والدكتور / محمد بن سعد بن حسين .. متجدد العطاء ولا يحصر عطاءاته العلمية داخل قاعات الدرس الجامعي ، ولا يكتفي بما يقدمه في إطار وظيفته الأكاديمية ، ولكنه يتجاوز هذه الدائرة الضيقة ، ويتفاعل مع حركة المجتمع في نهضته الثقافية والفكرية التي بدأت مسيرتها منذ منتصف القرن الرابع عشر الهجري ، وقد حاز قصب السبق في ميادين متعددة خدمةً للوطن وتفاعلا مع نهضته الحديثة .
- فهو أول من حاضر عن الأدب السعودي في المملكة العربية السعودية وذلك عام 1484هـ .
- وهو أول من دُعي إلى تدريس الأدب السعودي في المعاهد والكليات التابعة للرئاسة قبل أن تصير جامعة ، وهي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ثم حذت حذو هذا العمل جامعات المملكة .
- وأول من أسس مدرسة لتعليم المكفوفين وذلك عام 1376هـ ، وهو أول شخص في المملكة تعلم طريقة " برايل " وإلى جانبها تعلم الضرب على آلة المبصرين في عام 1373هـ . (2)
وجهود د / محمد بن سعد بن حسين : في مجال الدراسات والتأليف تتعدد مجالاتها .. وتتنوع محاورها ومنها :
1- الدراسات الأدبية والنقدية : وكتبه متعددة في هذا المجال .. ومن هذه الدراسات كتاب " الأدب الحديث في نجد " ، و " الشعر الحديث بين المحافظة والتجديد " و " الأدب الحديث : تاريخ ودراسات " .
2- تحقيق الكتب والدواوين : ومنها : " تحقيق ما تقارب سماعه ، وتباينت أمكنته وبقاعُه للشيخ محمد بن عبد الله بليهد " ، و " صفة جزيرة العرب للهمداني : تحقيق الشيخ محمد بن عبد الله بليهد ؛ وتصحيح وتقديم د / محمد بن سعد بن حسين .
3- رصْد معالم الحركة الأدبية المعاصرة : وقد تجلى هذا المحور في كتابه " كتب وآراء " وهو جزآن ، وهو رصْد تذوقي تأثري محايد لكثير من الكتب الأدبية والدواوين الشعرية ، والمجموعات القصصية .
4- النقد القصصي : وفي كتابه " وقفات مع بعض القاصين " تتجلى آراؤه النقدية في هذا الميدان .
5- النقد الشعري : وفي كثير من كتبه يقدم آراءه النقدية في هذا المجال ، ومن هذه الكتب [ حافظ إبراهيم : نظرات في شعره ] ، [ الأدب الإسلامي بين الواقع والتنظير ] و " الشاعر حمد الحجِّي " .
6- الإبداع الشعري : وقد قدّم للساحة الأدبية ثلاثة دواوين شعرية ومنها : " أصداء وأنداء " .
7- الفكر الديني : ويشرق في هذا المجال كتاب " زاد المتقين من كلام سيد المرسلين " وكتابه " الرسالة والرسول "
المحور الثاني :
من معالم فنون الأدب الحديث في نجد .. والجمع بين المنهجين : التاريخي والفني :
أولا : مدخل : في رصد معالم " الأدب " في منطقة نجد .. ، حرَص " د / محمد بن سعد بن حسين " على تحليل ملامح الفنون الأدبية التي حفلت بها منطقة نجد ... ، وهذه الفنون كان يَجْهلها دارسو الأدب ونقاده في العالم العربي .. ويقول د / محمد عبد المنعم خفاجي : " قرأت كتاب " الأدب الحديث في نجد " في نسخته الخطية المعدة للطبع ، ولقد أكبرت جهد المؤلف وما بذله فيه من دأب ومثابرة وحرص ، على أن يفي تاريخ بلاده الأدبي حقه من البحث والدراسة ، والكتاب في كثير من موضوعاته جديد ، وبحوثه في أغلبها غير مطروقة ، وهو يضيف إلى تاريخنا الأدبي الحديث إضافات غنية توضح صورة الأدب العربي في بيئة من أكبر وأقدم بيئاته ، وهي بيئة نجد العربية الخالصة ، " ص 282 " الأدب الحديث في نجد "
والفنون الأدبية التي رصد الكاتب أهم معالمها في سياق الحقبة التي ظهرت فيها ، وفي سياق الثقافة السائدة ، والتقاليد والأعراف .. والمؤثرات الاجتماعية والسياسية والدينية التي لم يغفلها المؤلف ..، هذه الفنون تتمثل في الشعر ، وفن الخطابة ، وفن الكتابة ، وفن القصة ، وفن المقال ، وقد عُني المؤلف بفن الشعر .. وفن الخطابة ، ورصد مظاهر تطور هذين الفنين ، وكذلك احتفى بفن الكتابة ، وحرص على رصد مظاهر الارتقاء والانحدار في الفن الكتابي .. ومنه " فن المقال " ؛ وكذلك فن القصة الذي لم يحظ بعناية المؤلف حيث لم توجد النماذج الفنية الجيدة في هذه المرحلة المبكرة .
