الفقير
شعر عزالدين مبارك
أنا الفقير
قبل الثورة وبعدها
لا أجد قوت يومي
أتوسد أرضا باردة
ولحافي النجوم والسماء
فلا تلوموني أحبتي الفقراء
إن كفرت يوما
وأكلت ظلفا وحشيشا
مثل البهائم
فأنا أبحث عن رغيف
طاهر
معفر بالتراب
بالكدح والعذاب
مبلل بالعرق والدموع
وشربة ماء
غير معدنية بالطبع
ولا يهم إن كانت
باردة في الشتاء
أو ساخنة في الرمضاء
لا أبحث عن صدقة
مغلفة بالاحتقار
ومشروطة بالولاء
وانتفاخ الرصيد الانتخابي
ولا أبيع شهامتي
وبقية كرامتي
ولا أضع رجولتي
في الميزان
ولا أستجدي السلطان
ووطني عامر بالخيرات
وبركاته تغدق نعما
وتفيض
فنغرق في المزابل
ويرتشف دماءنا العليلة
الناموس
سيموت حتما المسكين
فمن أين لنا بالمبيد
فهل مقدر علينا أيضا
أن نطعم حتى الحشرات
يشبع بعضنا حتى التخمة
فيرمي الفتات
للكلاب السائبة
على قارعة الطريق
ويقتات البعض من المزابل
وما تتركه الحيتان السمان
فما أكثر ولائم السلطان
هلموا نأكل يا أصحاب
واطمئنوا فلا تدفعوا شيئا
فكل شيء بالمجان
هذه النعم هدية من الشعب
فلا تفسدوا عليه فرحته
ودعوه يعمل حتى بالمجان
المهم سعادتكم
يا أصحاب المعالي
والشأن
لا يهمني الفقر في حد ذاته
فذلك أراده الإله لنا
ليمتحن قدرتنا على البقاء
والصمود في وجه الطغيان
فنحن شهود تنمية عرجاء
ودجل السياسيين
ولغو الخطباء
وقد بشرنا بالجنة
وبالقصور وحور العين
في آخر المطاف
سننتقم يومها من بطوننا
التي أصابها الجفاف
انا الفقير
لا يهمني من يأتي أو يذهب
أو يصبح وزيرا
صغيرا أو كبيرا
أو يدخل السجون
أو يكتب الدستور
والمعلقات
أو يفر كالجرذان
كل همي أن لا أبات جائعا
وأن أعامل في وطني
كإنسان.