أسلّم أمر القلبَ إليكَ ياربِّ!!...
سورة الحمى تساور القلب كشعلة لهيب تستعر , لم تدع موضعا من العروق إلا ومسّته بجمر نارها ...
أيّ ألمٍ هذا دقّ سنام القلب !!؟؟؟...
الكلم يتوقّد ليضطّرم بلهيبه , والألفاظ تنتفض بلعاب سحر ألمه , والدم يتدفّق من مداد مهيض جرحه ....
معركة حامية الوطيس لا أدري أما زالت قائمة كما كانت عليه من ذي قبل !!؟؟؟..
أم هناك ثمة محاولة من سكن الخيال والوهم لتحيا النفس عالم السعادة الهائمة المزيّفة مع ذات النفس!! ؟؟؟..

حاولت أن أستعين بكلّ الفنون , والتعابير المستقاة ليفيض إلى القلب حالة من الأمن والاستقرار!!؟؟..

ابتعدت عنك أيها القلم وحسبت أنني سأخفّف من حدّة الكلمات المرتشعة في القلب, وأبسط من رعدة الحزن والأرق في النفس , وأبعد عن خواطري الهائجة الحزينة لأخرج إلى دنيا الناس وكأن ّخيوط الضوء كلّها موسومة فوق القلب , وشبكات البسمة مفصّلة على الثغر!!....
بحاجة إليك لأبوح عما يعتري النفس من سمات المعاني الدفينة , والخواطر الحزينة التي أصابت لبّ الفكر , وصدر القلب ...
فما في الداخل بركانٌ يكاد أن يتفجّر , ويتشعب منه أمور وأمور .. ولن يريحني إلاّ أن أقف معه وقفة صدق , وأهتك لنفس نفسها سرّ أمرها ....

متناقضات ومتشابهات في عالم حياتي تدور رحاها من الماضي وتتصل بالحاضر ولا يمكن أن تعلم ما في الغد لأنّ الأمر كلّه بيد الله خالق الخلق ....
أنتقل بخواطري من أمر إلى أمر , ومن عقدة إلى عقدة ولا أحد سوى رب الخلق يعلم ما تلفّ النفس من عواصف عاتية, وبراكين هائجة تصبّ حمم لهيبها على رؤى القلب .....
ولا جواب لتفسير تلك الحالات وإلا فقد أقع في حيرة أكبر وأشمل مما أنا عليه من العذاب والألم ...

محنةٌ تلد المحنة , وأحسب أني تخلّصت من شوائبها , لكن أجدها مجموعة من شائكات لا حلّ لعقدة وثاق أمرها , ولا انفصام لعراها !!...

عذابٌ قاتل قي الداخل درجة غليانه تعلو وتفور فوق الممكن , أثبتُ عنده حيناً , وأكاد حيناً آخر أهلك دونه !!...
نوع متفرّد بحقيقة نفسه , ليس سوى الله يعلم قوّة ألمه , وضرب عذابه , ولا زالت الروح تلتهب من الظمأ , والقلب يتثلّم من جرح ألمه , والعين تذبل من السهد مع جوار الدمع , وما أنا أمام هؤلاء سوى فتاة تطوف بالدنيا على هواها كعصفورة صغيرة تترامى من جبل إلى جبل, ومن جنّة إلى جنّة لتلقط حبّة طعامها , وقشة سعادتها !!...

أمن الممكن أن أبيّن لهم حقيقة مافي الداخل !!؟؟؟..
هل من الممكن أن أحتوي مافي القلب مدى العمر لوحدي !!؟؟؟..
يعني ذلك أنّني سوف أكذب كذبة كبيرة تزيد من وهج لهيب القلب!!....

لم أعدو إلى القلم إلاّ لأنّ هناك حالة ريح من العذاب تكاد لا تقف ولا تتأخّر !!..
فما إن غطّت قبّة الليل هذا الكون العجيب إلاّ وغدوت أعدو لاهثة أبحث عن صديق أبوح له عن تاريخ أقدم صدق , وأعرق وفاء عرفه القلب ...
إنه والله بحقّ صخرةٍ عاتية , لن يترجرج ما فيه من النزعات والشبهات , ولن يصبه الصدوع والانكسارات إلا ليتشقّق منه عذب الإخلاص , ونبع الصدق والوفاء !!..
ليس أمامي الآن إلاّ بالاعتماد على الثقة بالله وقضائه , والتوسل برحمته وفضله , لأنّ الثقة بالله هي أساس الصدق والإخلاص , والإيمان والوفاء ....
الثقة ستدفغني - بإذن الله - إلى الترفّع عن دنايا وآثام الدنيا , وستلقي على النفس ظلالا ورافة ندية , يترقرق فيها نبع الإيمان , وتشدّ بخواطر النفس إلى أجمل وأعظم معاني الصبر ....

الصبر !!!...
يا الله !!!...
ياله من كلمة يكمن فيها الثبات والاستعلاء والتسليم لأمر الله , وإذا أراد أمراً فإنه يقول له كن فيكون !!...
يا ربّ يتلجلج القلب ويزيغ , ويستجيش بطاقات وأشواق الطبيعة البشرية !!..
يا ربّ اكشف عن بصيرتي علّة شرر هذه النوازع , واهدني إلى طريق الحق والصواب , و الهدي والإيمان !!..
أنت الوحيد العليم بمكنونات سرّي وعلانيتي !!..
فأدعوك يا رحمن يا رحيم !!..
أدعوك أن لا تزغ قلبي عن طريق الهدي والإيمان , وهب لي من لدنك رحمة إنّّك أنت الوهّاب.....

يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك لترّف عليه آفاق وضيئة ,وأضواء كاشفة لمعالم الهدي والإيمان , وتنتهي الحياة إليكَ يا مالكَ الملك بسهولةٍ ورفقٍ !!....

اشددّ من أزري يا رحمن يا مانح يا وهّاب ...
اشددّ من أزري لأقيم القلب على أسس عمارة الإيمان , والصدق والإحسان ...
أدعوك يا عالم الظلال المنسابة في النفس أن ترفع عني آثام الضعف بالإيمان والهدي , وتغفر لي الذنوب بالدعاء والاستغفار ...

ظالمة بين يديكَ , ترجو رحمتكَ , وتأملُ رضاكَ وعفوكَ ...
لن ألجأ إلى سواكَ يا ربّ , ولن أهرب منك إلاّ إليك , فأنت الحاكم الحكيم بمكنونات النفس , والمدبّر المقدّر لأمر كلّ مافي الكون ...

أسلم الأمر إليك ياربِّ فالتدبير لكَ ومنكَ وإليكَ ...

بقلم : ابنة الشهباء