مقال من عام 2009

وتعتبر الحكومة العراقية الارتفاع في نسبة الزواج بين السنة والشيعة نقطة تحول كبرى ونهاية "حقبة التوتر الطائفي".

وحسب القاضي عبد الرزاق الأحمد، الذي يعمل في محكمة الأحوال الشخصية في دائرة المنصور "لعل انخفاض نسبة العنف في البلاد وتراجع حدة التوترات الطائفية كان السبب الأهم في عودة بناء العوائل العراقية من شكلين مختلفين، كان تكون الأم سنية والأب شيعي وبالعكس".
وأضاف الأحمد: " إن غالبية عقود الزواج التي أقريتها خلال الأشهر الستة الماضية كانت زواج من الأقارب، وجاء في المرتبة الثانية الزواج المختلط بين الطوائف المختلفة في العراق. بالإضافة إلى عدد من الزيجات بين المسيحيين والمسلمين من الوسط الجامعي.
وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت في 13 آب من العام الجاري عن برنامج يتكفل بدفع مصاريف الزواج الأساسية للشبان الراغبين بالزواج من طائفتين مختلفتين.
عن ذلك، يقول عضو لجنة المصالحة الوطنية في بغداد محمد الدليمي في حديث لموطني "الحكومة تدفع حاليا مبلغ مليونين ونصف المليون دينار لكل حالة زواج مختلط في محاولة لتشجيع عودة التلاحم بين العراقيين".
وقال الدليمي إنه تم تسجيل 2340 حالة زواج بين العراقيين من الطائفتين السنية والشيعية منذ صدور البرنامج الحكومي.
وأضاف: "الجميل في الأمر ان ذوي الشبان الراغبين على الزواج لا تسجل من قبلهم أي حالة اعتراض فهم أصلا من طوائف مختلفة".
في هذا الإطار، قال هاني البغدادي البالغ 25 عاماً من العمر، وهو طالب في الجامعة المستنصرية، إن العنف الطائفي انخفض مقارنة مع السنوات القليلة الماضية ما يسهل عليه الزواج من خارج طائفته.
حيث قال البغدادي: "وأنا استعد لخطبة فتاة آشورية من شمال العراق تجلس معي في نفس القاعة الدراسية"، أوضح البغدادي الذي ينحدر البغدادي من أب سني وأم شيعية.
في مجال مشابه تعمل فاطمة أحمد التي تبلغ 26 عاماً، كمعلمة رياضيات في مدرسة الكاظمية النموذجية، وتنحدر من عائلة شيعية. وحين تقدم عريس من أبناء الطائفة السنية قبل عدة اشهر، وافقت.
قالت فاطمة: "عشنا سويا قصة حب طويلة امتدت أربع سنوات. غير أن التوتر الطائفي وعمليات القتل والعنف الذي ضرب البلاد في الفترة الماضية وتصريحات رجال الدين المتشددين جعلنا نؤجل فكرة الارتباط. وأبقينا على العلاقة بالهاتف أو باللقاءات السرية".
وبعد أن انخفضت حالات العنف الطائفي في العراق، شعر الثنائي الشاب بالثقة الكافية لإعلان خطوبتهما.
الزواج بين السنة والشيعة في العراق ظاهرة قديمة ولكنها انخفضت بشكل كبير خلال فترة الاحتقان الطائفي التي تسببت بها الجماعات المتشددة في العراق من كلا الطائفتين.
ويقول الشيخ حسين خيون، إمام حسينية الزهراء في حي العامل وسط بغداد، "من الأمور التي تجعلني أتفاءل بمستقبل العراق هو ارتفاع أو عودة الزواج المختلط بين السنة والشيعة. ونحن نشجع عليه".
فيما يعتبر الشيخ فاروق الخطيب، وهو أحد رجال الدين السنة في بغداد، أن عودة ظاهرة زواج العراقيين من السنة والشيعة ثمرة جهود رجال الدين المعتدلين من الطائفتين.
كما أشار الخطيب "نحن نرغب بأن تتعدى تلك الظاهرة إلى غير المسلمين حيث زواج المسلمين من المسيحيات جائز في الإسلام ولا مكان بعد الآن لفتاوى (رجال الكهوف)".
إلى ذلك، أشار عدنان الدليمي، وهو رئيس مؤتمر أهل العراق، "على حد علمي، شهد العام الحالي تعافي المجتمع من ظاهرة طارئة برزت على سطح الأحداث، وهي عزوف الشبان عن الزواج من غير بنات طائفتهم. واليوم نرى أن الوضع عاد إلى إطاره السليم وأصبح العراقيون عائلة واحدة متجانسة".
أما هند زكي البالغة 28 سنة، فقد واجهت بعض التردد من قبل عائلتها حول موضوع الزواج من رجل سنّي.
قالت هند: "كان زواجي في بداية الأمر صعبا بعض الشيء لأني تربيت على عادات وتقاليد دينية واجتماعية مختلفة عن زوجي. كما علي القول إن كلا العائلتين حملتا هواجس بسبب هذا المشروع المشترك. لكن قررنا أن نبني علاقتنا على الاحترام المتبادل والتسليم بصحة المذهبين ورفع الحب بيننا".