من ان تتوحد ، ولذلك تستمر دولة العدوان الى حين ، وحين تعود الأمة فترمي بثقلها في المعركة وتقاتل بعقيدتها ، وعندها يأتي النصر وان اكثر ما يزعج اليهود او دولة و اليهود كابوس الصليبيين ، وألفوا لذلك عدة كتب ، ولكن هيهات هيهات فاليهود الآن أو دولة اليهود نرتكب من الظلم والطغيان وتعذيب النفس الانسانية بالكهرباء والجلد وتقليع الاظافر وهدم البيوت وتخريب الإقتصاد ونفي المواطنين من ارضهم ، وهكذا كشف اليعود عن حقدهم الدفين ومخططاتهم الخبيثة في محق كرامة الانسان ، وتعذيب البشر.
وهم يحفرون الان وبعد أن احرقوا المسجد فلم يأت الحريق عليه . يحفرون تحت اساسات المسجد وقد وصلوا في حفرياتهم الى عمق الى مئة وخمسين مترا تحت الاساس وهم في حفرهم هذا كما يزعمون
يريدون أن يجدوا شيئاً من تاريخهم أو أثراً من آثارهم ولكنهم للآن لم يجدوا شيئاً يهودياً وبالعكس فلقد اكتشفوا قصرا اموريا بجانب بار بالمغاربة أحد أبواب المسجد بناه الخليقة هشام بن عبد الملك ، والذي يبدوا انه كان يستريح فيه بعد الصلاة حينما يكون في القدس ، والحفر مستمر ولم يتوقف وتتنازع عدة سلطات في دولة اليهود على احقية الحفر والاشراف عليه ، فقد تنازعت وزارة الأديان مع دائرة الاثار عندهعم على منطقة حائظ البراق (المبكى) والارض الملاصقة لسور الحرم من الناحية الجنوبية واستقر الراي على تقسيم المنطقة بين دائرة الاثار ووزارة الاديان ، وهكذا هم مستمرون في عدوانهم لا يأبهون لاحتجاجات ولا يلتفتون الى قرارات سواء من هيئة الامم أو اليونيسكو أو مجلس الأمن ولذلك لا يجوز أن نبقي القدس ولا الارض المباركة هكذا تحت رحمة أعدائنا وان يبقى الانسان المسلم تحت سياط اعداء عقيدته يسومونه سوء العذاب.
ان الأمر متوقف على المسلمين ، كل المسلمين ، فلا بد أن يكتشفوا ذاتهم ويوحدوا أمرهم ويعرفوا امكانياتهم وانهم القوة المنقذة التي ينتظرها العالم بفارغ الصبر وان الارض المباركة أو تخليص الارض المباركة هي نقطة التحول في سير المسلمين ونقطة الانعطاف في تاريخهم ، عن طريق تخليصها يتم التوحيد وعودة الاسلام الى الحياة كان ذلك في الحروب الصليبية ، وكان ذلك في حروب التتر وهو الآن ، وسيتم ذلك تصديقاً لما اخبر له النبي صلى الله عليه وسلم «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون ، حتى يقول الحجر والشجر : يا مسلم يا عبد الله خلفي يهودي تعال فاقتله الا الغرقد فانه من شجر اليهود» . رواه الشيخان البخاري ومسلم. اذ المعركة القادمة معركة اسلامية لا اثر للمبادئ المستوردة فيها ولا للنعرات القومية ، وانما هي في سبيل الله وباسم الله وعندها يأتي النصر .

أسعد بيوض التميمي
أمير حركة الجهاد الاسلامي في بيت المقدس