باقة ورود شذية لأخي مروان الظفيري هدية
*****
قصيدة شعرية
للشاعر
متمم بن نويرة اليربوعي


لعمري وما دهري بتأبين هالك*
ولا جَزَعٍ مِمَّا أَصَابَ فَأَوْجَعَا
لَقَدْ كَفَّنَ المِنْهَالُ تحتَ رِدَائِهِ*
فَتًى غيرَ مِبْطانِ العَشِيَّاتِ أَرْوَعَا
ولا بَرَمًا تُهْدِي النِّساءُ لِعِرْسِهِ*
إذا القَشْعُ مِن حَسِّ الشِّتَاءِ تَقَعْقَعَا
لَبِيبٌ أَعَانَ الُّلبَ مِنهُ سَمَاحَةٌ
خَصِيبٌ إذاما رَاكِبُ الجَدْبِ أَوْضَعَا
تَرَاهُ كَصَدْرِ السَّيفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدَى*
إذا لم تَجِدْ عندَ امرئِ السَّوْءِ مَطْمَعَا
ويومًا إذاما كَظَّكَ الخَصْمُ إِنْ يَكُنْ*
نَصيرَكَ منهمْ لا تكنْ أنتَ أَضْيَعَا
وَإِنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلْقَ فَاحِشًا*
على الكأسِ ذا قَاذُورَةٍ مُتَزَبِّعَا
وَإِنْ ضَرَّسَ الغزوُ الرِّجالَ رَأَيْتَهُ*
أَخَا الحربِ صَدْقًا في الِّلقاءِ سَمَيْدَعَا
وما كان وَقَّافًا إذا الخيلُ أَجْمَحَتْ*
ولا طَائِشًا عندَ الِّلقاءِ مُدَفَّعَا
ولا بِكَهَامٍ بَزُّهُ عن عَدُوِّهِ*
إذا هو لاقى حَاسِرًا أو مُقَنَّعَا
فَعَيْنَيَّ هَلاَّ تَبْكِيانِ لِمَالِكٍ*
إذا أَذْرَتِ الرِّيحُ الكَنِيفَ المُرَفَّعَا
ولِلشَّرْبِ فابْكِي مَالِكًا وَلِبُهْمَةٍ*
شَدِيدٍ نَوَاحِيهِ على مَن تَشَجَّعا
وَضَيْفٍ إذا أَرْغَى طُرُوقًا بَعيرَهُ*
وعانٍ ثَوَى في القِدِّ حتى تَكَنَّعَا
وأَرْمَلَةٍ تَمْشِي بأشعثَ مُحْثَلٍ*
كَفَرْخِ الحُبَارَى رَأْسُهُ قدْ تَضَوَّعَا
إذا جَرَّدَ القومُ القِدَاحَ وَأُوقِدَتْ*
لهمْ نَارُ أَيْسَارٍ كَفَى مَن تَضَجَّعَا
وَإِنْ شَهِدَ الأَيسارَ لم يُلْفَ مَالِكٌ*
على الفَرْثِ يَحْمِي الَّلحمَ أَنْ يَتَمَزَّعَا
أَبَى الصَّبْرَ آياتٌ أَرَاها وَأَنَّنِي*
أَرَى كلَّ حَبْلٍ بعدَ حَبْلِكَ أَقْطَعَا
وَأَنِّي متى ما أَدْعُ بِاسْمِكَ لا تُجِبْ*
وكنتَ جَدِيرًا أَنْ تُجِيبَ وتُسْمِعَا
وَعِشْنَا بِخَيْرٍ في الحياةِ وَقَبْلَنَا*
أصابَ المَنَايَا رَهْطَ كِسْرَى وَتُبَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا*
لِطُولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا
وكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيْمَةَ حِقْبَةً*
مِن الدَّهرِ حتى قيلَ لنْ يَتَصَدَّعَا
فإِنْ تَكنِ الأيَّامُ فَرَّقْنَا بَيْنَنَا*
فقدَ بانَ مَحْمُودًا أَخِي حينَ وَدَّعَا
أَقولُ وقدْ طارَ السَّنَا في رَبَابِهِ*
وَجَوْنٌ يَسُحُّ الماءَ حتى تَرَيَّعَا
سَقَى اللهُ أَرْضًا حَلَّها قَبْرُ مَالِكٍ*
ذِهَابَ الغَوَادِي المُدْجِنَاتِ فَأَمْرَعَا
فَآثرَ سَيْلَ الوَادِيَيْنِ بِدِيْمَةٍ*
تُرَشِّحُ وَسْمِيًّا مِن النَّبْتِ خِرْوعَا