وأهم سمات الأسلوب التي اصطبغ بها منهج د / محمد بن سعد بن حسين في هذا الرَّصد لمعالم الأدب الحديث في نجد بفنونه المتعددة " شعراً ونثراً " :
أ - يغلب على أسلوب الكتاب طابع المحاضرات ، حيث يصوغ د / محمد بن حسين عباراته صياغة أدبية جيدة ، تجمع بين الحقيقة العلمية والحس الجمالي الفني ، وهذا المسلك يقترب من نهْج د / طه حسين في كتابه " حديث الأربعاء " ولذلك يخْلو الكتاب من الحواشي والهوامش والنقول الكثيرة لأن المؤلف يتعامل مع النصوص .. تعاملا قائما على التقويم والتحليل والموازنة والاستنباط ، وقد قدم المراجع والمصادر مجملة في آخر الكتاب .
ولم يقسم المؤلف الكتاب إلى أبواب أو فصول ، وإنما قسمه إلى أربع محاضرات ، والقسم الأخير من الكتاب : ألقى فيه المؤلف الضوء على دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وأثرها في أدبنا الحديث ، ومهد لهذه القضية بتاريخ موجز للأمير / محمد بن سعود ؛ وهذا المهاد التاريخي قُدِّم في صورة مقالة . وأشار المؤلف أنها نشرت في مجلة راية الإسلام بالرياض 1379هـ ولكن الجزء الخاص " بأثر دعوة محمد بن عبد الوهاب " في أدبنا الحديث : تركه المؤلف بلا تحديد : هل هو محاضرة أم مقالة ، أم تتمة للكتاب ؟!! وهذا مخالف لسياق الكتاب الشكلي التنظيمي .
ومما يُنْبئ عن طبيعة الأسلوب في هذا الكتاب أن د / عبد السلام سرحان .. وصف ما قدمه د / ابن حسين بأنه " أمال طريفة " ، وقال المؤلف نفسه في مقدمته للكتاب ... ( وبعد )
" فهذه مجموعة محاضرات ألقيتها في مواسم مختلفة ، وفي سنوات متعددة " وفي المقـدمة التـاريخية .. يقول المؤلف مؤكدا طبيعة أسلوب المحاضرات " نَجْدُ – أيها السادة الكرام – اسم خالد يصحبه في سمع كل إنسان نغم جميل "
ويفتتح موضوع " الشعر في نجد بقوله : أيها السادة الكرام " ؛ ويمهد لهذا الموضوع بلوحات أسلوبية مشرقة – وصور أدبية بليغة ، وتجسيد فني للمراحل التاريخية والاجتماعية التي مرّت بها نجْد من خلال خيالات الشعراء وتجاربهم المتنوعة ، وأغراضهم المتعددة .
