قضايا عربية..
العالم العربي ودول الجوار.. إيران.
إيران, والخيار النووي.. الاستراتيجية.
لماذا هذا الصراع كلّه, وما هي أهمية المفاعلات النووية..؟
وهل الوصول إلى الوقود النووي, يعني امتلاك قنبلة ذرية, فقط..؟
حسابات اقتصادية مبسّطة:
إذا فرضنا أن صافي الإنتاج النفطي لإيران يوميا, هو: مليون برميل.
_ في الشهر يكون الإنتاج: 30 مليون برميل, وفي السنة يكون وسطيا الإنتاج: 350 مليون برميل.
_ إذا كان سعر برميل النفط: "25 دولار" للبرميل الواحد, يكون مدخول إيران سنويا: حوالي تسع مليارات دولار.
_ إذا كان سعر برميل النفط: "35 دولار" للبرميل الواحد, يكون مدخول إيران سنويا أكثر من 12 مليار دولار.
_ إذا كان سعر برميل النفط: "70 دولار" للبرميل الواحد, يكون مدخول إيران سنويا حوالي 25 مليار دولار.
إذا ستربح إيران سنويا بسبب الاحتلال الأمريكي للعراق وأزمة اليورانيوم "المخصب", " الوقود النووي", 12 مليار دولا سنويا, أو مليار دولار شهريا.
وهذا يكفي ويغطي تماما كل نفقات إنشاء المفاعلات النووية الإيرانية وإدارة وشراء وتخصيب اليورانيوم, وتطوير "صناعة السلاح" في إيران, وخصوصا "الصواريخ" بعيدة المدى.
وبدون أن تتحمل إيران أي ديون "للروس", أو أي عجز متزايد في الموازنة العامة للدولة ذات المصاريف "الهائلة" أصلا.
طبعا هذا الحساب ينطبق تماما على أرباح لصوص النفط العربي في العراق, أي المحتل الأمريكي, والفاسدين في السلطة العراقية الفاسدة, من كل الأديان والمذاهب والقوميات والأعراق والأحزاب والتجمعات.
ولكننا نرصد الآن "الربح الإيراني" فقط.
ولكن للحساب بقية أكثر أهمية.
إذا قبلنا أن إيران تتجه لأن تكون دولة ذات صناعة تصديرية و "وطنية", وتركز على صناعة السلاح, للأمن القومي وللأسواق المتعطشة.
لا يمكننا إلاّ النظر بإعجاب إلى هذه التطور الاستراتيجي الذكي لإيران.
ولا بد من الإشارة إلى أن مصر "الرئيس عبد الناصر", سارت في هذا الاتجاه قبل "أربعين عاما", من إيران, ولكن أرهقها الصراع العربي_الإسرائيلي, أو تحديدا الصراع, المصري_الإسرائيلي, أي مصر الرئيس عبد الناصر, في مواجهة إسرائيل.
والصراع, العربي_المصري, أي العرب في مواجهة مصر الرئيس عبد الناصر.
ثم جاء الرئيس أنور السادات, ليقوّض الأسس الحقيقية, لبناء صناعة مصرية "وطنية", وأمامها "أسواق" أفريقيا والعالم العربي.
ولا يزال هذا الخيار الاقتصادي, هو الحل الوحيد لمصر "المستقبل", ولا تزال هذه الأسواق بعينها, "مفتوحة" ومتعطشة.
نعود إلى إيران..
إن مشروع إيران في التحول إلى دولة صناعية, يتطلب تأمين عصب هذا التحول الكبير, وهو "الطاقة الكهربائية".
وبتبسيط أيضا, تحتاج إيران للوصول إلى محطات توليد كهربائي موزعة جغرافيا بحيث تتجنب مشكلتين رئيسيتين:
1_ تجميع الصناعات قرب محطات التوليد الكهربائي.
2_ نقل الطاقة الكهربائية إلى أماكن التصنيع والطلب العالي للطاقة.
أي بمعنى هي بحاجة إلى محطات توليد "جديدة", ولذلك اقتضى التفكير الاستراتيجي الإيراني الذكي ما يلي:
_ بدل بناء محطات جديدة تعمل بالنفط أو الغاز, على امتداد الجغرافيا الإيرانية, "محطات حرارية", ونقل "أنابيب" النفط او الغاز إليها.
والتي تتطلب أيضا "دارة تبريد مائي" معقدة, وهي وان كانت ذات تكلفة إنشاء معقولة, إلا إنها ذات كلفة وقود عالية وغالية جدا, وكيف إذا ما ارتفعت أسعار النفط.
_ تقوم إيران ببناء محطات نووية, بحاجة إلى "دارة تبريد مائي" على نفس درجة التعقيد, ولكن بتكلفة إنشاء هائلة, وكلفة وقود نووي مقبولة.
وعلى المدى القريب سيصبح إنتاج الكهرباء أقل كلفة عبر المحطات النووية منها عبر أي نوع من المحطات الأخرى, حتى في الدول النفطية, علما أن النوع الأرخص لتوليد الطاقة الكهربائية عمليا "عبر السدود", ليس خيارا إيرانيا.
ومن المهم جدا القول بأن الكهرباء التي يتم توليدها عبر المحطات النووية, تكون ذات مواصفات عالية, خصوصا للاستعمال في الصناعات العالية الاستهلاك, مثل الحاجة إلى استطاعة "ردّية".
او الدقيقة, أي التي تتطلب استقرار في مواصفات ذات طبيعة فيزيائية, مثل ثبات "تردد" الشبكة.
وتبقى الميزة "الاستراتيجية" الرئيسية لتوليد الطاقة عبر المفاعلات النووية هي "مرونة الأداء".
ويبقى الخطر الذي يرافق هذا الخيار هو تسرب الإشعاع, "الخطر البيولوجي".
نعود إلى الاقتصاد لنقول:
إن فاتورة إيران الحالية, من النفط, لتوليد الكهرباء, مع إدخال فاتورة الصناعات الثقيلة, هو20% من إنتاج النفط, أجل عشرون بالمئة من إنتاج النفط.
أي إذا عدنا إلى المثال السابق, نستطيع القول أن إيران تدفع ثمن الكهرباء 70 مليون برميل نفط في السنة, إذا كانت تنتج مليون برميل في اليوم.
وهذه الفاتورة سترتفع كلما ارتفع سعر النفط, وارتفاع سعر النفط لا يقابله ارتفاع موازي في أسعار اليورانيوم, وتبقى الكميات من اليورانيوم اللازمة لتوليد الطاقة الكهربائية وأسعارها لا تقارن أبدا بأسعار توليد الكهرباء بالنفط.
إذا وببساطة, لا خيار لإيران إلا التحول إلى إنتاج الكهرباء بالمحطات النووية التي تعمل بالوقود النووي الذي أنتجته إيران.
وخصوصا في صناعات السلاح التي تحتاج إلى, استهلاك عالي جدا من الطاقة, وشبكة كهربائية مغذية لها تتمتع "بالمرونة" و "الاستقرار".
علما أن هذا المشروع لا يقف عند حدود حاجات إيران الاستراتيجية, بل يتعداها لتصبح "الكهرباء" الإيرانية "سلعة" كالنفط يمكن بيعها وتصديرها عبر شبكات كهربائية, هي أقل كلفة بكثير من أنابيب النفط, لجهة الإنشاء والصيانة وزمن العمل.
خصوصا أن بعض دول الجوار الإيراني ستقع مستقبلا وقريبا في أزمة طاقة.
على أمل العودة إلى الكتابة عن إيران ودول الجوار, إن شاء الله.
23/4/2006