فهل من ملبّي لنداء الحبّ !!؟؟


( إني أكثر الأنصار مالا فأقسم مالي نصفين
ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمّها لي أطلقها
فإذا انقضت عدتها فتزوجها.
قال: بارك الله لك في أهلك ومالك أين سوقكم ) ....
صحيح البخاري 3/1378 ، حديث رقم (3569)

إنه قول الصحابي الجليل :

سعد بن الربيع الأنصاري

لأخيه من المهاجرين – عبد الرحمن بن عوف – بعد أن تركوا الأهل والديار ,
وهاجروا بأموالهم وأنفسهم ليرفعوا لنا راية الإسلام على أرض المعمورة !!

والله إن لسعد كريم في عطائه , وعبد الرحمن نبيل في صدق قولته !!
لم يرض صاحبه أن يقاسمه ماله , بل أراد أن يأكل من عرق جبينه !!!

أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - منشؤهم الحلال والبعد عن الحرام !!!


الزوجة كانت تودّع زوجها وتقدّم له أغلى الوصايا :
يا فلان اتق ِ الله ولا تأكل حراما , نصبر على الجوع ،
ولا نستطيع أن نصبر على عذاب جهنّم ..


وإذا جاء آخر النهار , استقبلته بوجه مشرق وهي تقول له :

كم نزل من القرآن , وكم حفظت من حديث رسول الله !!؟؟؟

أصحاب سيد البشرية أحدهم كان لا يملك إلاّ قوت يومه !!!!
أصحاب المصطفى لم يتعرضوا لأمراض عصبية وعقد نفسية !!!

بالله عليكم تعالوا نسأل التاريخ !!؟؟؟

هل تعرّض أحد من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لأمراض نفسية وعقلية !!؟؟؟
هل عرفوا أمراض الإيدز , و السارز , و الاكتئاب, وأنفلونزا الطيور ووووووووو !!؟؟؟


إنهم والله أمة نظيفة خرجت إلى الدنيا بقلوب طاهرة ,
وعقول راجحة , وفتوحات عظيمة ملأت الدنيا والآفاق نوراً وعدلاً وإحساناً!!..

أصحاب معلمنا وقائدنا كان شعارهم :

{ قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ} [ سورة التوبة :51] .

في أيّ مدرسة تعلم هذا الجيل المحمدي , وأين نحن منهم الآن !!؟؟


إنهم تعلموا في مدرسة المربي الأعظم , صاحب الروح الكبيرة ,
والنفس العالية التي وسعت جلّ آلام الإنسانية وأتراحها وأفراحها ,
وملأت الأرض نوراً وعدلا ًً, وحبّاً وخُلقاً وإحساناً !!

سيّد البشرية , سيّد الحكماء والعظماء , سيّد العالمين نبيّنا الحبيب
كان لهم أسوةً ومثلاً عظيما في زرع الحبّ والتآخي في أنفسهم وأرواحهم ,
يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ,
لأنهم علموا بحقّ أنّ هذا هو طريق العظماء المُخْلَصين لله ولرسوله ,
فكيف لا يسطّر التاريخ والزمان سيرتهم !!؟؟؟

{وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُوا ٱلدَّارَ وَٱلإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} [ الحشر : آية 9 ]

كان سعد بن الربيع بن عمرو الخزرجي – رضي الله عنه- أحد النقباء الاثني عشر
في يوم بيعة العقبة وكاتبا , وسيّد بني الحارث ..

شهد يوم بدر مع أصحاب الرسالة الربانية , مع سيد الخلق والعالمين ,
وغزا يوم أحد ونال وسام الشهادة في سبيل الله !!

البطل المجاهد ينزل حومة المعركة - يوم أحد - بعد أن اشتد وطيسها ,
وقد صدق في بيعته مع الله ورسوله , لينال الفوز العظيم !!

{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ التوبة : 111] .

تفقد الحبيب القائد العظيم جنده الأبطال بعد انتهاء المعركة فلم يجد
سعد بن الربيع بينهم فيبعث زيد بن ثابت ليتفقد شهيد أحد ...