ب - الجمع بين الحقيقة العلمية والحس الجمالي الفني في عرض وتحليل القضايا الأدبية والنقدية :
وحديثه عن الشعر والشعراء ، وتصويره لخصائص وسمات الأغراض الشعرية يترجم هذا المنحى الأسلوبي ويمثله خير تمثيل .. يقول " د / محمد ابن سعد بن حسين " مازجا بين دقة الناقد وصياغة الأديب البيانية [ إن الحـديث عن الشعر والشعراء حديث عن الفن والجمال ، والسحر والخيال ، حديث عن الفن الرفيع والتصوير البديع لكل ما هو كامن في خفايا النفوس البشرية من أحاسيس ومشاعر مختلفة .. امتدت إليها ألسنة سبقت وفاقت ريشة الرسام في جمال تصويرها ، وفتنة سحرها .. ألسنة تقتدّ ألفاظها من الصخور تارة ، وتغرفها من الغدير المشمول تارة أخرى ، فتضعها في ثياب العواصف والأعاصير العاتية ، أو تستعير لها قميص النسيم الهادئ العليل ، أو تختطف معانيها من الوجوه المتقلبة لصور الحياة المختلفة المملوءة بالمفاجآت والأحداث ، فأخرجت تلك المشاعر والأحاسيس مرة في صور غاضبة مكفهرة كالهجاء والوعيد ، وأخرى مترفعة ، تتهادى إليك متبخترة ، تحوطها هالة من الكبرياء والخيلاء ، وتلك صورة الفخر والمديح والإطراء ، ثم تظهر لك على خشبة المسرح صور كلها أناقة وظرْف ورشاقة وخفة ، صورة توردها لواعج الشوق ، وتلوح على شفتيها ابتسامة اللقاء ، وتظللها إشراقة الأمل ، وتلك هي صورة الغزل والآمال في المستقبل .
وقد تبدو لك صورة باكية حزينة تذيب القلوب بنار الحزن والألم ، فتُسيل أناتها دموع العين ، وتقد حسراتها العبرات في الصدور ، وتلك هي صورة الرثاء والحب المعقد المقيد بالظروف والملابسات ؛ أو تظهر لك الصورة في ثياب الناصح أو الزاهد القانع ، وذلك هو شعر الحكمة والزهد، وقد تقوم الصورة مقام الرسام ، فتصور لك شيئا من جوانب الحياة حتى ترى فيها من الأشياء ما غاب عنك ، وذلك هو شعر الوصف .
صـور أجمـل من الجمال ، وأي جمال بعد التلذذ بالجمال إن لم يكن هو ؟!! [ ص ( 14 -15 ) الأدب الحديث في نجد ]
والجمع بين الدقة العلمية والحس الجمالي الفني الذي يوحي ولا يصرح .. يتجلى في رؤية الناقد " د/ ابن حسين " حين يرسم صورة الأديب الحقيقية ثم يردفها بالصورة المزيفة التي خُدِع بها المجتمع فأقبل عليها .. وتناسى الصورة الحقيقية ..؛ يقول " ابن حسين " " فالأديب : ليس براهب ولا متصوف يعيش على ما يجود به مجتمعه ، وهو ليس بآلة تصهر الحديد وتفتت الصخور ، ولا بعامل يضرب بالمطرقة ويمسك بالمحراث .. ويغرس البذور .. وإنما هو ذلك كله .. لأنه خليط من المادية والروحانية ، ككل إنسان استوت فيه هذه الكلمة .. إلا أن الله اصطفاه من بين بني جنسه ، بأن جعله مصدر الإشعاع الذي يضيء بفكرته الصائبة طريق الحياة لأخيه الإنسان ، فمن ذلك الأديب ؟ هل كل من كتب قصيدة أو قصة أو مقالة أديب ؟
إن عيب مجتمعنا أنه لم يعد قادراً على التفريق بين الأدباء وبين المرتزقة في سوق الأدب ، فاستوى عنده الأدب السامي في هدفه ، المتين المستقيم في خلقه ، الأصيل الفصيح في لغته وفي أسلوبه ؛ والأدب الهادم في فكرته .. الساقط في عبارته ، اللّحانة في لغته ، فرحم الله مجتمعا هذه صفته ، وعزاء لأدبائه الذين تجنَّى عليهم مجتمعهم .. فأشرك معهم في رسالتهم من أفسد عليـه أمرهم ، فأسِن نبعهم بعد عزوف الواردين ، وهنيئا للمرتزقة المتكسبين .
