يذكر العجيلي في الاحاديث التي تجري معه (ان الادب بالنسبة له هواية) ولكنه مع هذا انجز فيه اكثر من خمسة واربعين كتابا جمع فيها حصيلة ما عاشه وما رآه ولخص في هذه الكتب تجربته في الحياة والسياسة والطب.
ولنا ان نعرف بأنه وفي بداية حياته السياسية التي سارت بموازاة ممارسته للطب وفوزه بالبرلمان مرشحا عن مدينة الرقة استقال من عضوية البرلمان ليلتحق بجيش الانقاذ طبيبا جراحا وذلك في عام 1948 دفاعا عن الحق العربي في فلسطين.
اي ان ابهة الموقع النيابي لم تصادره فتخلي طائعا من اجل مداواة الجرحي الذين ادرك ان حاجتهم الي طبيب هي أكبر من حاجتهم الي برلماني.
هكذا بدا الامر لي وانا اتوقف عند هذه المسألة تحديدا.
عندما وصلت الرقة كان ذلك بعد رحلة طويلة حيث غادرت الطائرة مطار تونس في التاسعة والنصف مساء، ووصلت مطار دمشق بعد منتصف الليل بساعة ونصف تقريبا حسب توقيت دمشق. وكان علي الانتظار ساعتين حتي يحين موعد الطائرة المتوجهة الي حلب التي وصلتها فجرا. وهناك كان في انتظاري اثنان من اسرة الندوة لتمضي بنا السيارة باتجاه الرقة.
وعندما وصلت كانت الساعة تربو علي السابعة وبعض الضيوف يتوجهون الي مطعم الفندق لتناول طعام الافطار، وارتأيت ان ادع النوم جانبا واذهب الي غرفتي لاحلق ذقني. ولم يأخذ مني هذا اكثر من نصف ساعة لارافق الضيوف بعد السلامات والعناقات الي مبني المركز الثقافي وهو مبني كبير جدا وفيه عدة قاعات للمحاضرات والندوات وتحلم كل مدينة عربية بنموذج مشابه له.
كان النصف الاول من النهــار مخصصا لزيارة معالم اثرية وحضـارية في المدينة او علي مشارفها واهمها اثار مدينة كاملة اسمها الرصافة وساعد علي لذة التجوال الجو الدافيء والسماء الصافية والشرح المستفيض من خبير في الاثار.
بعد ذلك ذهبنا الي سد الفرات هذا الانجاز الكبير الذي تتباهي به سورية الحديثة وقد انجز ليضم مياه الفرات في بحيرة كبيرة حتي لا تتبدد لا سيما وان الجانب التركي قد اقام سدودا عند منبع الفرات الامر الذي قلل من كمية المياه التي تعطي لسورية والعراق باعتبار النهر مشتركا بينهما.
نسيت وانا اتجول انني لم انم منذ اكثر من ثلاثين ساعة، وكان علي ان اخذ قسطا من هذا النوم اللعين الذي لا بد منه لنتجدد.
ضمت قائمة المدعوين لحضور مهرجان العجيلي الاول للرواية العربية عددا من الاسماء المعروفة في كتابة الرواية ونقادها سواء منهم من ساهم ببحث او شهادة او من تمت دعوتهم كضيوف شرف.
وتوزعت الجلسات وعددها سبع جلسات علي ثلاثة ايام وساهم فيها قرابة 35 مدعوا، والنسبة الكبيرة من البحوث كانت عن الدكتور العجيلي الامر الذي يجعل من نشر هذه البحوث في كتاب عملا مطلوبا جدا ورغم العديد من البحوث والرسائل الجامعية التي كتبت عنه فان نشر البحوث الجديدة وجلها لادباء من الاجيال اللاحقة لجيل العجيلي عمل مهم اذ انها تشكل اعادة قراءة لهذه الاعمال وفي هذا تجديد وتجدد لها واتمني علي الاخ حمود الموسي مدير دار الثقافة ومن معه ان يسارعوا في طبع هذا الكتاب.
