لا يا عزيزي الطالب
كنت قد وعدت بأن أفرد مقالاً خاصاً عما يشغل الطالب عن حصة الدرس والتحصيل العلمي ، وها أنذا أفي بما وعدت به وليكن حديثي موجهاً للطالب مباشرة ودون وسائط فأقول مستعيناً بالله :
عزيزي الطالب : أعلم علم اليقين أن هناك أموراً كثيرةً ولدت طفرةً في عصرنا الراهن لم تكن موجودة في زماننا أيام كنا على مقاعد الدرس ، وهذه الأمور لها بريق ساحر ، ولمعانٌ أخَّاذ ، وجاذبية قاهرة ، فالفضائيات مثلاً والحاسوب والنت والجوالات والسيارات الفارهة و... كل هذه الأشياء لم تكن أيامنا . وأنا لا أطلب منك ـ لا سمح الله ـ أن تعرض عنها وتضرب عنها صفحاً ، ولكن إني سائلك بعض الأسئلة ، فإن أجبت عنها بصدق وشفافية ، كانت إجابتك منطلقاً لتتمة الحديث معك ، فليس أغلى على قلوبنا منك . وإليك هذه الأسئلة :
• ما الحكمة من وجودك في هذه الدنيا ؟ أو بعبارة أخرى : لماذا خلقت في هذه الدنيا ؟ ما رسالتك فيها ؟
• ماذا تتمنى أن تكون في المستقبل ؟
• ما هي نظرتك للطالب المتفوق في فصلك ؟ وهل تحب أن تكون مثله ؟
• إذا شاءت إرادة الله أن تكون في موقع المسؤولية ، وأردت أن تلقي خطاباً على الملأ ، وبضاعتك العلمية والثقافية ضحلة ، ما شعورك عندما تجد الحشود أمامك تتغامز وتتهامس عند كل خطأ يندُّ من لسانك ؟
• أنت أمل والديك و وطنك وأمتك . كيف يكون موقفهم منك إذا رجعت إليهم بحصاد علمي يشكو الجدب والإملاق ، أو درجات لا تسر عدواً ولا صديقاً ؟ وهل يعجبك أن ترى مظاهر الاستياء على وجوههم ؟
عزيزي الطالب : العاقل في هذه الدنيا يعرف الحكمة من وجوده ، فلقد خلقنا الله سبحانه وتعالى أولاً لعبادته : (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )) وحدد لنا الرسالة التي علينا أن نقوم بها وهي إعمار الأرض (( واستعمركم فيها )) وهل يقدر على إعمار الكون رجل رضي لنفسه أن يكون في ذيل الركب ؟ هل يستطيع امرؤ هائم على وجهه ، يعيش من غير هدف ، يسير على غير هدى ، أن يضع بصمته ويقول كلمته ، ويبني أمته ؟
ثم إذا كنت تتمنى أن تكون في المستقبل رجلاً ذا قيمة سامية يُشار إليك بالبنان ، هل تكون ذاك الرجل وأنت في خصومة دائمة مع الكتاب وما يحويه من ذخائر المعلومات؟
ثم هل ترضى لنفسك أن ترى قرينك في الفصل يقطف ثمار التفوق وأشهى لذائذ النجاح ، وتكتفي أنت بالتلمظ وتحريك اللعاب بفمك ؟
اعلم عزيزي الطالب : أن ملهيات العصر فيها النافع وكثير منها ضار وعاقبته وخيمة، خذ منها ما ينفعك ، وتجنب الضار فإن الله سائلك عن عمرك و وقتك وشبابك ، فهل أعددت جواباً مشرفاً لهاتيك الأسئلة ؟ أرجو ألا يخدعك بريقها فليس كل ما يبرق ذهباً ، ولا كل ما يحلو رطباً .
أسأل الله أن يلهمنا وإياك الصراط المستقيم الذي من سلكه لا يضل أبدا ً .