[ ( ص 217 – 218 ) الأدب الحديث في نجد ]
والجمع بين المنهجين : التاريخي والفني .. من سمات الخطاب النقدي للدكتور محمد بن حسين ، وفي تصويره لآفاق التجربة الشعرية .. ورصده لأغراض الشعر ، وكذلك في رؤيته لطبيعة الأديب وشخصيته ، وفي تحديد موقفه من التناقضات في الحياة الأدبية ، وقد صور هذه التناقضات في بعض ملامحها بأنها " سوق التسول في الأدب " ، .. هذه الآفاق قدمها " ابن حسين " في صياغة أدبية جمالية ؛ ولكنه في رصد تطور الظواهر الأدبية اتكأ على معالم " المنهج التاريخي " وهو يعنى بتطور الظاهرة الأدبية ، وينقب عن تأثرها بالأحوال السياسية والاجتماعية وظروف العصر التاريخية ، وكذلك تأثيرها فيما يستجد من ظواهر ، مع عدم إغفال العوامل البيئية وأثرها في تحديد ملامح الظاهرة الأدبية .
" ود / ابن حسين " في اتكائه على معالم المنهج التاريخي قد تلافى العيوب التي تصاحب هذا المنهج حيث لم يهمل الجانب الفني المتعلق بالقيم الشعورية والتعبيرية والجمالية ، وهو لم يهمل النوازع الفردية ، والفروق الشخصية بين الأدباء حسب مواهبهم وملكاتهم ، وهو لم يعمم الأحكام العامة على كل أدباء نجد سلبا وإيجابا ، ضعفا وقوة .
ومن مخاطر " المنهج التاريخي " التي تشوب جهود بعض النقاد والباحثين ، الاستقراء الناقص ، والأحكام الجازمة ، والتعميم العلمي ، وإلغاء قيمة الخصائص والبواعث الشخصية في النتاج الأدبي . (3) ، (4)
ثانيا : الفنون الأدبية ومعالم تطورها :
1- فن الشعر :
ورصد الناقد د / محمد بن سعد بن حسين تطور الشعر في نجد من منتصف القرن الثاني عشر إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري في محاضرته الأولى .. وفي هذه المحاضرة قدم تحليلا لأهم أغراض الشعر بعد مقدمتين : جغرافية وتاريخية ، وقدم تحليلا موضوعيا وفنيا لأهم مشاهير الشعراء في هذه الحقبة ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين ، والشاعر الشيخ / محمد بن بليهد .
وتمشيا مع معالم المنهج التاريخي نجد الناقد المؤرخ في محاضرته الثانية يقدم صورة واقعية محايدة للشعر في نجد بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري ، وفي هذه الحلقة أبرز د / محمد بن حسين مظاهر التطور والتجديد في الشعر السعودي ، وانفتاحه على مدارس التجديد في العالم العربي ، وعُني المؤلف في هذه المحاضرة بالموازنات والقضايا الكثيرة التي تشغل الساحة الأدبية والنقدية إلى الآن .. ومنها ماهية التقليد والتجديد في الأدب، وقضية الشعر الحر ، وقضية الشعر المنثور ، وتحليل بعض النماذج الشعرية تحليلا فنيا جيدا ، وتقديم ملامح موضوعية وفنية من سيرة أعلام الشعراء في هذه الحقبة .
