بسم الله الرحمن الرحيم
الرحيل الى الله تعالى
الدكتور نوري الوائلي-نيويورك
الحبُ يلهبنا والصبرُ يضنينا *** والعشقُ يغلبنا شوقاً ويكوينا
للغيب يأخُذنا بحثاً ويُبحرنا *** في النفسِ عمقاً وفِي الأكوانِ يُعلينا
فالنفسُ فيها من الآياتِ مبهرة *** والكونُ يحوي عظيمَ الخلقِ مُوزونا
يهفو الفؤادُ لغيبٍ من دلائلهِ *** في كلّ شيء يراه العقلُ مقرونا
يسعى أليه بوقتٍ لا قياس له *** والبعدُ صفر من المقصودِ يحوينا
ألعقلُ يدركُ أن الحق مُوجدنا *** والكونُ يسعى بأمرِ الله مرهونا
بالفطرةِ الخلقُ مشدود بخالقه *** والعلمُ لله يطوينا ويدنينا
فوق العقولِ فلا وصف يقاربه *** والفهمُ يبقى بعجزِ العقلِ مسجونا
لا يوصف العقلُ إلا في مقارنة *** والعقلُ للوصفِ يستقري الموازينا
بمنْ يُقارن لا شيء يشابهه *** فوق الصفاتِ علا معناً ومضمونا
ألحقُ أنزل أوصافًا لندركها *** حتّى نكون لقدرِ الله واعينا
ألعقلُ يحبو لفهم الكونِ مفتقراً *** قد يدركُ البعضَ أو يكتال تخمينا
إنْ يرتق العقلُ للأَكْوانِ مُقْتَرِبَاً *** يرتدْ الى الذاتِ مخسوءاً ومَوْهُونا
عبر الزمانِ أُنادي والوجودُ صَدىً **** رحماك ربي فنادى الكَوْنُ آمينا
حَتَّى كأنّ مدى الأَكْوان مأذنةٌ *** و النَّفْسُ تملؤها ذكراً و تدوينا
يا منْ بِرَحْمَتِه الأَكْوان قائِمة *** و مُنْعُمُ الخَلْق في الآلاءِ غافينا
ومُنْشِئُ النَّشْأَةَ الأولى وبارَئها *** وهادي الخَلْقَ أن تقفو القوانينا
وساقي الطفلَ ألباناً مطيبة *** ومُخرج الزرعَ من صخرٍ أفانينا
وكَاسِي الظُّلْمةَ اَلأنْوارَ دافئة *** ومُنْزَلُ الروحَ والمِيزانَ هادينا
وخالق النحلَ إذ يشفِي بلسعته *** ومُبْرئ الداءَ بالأعْسالِ يشفِينا
ومُبْتَلِي النَّفْس إن ساءتْ وإن حسنتْ *** لَعَلَّه عن جحِيمِ النارِ يغنينا
ومُنْقِذُ النَّاسَ من جوعٍ ومن فزعٍ **** والمُرْتجَى كرماً بالدّيْنِ يحينا
أَنْقِذْ بمنّك غرقاناً بغفلته *** طالَ الكبائِرَ تنويعاً وتَلْوينا
واشفِ المواجعَ فالالامُ مبرحة *** ما بات فيها جميلُ الصبرِ مضمونا
بأسْمك الأَعْظم الأشجان سائلة *** أن تَكْشِف الداءَ والإمْلاقَ والحَينا
أن تُبْعِد النَّاسَ عنّا في مَساوئهم *** أن تَسْتَجِيب الدعا جوداً و تحمينا
زادي قَلِيل ومكرُ النَّاسِ أَدْركني *** حتّى سقاني خداعُ الناسِ غسلينا
إن بان رِزْقي أطال النَّاسُ نعمته *** حَتَّى غَدَوْتُ بعين السْوِء مَعْيونا
ألصبرُ ربّي أُنادِي صبرَ مُحْتَسَبٍ *** قد جاءك الدّهرَ مَكْروباً و محزونًا
ما كان حُزْني بأيّام البِلى جزعاً *** أو كان دَمْعِي بها يأساً وتَأْبِينا
بل كنتُ فيها دعاءاً صاغني جملاً *** أجني من الجدبِ رغم الضيقِ زيتونا
أيْنَ المِفَرُّ ونفسي ما لها أمل *** إلاَّ بعَفْوك يوم الحَشْرِ يُنجينا
نَسْعَى إليكَ بحالٍ بات يُخْجلنا *** كَيْفَ الوصول وثِقْل الذَّنْبِ يطوينا
نَسْعَى لك الدَّهْرَ ما هانت مراشِدُنا *** نُحيي لك اللَّيْلَ عبّاداً مُناجينا
لولا الرَّجَاءُ بمن لا نوم يأْخُذه *** ما طابَ عيشٌ بها والموتُ داعينا