فلنسمع معًا اليوم من راوئع الحكم والمواعظ
ومقتطفات من التائية الكبري
متى عصفت ريح الوَلا قصفت أخا ** غناء , ولو بالفقر هبّت لربّتِ
وأغنى يمين , باليسار جزاؤها ** مُدى القطع ما للوصل في الحب مُدّتِ
وأخلص لها واخلُص بها عن رُعونة افـ **ـتقارك من أعمال برّ تزكّتِ
وعادِ دواعي القيلِ والقال , وانج من ** عوادي دعاوٍ صدْقها قصد سمعةِ
فألسن من يدعى بألسن عارف ** وقد عُبِرَت كل العبارات كلّتِ
وما عنه لم تُفصح , فإنك أهله ** وأنت غريب عنه إن قلت : فاصمتِ
وفي الصمت سمت , عنده جاه مُسكة ** غدا عبده من ظنّه خير مُسكتِ
فكن بصرًا وانظر , وسمعًا وَعهِ وكن ** لسانًا وقل فالجمع أهدى طريقهِ
ولا تتبع من سوّلت له نفسه له ** فصارت له أمّارةً واستمرتِ
ودع ما عداها , واعدُ نفسك فهي من ** عداها , وعُذ منها بأحصن جنّة
فنفسي كانت قبل لوّامة متى ** أطعْها عصتْ أو أعصِ عنها مطيعتي
فأوردتها ما الموت أيسر بعضه ** وأتعبتها , كيما تكون مريحتي
فعادت , ومهما حملته تحملّتـ ** ـهُ مني , وإن خففت عنها تأذّتِ
وكلّفتها لا بل كفلْت قيامها ** بتكليفها حتى كلفت بكلفتي
وأذهبت في تهذيبها كل لذةٍ ** بإبعادها عن عادِها فاطمأنتِ
ولم يبق هول دونها ما ركبته ** وأشهدُ نفسي فيه غير زكيّةِ
وكلّ مقامٍ عن سلوك قطعته ** عبوديةً حققتها بعبودة
وصرت بها صبّا فلما تركت ما ** أريد أرادَتْني لها وأحبّتِ
فصرتُ حبيبًا , بل محبّا لنفسه ** وليس كقول مرّ نفسي حبيبتي
خرجت بها عني إليها فلم أعد ** إليّ , ومثلي لا يقول برجعة
وأفردْت نفسي عن خروجي تكرّمًا ** فلم أرْضها من بعد ذلك لصحبتي
وغيّبت عن إفراد نفسي بحيث لا ** يُزاحمني إبداء وصف بحضرتي
وها أنا أبدي في اتحادي مبدئي ** وأنهي انتهائي في تواضع رفعتي