من الباحثين والادباء السوريين ساهم علي زيتون بدراسة مجموعة الخيل والنساء وياسين رفاعية كتــب عن الفن الرواية عند العجيلي ود. مصلح النجار عن ثباتيات القيم من النص الروائي عند العجيلي وممدوح عزام العجيلي وانا ووليد اخــلاصي (الجليل الجميل عبد الســــلام العجيلي) وابنة اخيه الاستاذة الجامعية شهلا العجيلي (حينما ينقلب السرد علي السارد) وبسام بليبل (من ايهاب الشعر الي فضاء النثر) ـ نذكر هنا ان للعجيلي ديوان شعر واحد صدر في بدايات حياته الادبية ود. عبد الله ابو هيف (النقد الخاص بالعجيلي) والروائي نبيل سليمان (الذي حظيت اعماله الروائية بعدد من الدراسات جاءت في الترتيب الثاني بعد تلك التي قدمت عن المحتفي به) فقد قدم موضوعا بعنوان (ابن الرقة) وقدم د. عادل الفرلجات (السرد المؤثر والمغير في رواية العجيلي اجملهن نموذجا) ويقدم روائي وباحث رقي معروف هو ابراهيم الخليل موضوعا عنوانه النص التابع والاذاعية نهلة السوسو قدمت هي الاخري شهادة حول تقديم القصة والرواية اذاعيا من خلال تجربتها مع ما مر بها من اعمال اهتمت بها وبينها اعمال للعجيلي.
اما من الضيوف العرب فقد قدم د. صلاح فضل (مصر) قراءة لرواية العجيلي اجملهن وكاتب هذه السطور بحثا عن توافق تقنيات المقالة والقصة القصيرة عند العجيلي من خلال كتاب في كل واد عصا وقصة مذاق النعل مع التوقف عند اسبقية العجيلي في الكتابة عن السجن السياسي اذ تعود هذه القصة لعام 1964 وقدم د. عبد المجيد زراقط (لبنان) دراسة عن رواية المغمورون البنية والرؤية وهي من بين الاعمال الروائية الاخيرة للعجيلي. اما الباحث فاضل الربيعي العراقي فقد توقف في بحثه عند تجربة الروائي السوري خيري الذهبي. وعنوان بحثه خالقو الاساطير الجديدة وللدكتور محمد عبيد الله (الاردن) دراسة عن فن القصة القصيرة عند العجيلي ومن الجزائر قدم بحث للناقدة فضيلة فاروق (فلسطين في ادب غادة السمان) ولسميحة خريس (الاردن) موضوع بعنوان بمثابة بيان علي بيان وهو مقاربة لاحد مؤلفات الروائي نبيل سليمان النقدية. وتتناول الروائية نعمت خالد تجربة سليمان ايضا من خلال احدي رواياته.
ونشير هنا الي ان البحوث الاخري التي تناولت اعمال هذا الروائي عديدة ومنها: رجل من جرماتي لزهير جبور ود. رضوان قضماتي الذي قرأ احدث اعماله الروائية درج الليل درج النهار .
وقدم د. جهاد نعيسة قراءة لاعمال خيري الذهبي تحت عنوان تناسج المجاز والواقع في العالم الروائي لخيري الذهبي . وحظي سليم بركات بدراسة واحدة قدمها الناقد خالد الحسين.
اما الذين قدموا شهادات تتعلق بفنهم الروائي فهم: د. هيفاء بيطار، خليل صويلح، خيري الذهبي، سمر يزبك، فواز حداد، ماجد العويد، كما كانت للناقد الدكتور نضال الصالح دراسة مهمة عن مساهمات النص الروائي النسائي ـ اصوات التسعينات نموذجا ومن مصر قدم الروائي عزت القمحاوي موضوعا مهما عن التواصل جغرافيا وابداعيا وكيف عرف العجيلي.
كل هذه الموضوعات نوقشت باريحية بعد كل جلسة من اجل استكمال غاياتها ومراميها