زيد بن ثابت عن أبيه قال :
ثم بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد لطلب سعد بن الربيع وقال لي:
( إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له :
يقول لك رسول الله كيف تجدك !؟ )
قال فجعلت أطوف بين القتلى فأصبته ,وهو في آخر رمق وبه سبعون حصول ما بين طعنة برمح , وضربة بسيف ورمية بسهم
فقلت له :
يا سعد إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقرأ عليك السلام
ويقول لك :
خبرني كيف تجدك
قال:
على رسول الله السلام وعليك السلام
قل له:
يا رسول الله أجدني أجد ريح الجنة , وقل لقومي الأنصار لا عذر لكم ثم الله أن يخلص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وفيكم شفر يطرف .
قال:
وفاضت نفسه - رحمه الله-
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
المستدرك على الصحيحين 3/222 ، حديث رقم (4906) .


يدخل رجل على سيدنا أبو بكر الصديق صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
في بيته فيجد عنده طفلة يرعاها ويحنو عليها , ويطعمها ويسقيها

يسأله الرجل :

من هذه الطفلة يا أبا بكر ؟؟

يجيبه الصديق :

إنها بنت رجل خير من أبي بكر !!


وهل هناك خير منك , وأنت خير الرجال من بعد النبيّ الأميّ !!؟؟؟

يجيبه الصديق الصدوق :

نعم !!

إنها بنت سعد بن الربيع شهيد أحد !!!

جيل محمّد - معلّم البشرية جمعاء - كان مصابيح الهدى لمن أراد أن يهتدي بنورهم ,
ويسير على نهجهم , ويقتدي بِسِيَرهم التي ملأت صفحات العالم نوراً وعدلاً وإحساناً !!

هل لنا يا أمّة الحبيب أن نتخطى أسوار الزمان لنصل
إلى العتبة الطاهرة التي نشأ فيها هذا الجيل المحمدي !!؟؟


ألم يكن الحبيب المصطفى قدوتهم وإمامهم !!؟؟؟

فبهديه اهتدوا , وعلى نهجه ساروا , ومن معين فيض عظمته نهلوا
فكانوا خير جيل أنجبته الرسالات السماوية خُلقاً وعلماً وكمالاً وأخوةً وإحساناً !!

تاريخهم فاض بالبطولات والمروءات , فكان والله حقّاً تاريخاً عظيماً لا مرية ولا كذب فيه ,
ولا رياء ولا نفاق , ولا ضغينة ولا أحقاد !!

لم نجد منهم إلاّ بريق الإيمان , وثبات العقيدة , وطهر القلب ,
ورفعة النفس التي أضاءت الدنيا بهدي شريعة الإسلام !!!

إنهم رجال تعلّموا الصدق والوفاء والإخلاص من معلم البشرية !!

فكانوا أخوةً متحابين في الله , يأملون أن يجلسوا على منابر من نور ,
يغبطهم الأنبياء والصديقين والشهداء !!


و في سنن الترمذي 4/567 ، حديث رقم (2390) :
عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني حدثني معاذ بن جبل قال :
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول :
( قال الله عز وجل ثم المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء ) .


نداء الأخوة والمحبة في الله ينادينا يا أحباب الله ,



فهل من ملبيّ يا أمة الإسلام لنداء الحبّ !!؟؟؟



نداء يخالط القلوب , ويضيء العقول , ويداعب تآلف الأرواح ,ويبعث الحياة في النفوس !!!
نداء يضرب على أوتاره لحن معاني الأخوة , والولاء والتنا صرفي كل زمان ومكان !!
نداء يعجز القلم عن تصوير معاني رقيه , ونُطْق جوارحه , وتعابير حسّ صدق حبّه ومودته !!
نداء يحوّل النفس البشرية إلى شعاعٍ مُضيء يكمن في داخله لمسات الحب والتآخي في الله !!
نداء يؤلف بين القلوب ويربطها ببعضها البعض برباط المودة والقربى , ويظلّ من يلبيه بظلّ الرحيم الرحمن !!

نداء يعلن في الآفاق صوته مدويّاً :
تلك هي مدنية الأخوة في الإسلام !!
تلك هي مدنية المساواة لبني الإنسان !!
إنه والله لنداء عظيم لأخينا المسلم الإنسان !!
هيا بنا جميعا نتآخى في الله , وتتألف قلوبنا وأرواحنا على
محبة الله ورسوله النبيّ الأميّ , ونحيا مع هذه النعمة الجليلة ،
التي لا يعلم سرّ خبايا مكنونها في القلوب إلاّ خالق الكون والبشر ,
عسى الله أن يرحمنا ويعيد الكرامة والعزة لأمّة الحق , أمّة الإيمان وأمّة الإسلام !!







بقلم : ابنة الشهباء