ومن أهم الرؤى التي قدمها الناقد في هذه الحقبة : وهو يرصد ملامح الشعر ومسيرته الفنية :
أ?- تصنيف الشعراء من حيث درجة التقليد والمحاكاة ، وقد صنف الشعراء إلى ثلاثة مستويات ينبئ عنها هذا النص من محاضرته :
" أيها السادة : ومهما قلنا عن الشعر في تلك الفترة من تاريخ النهضة في هذا الربع من بلادنا ، وما بلغه أربابه من إحكام وتجويد ، فإنا لا نستطيع أن ننكر أنه كان شعر محاكاة وتقليد في جملته ، إلا أن أولئك الشعراء – رحمهم الله – تباينوا تباينا ظاهرا في ذلك التقليد فكان منهم من أشبه شعره عهود التخلف .. كابن سحمان ، ومنهم من أشبه شعره شعر الفحول في عصور الازدهار كالشاعر الكبير ابن عثيمين ، ومنهم من كان وسطا بين ذلك مثل ابن بليهد ، لكن أحدا لا يستطيع – أيها السادة – أن ينكر أن أولئك السابقين كان لهم في تقليدهم من الفضل على الشعر في هذه البلاد ما قد يفوز به مُدّعو التجديد في تجديدهم ، فلقد فتحوا – رحمهم الله – للشعر المعاصر في هذه الربوع أبوابا كانت مستحكمة الحلكة والسواد ، وجدّدوا له من السبل الدوارس والمعالم الروامس ، والسنن المعطلة ، والمرابع المهملة ، ما سما بهم إلى مصاف الباعثين المجددين " .
ب- التقويم الموضوعي المحايد لنتاج كبار الشعراء :
في سياق تقويم تجربة ابن عثيمين الشعرية ، نجد ابن حسين يحكم على هذه التجربة حكما موضوعيا محايدا بعيدا عن المجاملة ، وبمنأى عن التشويه وإغفال القيمة الأدبية والدور الذي قام به ابن عثيمين في المرحلة التي عاصرها ، وفي ضوء السياق التاريخي والاجتماعي ، ومراعاة لمعطيات البيئة، وملامح الشخصية ، واحتكاماً إلى القيم الدينية .. وانطلاقا من هذه الفضاءات التي تحركت فيها شاعرية ابن عثيمين .. نجد الناقد والمؤرخ الأدبي " محمد بن حسين " يقدم هذه الرؤية الناقدة التي ترصد ما قدمه ابن عثيمين في تجربته من خلال أغراض شعره ، يقول ابن حسين :
" فأما الغزل والنسيب فميدان تجانبه بيئته ، ويتحرج من مقارفته معاصروه خاصة طلاب العلم والعلماء ، من هنا وجدنا شاعرنا الشيخ يسلك فيه مسلك السابقين ، فيأتي به في مطالع قصائده عرضا ، وغير مقصود .
وأما شعر الفلسفة ونقد النظم الاجتماعية ، فإنما يجد البيئة الصالحة ، والمنبت الخصب ، في المجتمع المتقدم فكريا وحضاريا ، حيث توجد العقلية الفكريـة الناضجة ، وحيث تتعقد الحياة الاجتماعية نتيجة للتقدم الحضاري .
وبيئة شاعرنا ابن عثيمين بيئة بدائية ، أقرب إلى البداوة منها إلى الحضارة ، فالسهولة الميسرة طابعها في كافة مجالاتها .
أما الحكمة / فمبثوثة في ثنايا شعره ، لا يجمعها نظام ، ولا يؤنسها التئام ، فهي أبيات مبعثرة هنا وهناك ، تأتي عرضا ، ولا تقصد غرضاً .
وأما الوصفة فقد حاكى ابن عثيمين فيه السابقين ، يحذو حذوهم ، وينهج نهجهم ، شأنه في جميع مناهج شعره ، فوصف السحاب والمطر ، والقفار والأسفار ، والإبل والخيل ، على نهج وبأسلوب لو نزعت منه اسم ابن عثيمين وأثبت مكانه اسم شاعر جاهلي أو إسلامي قديم لما شك ناظر في صدق هذه النسبة .
وعلى الرغم من هذه الوقفة النقدية المحايدة مع نتاج ابن عثيمين .. فإننا نجد د / محمد بن حسين يعد بدراسة الشاعر دراسة مستوفية لجوانب شخصيته وشعره ويصفه بأنه : الرائد الأول والإمام المتبع في سنة الشعر في عصره الحديث على بساط أم الشعر ومرضعته الأولى " نجد " [ ص 46 " الأدب الحديث في نجد " ]