" عزف على مقام المساء "
زاهر جميل قط
لغة ُالمساءِ فصيحة ٌ
كلُّ المعاجم ِ ألتقيها في المساءْ
كلُّ الحروف ِ تأنّقتْ هذا المساءْ
هي غادة ٌ وسنى
وكرمٌ ناضجٌ يشقى على شفةِ المساءْ
قد كنتُ أفضلَ شاربٍ
تلهو مدامُ الأمسِ في أقداحِه
وأُجيدُ تسميةَ العصافير التي
قد غادرتْ أعشاشَها
هي كلّما عاد المساءُ و لم تعدْ
تبقى شبابيكي مُفَتَّحةَ الجراح ِ
تلفُّها ريحُ الغيابْ
إنّي اتكأتُ على جراحي
مثلَ طفلٍ خاف عتمتَه الهطولة َ
قد أفاقَ ولم يجدْ
أمّاً تهدهدُ مهدَه
ما لي إذا نبتتْ بداخلي الطفولةُ
واحتضنتُ الرّيحَ في كفّي
نسيتُ ثقافتي
ونسيت ترتيبَ الحروف
وعدتُ كي ألهو
مع الممحاة والقلم ِالرّصاصْ
في كلِّ يوم عندما ألقى المساءَ
أمدّ من خوفٍ يديّ
وأغمضُ العينين حتى أتّقي نظراتِه
وأعودُ للصّفّ الأخير
ودمعتي..
تخشى عيونَ الأصدقاءْ
في كلّ يومٍ عندما يرتاد مقعدَه المساءْ
أنضو عن المرآة عريَ الضوءِ
والوجهَ الذي بالأمس
ضيّعني
وما عدْنا معاً
وجهي الذي ضيّعْتُه بالأمس
ما عادت لتذكرَه
المرايا
كلُّ شيءٍ في المساءِ رأيتُه مثلَ
الخطايا
كم دفنتُ بتربة النسيان ِ وجهَ الأمس
واستسلمتُ ذاتَ تشرّدٍ
لغواية الذكرى
فكفّنني البكاءْ
كنّا صديقين..
اتفقنا أن نظلَّ مع النجومْ
كقصيدةٍ سكرتْ قوافيها
فطارتْ في فضاء القلبِ
راقصة ًتحومْ
كنّا نزورُ دروبَنا
في كلّ زاوية زرعْنا قصّة ً
نامتْ على كتفِ الزمان ِ
فهل تقومْ ؟
كلُّ الرواياتِ التي
قاماتُها احترقتْ
برائحة المساءْ
قد حوّلتْ أحداثَها سرّاً
إلى بلدٍ بعيدٍ
لا يمرّ به المساءْ
صرْنا نسافرُ كالحكاية
دون ظلّ في الخفاءْ
صرْنا نمرّ
وخلفَنا خطواتُنا
كانت تسير.. إلى الوراءْ
كنا صديقين
اتفقنا أن نكونَ إذا التقيْنا ذاتَ صحو ٍ
كالغريب..
يمرّ في كلِّ البلادِ
وزادُه.. دمعٌ.. وماءْ .
زاهر جميل قط ـ معرة مصرين