لُغَتُنَا الجَمِيْلَةُ ... صَفْحَةٌ فِي اللُّغَةِ : في كَرَمِ الأَخْلاقِ وَلُؤْمِهَاِ :




يُقَالُ : فُلان كَرِيم الْخَلِيقَة ، شَرِيف الْمَلَكَةِ ، سَرِيّ الأَخْلاق ، نَبِيل النَّفْسِ ، حُرّ الْخِلال ، مَحْمُود الشَّمَائِل ، أَرْيَحِيّ الطِّبَاع ، كَريم الْمَخْبَر، كَرِيم الْمَحْسِر، صَدْق الْمَعْجَم ، مَحْمُود الْمَكْسِر ، حُرّ الطِّينَةِ ، مَحْض الضَّرِيبَةِ، جَزْل الْمُرُوءة ، شَرِيف الْمَسَاعِي، أَغَرّ الْمَكَارِم .
وَإِنَّهُ لَمِمَّنْ تُتَوَسَّمُ فِيهِ مَخَايِل الْكَرَم ، وَيُقْرَأُ فِي أَسِرَّتِهِ عُنْوَان الْكَرَمِ ، وَيَجُولُ فِي غُرَّتِهِ مَاء الْكَرَمِ ، وَيَقْطَرُ مِنْ شَمَائِلِهِ مَاءُ الْكَرَمِ ، وَيَفُوحُ مِنْ خَلائِقِهِ عَرْفُ الْكَرَم ، وَإِنَّهُ لَيَنْطِق الْكَرَمُ مِنْ مَحَاسِن خِلالَهُ ، وَيَتَمَثَّلُ الْكَرَمُ فِي مَنْطِقِهِ وَأَفْعَاله .
وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ فُلانَاً مِنْ طِينَة الْكَرَم ، وَصَاغَهُ مِنْ مَعْدِن الْعِتْق، وَأَنْبَتَهُ مِنْ أَرُومَة الْحَرِيَّة ، وَجَمَعَ فِيهِ خِلالَ الْفُتُوَّةِ.
وَهُوَ بَقِيَّةُ الْكِرَامِ ، وَتَلِيَّة الأَحْرَار ، وَرَبِيب الْكَرَم ، وَتَوْأَم النَّجَابَة وَصِنْو الْمُرُوءة ، وَخُلاصَةُ الْحَسَبِ ، وَعُصَارَة الْكَرَم .
وَإِنِّي لَمْ أَرَ أَكْرَمَ مِنْهُ أَخْلاقاً ، وَلا أَنْبَلَ فِطْرَة ، وَلا أَطْيَبَ عُنْصُراً ، وَلا أَخْلَصَ جَوْهَراً ، كَأَنَّ أَخْلاقَهُ سُبِكَتْ مِنْ الذَّهَبِ الْمُصَفِّي ، وَكَأَنَّ شَمَائِلَهُ عُصِرَتْ مَنْ قَطْر الْمُزْن.
وَتَقُولُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ : هُوَ لَئِيم الضَّرِيبَة ، دَنِيء الْمَلَكَة ، خَسِيس الشِّنْشِنَة ، خَسِيس النَّفْسِ ، صَغِير الْهِمَّة ، سَافِل الطَّبْع ، زَمِن الْمُرُوءة ، لَئِيم الْحَسَبِ ، جَعْد الْقَفَا، لَئِيم الْقَذَال ، لَئِيم السِّبَال، دُونٌ ، سَاقِطٌ ، نَذْلٌ ، رَذْل ، فَسْل وَغْد وَغْب ، وَغْل ، رَضِيع ، وَرَاضِع، وَهُوَ رَضِيعُ اللُّؤْم ، وَلَئِيمٌ رَاضِعٌ .
وَقَدْ تَبَرَّأَتْ مِنْهُ الْمُرُوءة ، وَسُدَّتْ عَلَيْهِ طُرُق الْكَرَمِ ، وَهُوَ بِطُرُق اللُّؤْم أَهْدَى مِنْ الْقَطَا.
وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ بِلُؤْمِهِ ، وَخِسَّتِهِ ، وَدَنَاءَتِهِ ، وَسَفَالَتِهِ ، وَنَذَالَتِهِ ، وَرَذَالَتِهِ ، وَفَسَالَتِهِ ، وَوَغَادَتِهِ ، وَرَضَاعَتِهِ .
وَإِنَّهُ لَدَنِيء الأَصْلِ وَالْفَرْع ، لَئِيم الْحَمْل وَالْوَضْع ، وَقَدْ غُذِّيَ اللُّؤْمَ فِي اللَّبَنِ ، وَدَبَّ فِي اللُّؤْمِ وَشَبَّ ، وَإِنَّ اللُّؤْمَ حَشْو جِلْده ، وَمِلْء ثِيَابِهِ ، وَإِنَّ جِلْدَهُ لَيَنْضَح لُؤْماً ، وَإِنَّهُ لَتَجْرِي عُصَارَة اللُّؤْم فِي دَمِهِ ، وَإِنَّهُ لَيَرْعَف اللُّؤْمُ مِنْ أَنْفِهِ ، وَيَمُجُّهُ مِنْ مَسَامِّهِ .
وَهُوَ أَلأَمُ مِنْ أَسْلَم وَأَلأَمُ مِنْ مَاقِطْ وَأَلأَم مِنْ رَاضِع.
وَفِي الْمَثَلِ لا يَعْجِزُ مَسْك السُّوء عَنْ عَرْف السُّوء يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ اللَّئِيمِ يَكْتُمُ لُؤْمه جُهْده فَيَظْهَرُ فِي أَفْعَالِهِ .


وإلى اللقاء -بمشيئة الله- مع بابةٍ أخرى