في الماضي القريب و حمدا لله أن كل شيء موثق في ذاكرة من لا يريد أن ينسى أن أول شيء قام به محمد مرسي بعد إنتخابه مباشرة هو دعوة كل من أبو الفتوح و صباحي و عمرو موسى فكان ردهم بالإعتذار عن الدعوة . و مد يده لكل معارضيه للمشاركة في الحكومة فرفضوا و للمشاركة في التأسيسية لصياغة الدستور فامتنعوا و كأن الإخوان نجس لا يريدون الإحتكاك به. و حتى من دخلوا من بعض معارضيه في التأسيسية إنسحبوا لأنهم لم يتمكنوا من تحقيق مصالحهم . في حين أنه كان من الأجدر لو كانت النوايا صادقة لخدمة مصر لإستجاب الجميع لدعوات مرسي المتكررة و لوضعوا يدهم بيده . و حتى إن كان التوافق مستحيل ترجع الأمور الخلافية للحكم العادل ألا و هو قرار الشعب بإستفتاء عبر الصندوق..أما أن تزكي الاطراف المعارضة بما فيها عمرو موسى و حمدين صباحي نفسها و تصف حالها بالنخبة و تمتنع عن المشاركة مع محمد مرسي في أي شيء لأنه من الإخوان ثم يلومونه و يلفقون له الأكاذيب على أنه كان أحادي العمل فهذا اللؤم بعينه و الزيف.. و زيادة على ذلك اعتبروا أنفسهم أوصياء على شعب مصر الذي وصفوه بالأمي و الجاهل. أليس عجيبا تشدقهم بالديمقراطية و عندما تأتي الديمقراطية بغيرهم للحكم يصبح بوصفهم ديكتاتورا على شعب جاهل و أمي لا يعرف مصلحته أليس هذا مثيرا للسخرية و العجب ممن يعتبرون حالهم النخبة. فيما مضى يبدو أنه كان هناك ديكتاتور واحد أما اليوم فتعدد الديكتاتوريون "النخبة". و بالمناسبة أنصار حمدين صباحي لم يدلوا بأصواتهم لمساندة مرسي بل إمتنع معظمهم عن التصويت كما فعل كبيرهم.
أما عن الوعود فقد كان المطلب الأول للشعب الذي فقد ذويه في الثورة القصاص القصاص لدماء الشهداء .....أما المطالب الأخرى بخصوص الظروف الإجتماعية و غيرها فمحمد مرسي لا يملك خاتم سليمان أو مال قارون ليحقق كل المطالب في طرفة عين بعد سنوات من العفن و السرقة و الرشوة و الفساد . و بخصوص الرشوة و محاربة الفساد فقد بدأ به فعلا إبتداءا بصياغة قوانين لحماية المبلغين عن الفساد (أمة سريعة النسيان بالفعل).
و لإعادة إجراء المحاكمات أعفى النائب العام الفاسد (الذي برّأ القتلة المجرمين الذين في رقابهم دماء الشهداء) و أبدله بآخر و لحماية هذا القرار من الطعن من قبل المحكمة الدستورية التي أصبح كل همها عرقلة و طعن كل ما يقرره الرئيس و يقوم به ، إضطر لصياغة قرار تحصين قرارات الرئيس لكي تلقى وعوده لعائلات الشهداء بإعادة المحاكمات مجالا للتطبيق فماذا حدث ؟ قامت الدنيا و قعدت عليه واصفة إياه بالدكتاتور ، نعم ديكتاتور لأنه سيعيد المحاكمات التي برّأت كل القتلة. نعم ديكتاتور فالرجل لم تتركه لا المحكمة الفاسدة و لا المعارضة الحاقدة يقوم بعمله على أحسن وجه. بصفاقتهم و حقدهم و باطلهم يعرقلونه و يتصدون له و يقفون حائلا بينه وبين وعوده ثم يتبجحون أمام الشعب بأنه لا يحقق الوعود.
و هذه المحكمة الدستورية التي قفزت من الحكم بين المتخاصمين إلى التنفيذ ؟ ليس من صلاحياتها أبدا حلّ مجلس الشعب الذي إنتخبه الشعب المصري. صلاحياتها تنتهي بالنطق بالحكم لا غير أما التنفيذ فليس من صلاحياتها أبدا. و بسخافتهم يتباهون بإستقلال القضاء ... يا له من قضاء مستقل..
أمة سريعة النسيان نعم و بكل أسف لا ترى إلا الأبيض و الأسود..