العفــــو يـــا أمــــــي



العفو يا أمّي جُعلتُ فداكِ// ومراد نفسي أن أنال رضاكِ
الأنس ولّى واستحال لوحشةٍ//

ومشاعري تهفو إلى لقياكِ
لولا الحياء لخالجتني عبرتي//

ولصحتُ بين الناس: ما أغلاكِ
الله قدّر في الحياة بأنني//

ما كنت في هذي الدُّنا لولاك
من ثديك الزاكي رضعت مبادئي//

وشربت ماء العزّ من يمناك
وترعرعت في راحتيك طفولتي//

وتيسرت طُرُقي بطيب دعاك
تشدو على قسمات وجهك فرحتي//

وتُرينَ أحزاني فؤاداً باكي
وإذا دهتني في حياتي نكبةٌ//

ورأيت في دهمائها إهلاكي
عُقِبَت سلاسلها بألفي مخرجٍ//

فعلمتُ أن دواءها تقواك
يا حبذا لُقياك يا روض الندى//

لأسيح من دنياي في دنياك
ُأمّاه جودي من رضاك فإنما //

جنّات عدن ٍ بابُها قدماك
لا تسخطي أمّي عليّ فإنما//

عُقْبى عقوق الأم كالإشراك
زُكّيّتِ عن "أُفٍّ" "ولاتنهرهما"
//

فلسوف يعصى الله من يعصاك
ما زلتُ طفلاً عندها حتى وإن//

ألقيتُ في بحر المشيب شباكي
أهوى الحنان، وتجتذبني بسمةٌ//

ورجولتي تعتزُّ عند سواك ِ
كم كادني بؤس الحياة وجدبُها//

ليشدَّني شوقي إلى مغناك
ما أطيب الدنيا وأجمل عيشها//

ما فاح مسكك، واستدام رؤاك
لولا قلوب أنتِ درّة عقدها//

لم تعْدل الدنيا سقيط ِشرَاك
تشدو على أنغام يُمْنك عيشتي//

وأسير في الدنيا بنور مناك
حتى إذا ما أغمرتني بالندى//

والبّر والخير العميم يداك
ذكّرتِني مُهجاً تعيش شقيّةً//

فقدت حشا أمٍّ كمثل حشاك
قلبي يحنُّ على اليتامى حسرةً//

ألاّ يروا في الدهر مثل نداك
لكنّ لله المهيمن حكمةٌ//

والله مكتفلٌ بذا وبذاكِ
أمّاه..أمشي في الركاب مودِّعا//

فكأنما أمشي على الأشواك
لكنّها الدنيا..وتلك طباعها//

فرحٌ..ولحظة عشرةٍ..وتباكي
مهما تباعدنا فأنتِ قريبةٌ//

من خاطرٍ يرنو إلى ذكراك
سبحان من خلق المحبّة و التُّقى//

ليضمّها هذا الفؤاد الزاكي
أدعو الإله بأن يزيدكِ صحّةً//

وسلامةً..وتقىً .. وأن يرعاكِ


(بو يعقوب)










د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com