فَمَجْتَمَعَ الأَسْدَامِ مِن حَوْلِ شَارِعٍ*
فَرَوَّى جِبَالَ القَرْيَتَيْنِ فَضَلْفَعَا
فَو اللهِ ما أُسْقِي البلادَ لِحُبِّها*
ولكنَّني أُسْقِي الحبيبَ المُوَدَّعَا
تَحِيَّتُهُ مِنِّي وَإِنْ كانَ نَائِيًا*
وأمسى تُرَابًا فَوْقَهُ الأَرْضُ بَلْقَعَا
تقولُ ابنةُ العَمْرِيِّ مَا لَكَ بعدَما*
أراكَ حَدِيثًا نَاعِمَ البالَ أَفْرَعَا
فقلتُ لها: طولُ الأَسَى إِذْ سَأَلْتِنِي*
وَلَوْعَةُ حُزْنٍ تَتْرُكُ الوَجْهَ أَسْفَعَا
وفَقْدُ بَنِي أُمٍّ تَدَاعَوا فلمْ أَكُنْ*
خِلافَهُمُ أَنْ أَسْتَكِينَ وَأَضْرَعَا
ولكنَّني أَمْضِي على ذاك مُقْدِمًا*
إذا بعضُ مَن يَلْقَى الحروبَ تَكَعْكَعَا
وغَيَّرَنِي ما غالَ قَيْسًا وَمَالِكًا*
وَعَمْرًا وَجَزْءًا بالمُشَقَّرِ أَلْمَعَا
وما غالَ نَدَمَانِي يَزيدَ وَلَيْتَنِي*
تَمَلَّّيْتُهُ بالأهلِ والمالِ أَجْمَعَا
وَإِنِّي وَإِنْ هَازَلْتِنِي قدْ أَصَابَنِي*
مِن البَثِّ ما يُبْكِي الحَزِينَ المُفَجَّعَا
ولستُ إذا ما الدَّهرُ أَحْدَثَ نَكْبَةً*
وَرُزْءًا بِزَوَّارِ القَرَائبِ أَخْضَعَا
قَعِيدَكَ أَلاَّّ تُسْمِعِيني مَلامَةً*
ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ فَيَيْجَعَا
فَقَصْرَكِ إِنِّي قدْ شَهِدْتُ فَلَمْ أَجِدْ*
بِكَفِّيَ عَنْهمْ لِلْمَنِيَّةِ مَدْفَعَا
فلا فَرِحًا إِنْ كنتُ يومًا بِغِبْطَةٍ*
ولا جَزِعًا مِمَّا أَصَابَ فَأَوْجَعَا
فلو أَنْ ما أَلْقَى يُصِيبُ مُتَالِعًا*
أوِ الرُّكْنَ مِن سَلْمَى إِذن لَتَضَعْضَعَا
وما وَجْدُ أَظْآرٍ ثَلاثٍ رَوَائِمٍ*
أَصَبْنِ مَجَرًّا مِن حُوَارٍ وَمَصْرَعَا
يُذَكِّرْنَ ذا البَثِّ الحَزِينِ بِبَثِّهِ*
إذا حَنَّتِ الأُولى سَجَعْنَ لَهَا مَعَا
إذا شَارِفٌ مِنهنَّ قَامَتْ فَرَجَّعَتْ*
حَنِينًا فَأَبْكَى شَجْوُهَا البَرْكَ أَجْمَعَا
بَأَوْجَدَ مِنِّي يومَ قامَ بِمَالِكٍ*
مُنَادٍ بَصِيرٌ بالفِرَاقِ فَأَسْمَعَا
ألمْ تَأْتِ أَخْبَارُ المُحِلِّ سَرَاتَكمْ*
فَيَغْضَبَ منكمْ كلُّ مَن كان مُوجَعَا
بِمَشْمَتِهِ إِذْ صَادَفَ الحَتْفُ مَالِكًا*
وَمشْهَدِهِ ما قَدْ رَأَى ثمَّ ضَيَّعَا
أآثَرْتَ هِدْمًا بَالِيًا وَسَوِيَّةً*
وَجِئْتَ بِهَا تَعْدُو بَرِيدًا مُقَزَّعَا
فلا تَفْرَحَنْ يومًا بنفسِك إِنَّنِي*
أَرَى المَوْتَ وَقَّاعًا على مَنْ تَشَجَّعَا
لَعَلَّك يومًا أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ*
عليكَ مَن الَّلائِي يَدَعْنَكَ أَجْدَعَا
نَعَيْتَ امْرَأً لو كانَ لَحْمُكَ عندَه*
لآوَاهُ مَجْمُوعًا لَهُ أَو مُمَزَّعَا
فلا يَهْنِئِ الوَاشِينَ مَقْتَلُ مَالِكٍ*
فقدَ آبَ شَانِيهِ إِيَابًا فَوَدَّعَا



******



د. أبو شامة المغربي