} صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب "فلسفة الحرية" لمجموعة من الباحثين. يتضمن هذا الكتاب بحوث الندوة السابعة عشرة، التي نظمتها الجمعية الفلسفية المصرية، بجامعة القاهرة، بعنوان : "فلسفة الحرية".
والكتاب أقسام ثلاثة، في القسم الأول ثلاثة بحوث، تُعنى بالإشكال النظري لمفهوم الحرية ووظائفها وجدواها، وما أُقيم حولها من جدل، قديماً وحديثاً. وفي القسم الثاني ثمانية بحوث تتناول الحرية في الفكر الاسلامي الحديث، وفي القسم الثالث خمسة بحوث تتناول الحرية في الفكر الغربي.
وتنعقد الصلة بين فصول الكتاب، فتربط إشكالية الحرية في التراث الاسلامي ابتداء من مقولة "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!" ليغدو السؤال اختزالاً للكلام في اصل الوعي بالحرية، ثم ما جاء عن العديد من المفكرين، مما يعكس طبيعة التعامل مع الحرية باعتبارها عملية تحرر، ومجرد امكانية، قد تتحقق وقد لا تتحقق اعتماداً على فعل الفرد وممارسة الحرية. فالحرية علة ومعلول، مقدمة ونتيجة. والفعل الحر هو الذي يحول الحرية من الامكان الى الواقع، ومن الفرض الى الصدق، ومن الخوف والتهيب، والتردد الى الثقة بالنفس والاطمئنان.
ونظراً الى ان الموقف الحضاري هو الذي يفرض نفسه، فانه يمكن كالعادة بيان الموضوع في الموروث القديم بكل اتجاهاته واختياراته بين الجبر وخلق الافعال والكسب، ثم في الوافد الغربي، ايضاً، بين الجبر الطبيعي والحرية العقلية، ثم في الواقع المعاش، كتجربة انسانية عامة بين الجبر الاجتماعي والسياسي والقانوني، والأمل في التحرر منها. ومع ذلك تفرض البنية نفسها على التاريخ؛ فالجبر والحرية والتحرر واحد في التراثين، الموروث والوافد. فالبنية هي الاساس، والتاريخ تحقق لها في الموروث والوافد والواقع، على حد سواء، ووحدة البنية وتعدد الحضارات أولى من تكرار البنية بتكرار الحضارات.
في هذا الكتاب، تجمعت أبرز أفكار الفلاسفة، في مسألة الحرية، عبر قرون من التفكير المتنوع من حيث النظر والاتجاه، اضافة الى ما جاء من مراجعة غنية، تسهم في إثارة النقاش وتدفع بإشكالية الحرية الى حيز التأمل والفعل والموقف