إهداء إلى أهل المربد الأزاهر
***
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
*****
صَرمتْ حبالك بعـد وصلـك زينـب*
والدهـرُ فيـه تـصـرّم وتقـلـب
وكـذاك وصـلُ الغانـيـاتِ فـإنـه*
آل ببلقـعـة وبـــرقٌ خُـلــب
فـدع الصّبـا فلقـد عـداك زمانـهُ*
واجهد، فعمرك مـر منـه الأطيـب
ذهب الشبابُ فما لـه مـن عـودة*
وأتى المشيبُ فأيـنَ منـه المهـرَب
دع عنك ما قد فات في زَمنِ الصبّـا*
واذكُر ذنوبـك وابكهـا يـا مُذنـب
واخـشَ مُناقشـة الحسـاب فإنـه*
لا بُد يحصـي مـا حنيـتَ ويُكتـب
والليلَ، فاعلـم، والنهـار كلاهمـا*
أنفاسنـا فـيـه تُـعـدّ وتحـسـب
لـم ينسـه الملكـانِ حيـنَ نسيتـه*
بـل اثبتـاه، وأنـتَ لاهٍ تلـعـب
والـروح فيـك وديعـةٌ أُودعتـهـا*
سترُدهـا بالرغـم منـكَ وتُسلـب
وغُرورُ دنيـاكَ التـي تَسعـى لهـا*
دارٌ حقيقتـهـا مَـتـاعٌ يـذهــب
وجميـعُ مـا حَصلـتـه وجمعـتـهُ*
حقـاً يقينـا بعـدَ موتـكَ يُنـهـب
تُبّـا لــدارٍ لا يــدوم نعيمـهـا*
ومشيدهـا عمـا قلـيـلٍ يـخـرب
لا تأمـنِ الدهـر الخـؤونَ لأنــه*
مـا زالَ قدمـاً للـرجـالِ يُـهـذب
وكذلـكَ الأيـامُ فــي غصّاتـهـا*
مضضٌ يـذلُ لـه الأعـز الأنجـب
ويفـوزُ بالمـال الحقيـرُ مكـانـةً*
فتـراهُ يُرجـى مالديـه ويُـرغـب
ويُسـرّ بالترحيـب عنـد قُـدومـه*
ويُقـامُ عنـد سَـلامـهِ ويـقُـرّب
لا تحرصنْ فالحرص ليـس بزائـد*
في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب
كم عاجز في النـاسِ يأتـي رزقـه*
رغـداً ويُحـرم كيّـس ويخـيـب
فعليـك تقـوى اللهِ فالزمهـا تفُـز*
إن التقـيّ هـو البهـي الأهـيـب
واعمل بطاعتهِ تنـلْ منـه الرَّضـا*
إن المطـيـعَ لَـربـه لـمـقـرّب
أدّ الأمانـة، والخيانـةَ فاجتـنـب*
واعدل ولا تظلـم يطيـب المكسـب
واحذر من المظلـوم سهمـاً صائبـاً*
واعلـم بـأن دُعـاءه لا يُحـجـب
وإذا أصابـك فـي زَمانـك شــدّة*
وأصابك الخطـب الكريـه الأصعـب
فـادع لرَبـك إنـه أدنـى لـمـنْ*
يدعوه من حَبـل الوريـد وأقـرب
واحـذر مؤاخـاة الـدّنـي لأنــه*
يـعـدي الصحـيـح الأجـــرب
واختر صديقك واصطفيـه تفاخـراً*
إن القَريـن إلـى المقـارنِ يُنسـب
ودع الكذوبَ ولا يكنْ لـكَ صاحبـاً*
إن الكـذوبَ لبئـس خـلاً يصحـب
وذر الحسـود وإن تقـادم عَـهـده*
فالحقد بـاق فـي الصـدورِ مغيَّـب
واحفظ لِسانك واحتـرز مـن لفظـه*
فالمـرء يسلـم باللسـان ويعطَـب
وزن الكـلام إذا نطقـت ولا تكـن*
ثرثـارةً فـي كـلّ نـاد تخـطـب
والسـرّ فاكتمـه ولا تنطـق بــه*
فهـو الأسيـر لديـك إذ لا يَنشـب
واحرص على حفظ القلوب من الأذى*
فرجُوعهـا بعـد التنافـر يصعـب
إن القـلـوبَ إذا تنـافـر ودهــا*
شبه الزجاجـة كسرهـا لا يشعـب
واحـذر عـدوك إذ تـراه باسـمـاً*
فالليـث يبـدو نابـه إذ يغـضـب
لا خيـرَ فـي وُدّ امـرىء متملـق*
حلـو اللسـان وقلـبـه يتلـهـب
يعطيكَ من طـرفِ اللسـان حـلاوةً*
ويَروغ منـكَ كمـا يَـروغ الثعلـب
يلقـاكَ يحلـف أنـه بـكَ واثــق*
وإذا تـوارى عنـك فهـو العقـرَب
وإذا رأيـت الـرزق ضـاق ببلـدة*
وخشيتَ فيها أن يضيـقَ المكسِـب
فارْحَل فـأرض الله واسعـة الفضـا*
طولاً وعرضـاً شرقهـا والمغـرِب
*صالح عبد القدوس*
*****
د. أبو شامة المغربي