أقر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام أفراد من الجالية الفلسطينية في نيويورك تعرضه إلى ضغوط أمريكية كبيرة لثنيه عن اللجوء اليوم لمجلس الأمن لطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين. وأضاف عباس بأن القيادة الفلسطينية لن تتراجع عن هذا المشروع وحمل الحكومة الإسرائيلية الحالية مسؤولية فشل المفاوضات، واشترط وقف الاستيطان الإسرائيلي والقبول بحدود 67 لاستئنافها من جديد.

يستعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اليوم الجمعة عند الخامسة والنصف بتوقيت باريس للتقدم رسميا بطلب عضوية دولة فلسطين إلى الأمم المتحدة.
عباس الذي قام بمفاوضات سياسية مباشرة وغير مباشرة مع الإسرائيليين منذ توليه السلطة في 2005 سيقدم للمرة الأولى هذا الطلب للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبل أن يلقي كلمته أمام الجمعية العامة، على أن يقوم بعد ذلك الأمين العام للأمم المتحدة بإحالة هذا الطلب إلى مجلس الأمن لدراسته وفق القوانين المرعية.

قضية دولة فلسطين تكشف عجز المجتمع الدولي
(عبد الوهاب بدرخان)
اليوم يوم فلسطين في الأمم المتحدة. أصبحت الدولة الفلسطينية على الأجندة الدولية سواء منحت الآن أو بعد أسابيع عضوية كاملة أو صفة مراقب فإن قضية الاعتراف بها شقت طريقها رغم الصعوبات.
وبالنسبة إلى الفلسطينيين كانت فكرة العودة إلى الأمم المتحدة واجبة وضرورية لإبقاء قضيتهم في كنف الشرعية الدولية حتى لو لم تصل خطوتهم هذه إلى النتائج المرجوة. إذ أن البديل وهو إيداع القضية في متاهات اللجنة الرباعية أو تركها تحت رحمة المفاوض الإسرائيلي الأمر الذي لن يحقق أيضا هدف التخلص من الاحتلال.

فلا الرباعية برهنت عن إدارة حكيمة ونزيهة للمفاوضات، و لا الإسرائيليون أثبتوا عزما أكيدا على انجاز أي سلام. وحتى قبل محطة نيويورك بمشاوراتها العصبية والمتوترة بدت فكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية كأنها بصدد كشف فضيحة كان مطلوبا من الفلسطينيين أن يواصلوا التستر عليها وعلى حسابهم.

إنها فضيحة المجتمع الدولي العاجز وقد انكشف هذا العجز أكثر بين سلبية متطرفة جهرت بها الولايات المتحدة وانقسام مخذل ساد الاتحاد الأوروبي بل أكد أن هذه الدول لا تتعامل مع الحق الفلسطيني و لا مع التهور الإسرائيلي بالمسؤولية المفترضة في من يبحث فعلا عن السلام.

وإذ قال باراك أوباما أنه يريد الدولة الفلسطينية من خلال المفاوضات فإن انقلاب مواقفه معطوفا على تاريخ من الانحياز الأمريكي ضد العرب أثار الشكوك في أنه يريد فعلا هذه الدولة مادام عاجزا عن إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان لإحياء المفاوضات. وهذه الشكوك تنسحب أيضا على الموقف الأوروبي.

كان الفلسطينيون بذلوا جهودا ملموسة بتغليب نهج المقاومة الشعبية السلمية، واعترفت المؤسسات الدولية بأنهم تمكنوا من تأهيل مؤسساتهم واستحقوا دولتهم المنشودة إلا أن الإرادة الدولية شاءت عكس ذلك.

فخطاب أوباما كما وصفه دبلوماسي عربي في نيويورك عبّر عن تطرف الإدارة والكونغرس معا وخلف إحباطا كبيرا لا بد أن ينعكس على الرأي العام العربي.


إسرائيل وتهمة الفصل العنصري
(علاء الدين بونجار)

في وقت تتزايد فيه الضغوط على الفلسطينيين، أكدت جنوب أفريقيا أنها ستصوت لصالح دولة فلسطينية. القضية الفلسطينية تلقى اهتماما كبيرا في هذه الدولة الأفريقية حيث يتم مقارنة السلطات الإسرائيلية بنظام الفصل العنصري.
أيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي حذر العام الماضي من أن تصبح بلاده دولة ثنائية القومية أو دولة فصل عنصري إذا لم تتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

باراك من المؤكد أن قلبه لم يكن على الدولة الفلسطينية بل حاول تحذير الإسرائيليين من خطورة أن تتم مقارنة بين ما تقوم به الدولة العبرية في الأراضي الفلسطينية وما قام به نظام الابارتهايد في جنوب أفريقيا سابقا.

الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الفلسطينية زار الشهر الماضي جنوب أفريقيا ويشرح لنا ما يمكن أن يستفيد منه الفلسطينيون من تجربة هذا البلد:

" الفائدة متعددة المستويات. جنوب أفريقيا هي عضو في مجلس الأمن و تؤيد مطلبنا للعضوية الدائمة في الأمم المتحدة. وهي أيضا عضو هام في تجمع يشمل الصين والهند والبرازيل وهذا التجمع موازن للدول الصناعية الكبرى وله وزن اقتصادي وسياسي كبير. تستطيع جنوب أفريقيا أن تلعب دورا هاما في استنهاض حركات التضامن لفرض عقوبات على إسرائيل. لا يوجد أفضل من تضامن قادة جنوب أفريقيا معنا خاصة وأنهم شاهدوا أكثر من مرة بأن نظام التمييز العنصري الذي أنشأته إسرائيل في الأراضي المحتلة هو أسوا مما كان قائما في جنوب أفريقيا".

محكمة "راسل" حول فلسطين ستعقد في مدينة "كيب تاون" بجنوب أفريقيا هذا العام وربما من هنا تظهر أهمية النقاش حول نظام الفصل العنصري. فإسرائيل تحاول أن تبدو غير مبالية بهذه المحكمة لكن يبدو أنها تخشى كثيرا أن تقارن بنظام الفصل العنصري. فلماذا هذا التخوف مصطفى البرغوثي:

" اليوم كلمة التمييز العنصري هي بمثابة شتيمة. إسرائيل تعرف أننا كشفنا للعالم حقيقة التمييز العنصري الذي تمارسه ضدنا. يسمح للمستوطن الإسرائيلي مثلا استهلاك 2400 مترا مكعبا من المياه الفلسطينية سنويا، بيمنا لا يسمح للفلسطيني استهلاك سوى 50 مترا مكعبا من المياه سنويا. كذلك الأمر بالنسبة للطرق التي يمنع الفلسطينيون من سلوكها ويقتصر التنقل عليها لليهود والإسرائيليين. وهذا يخلق حالة تجزئة لم تكن قائمة في أسوأ أنظمة التمييز العنصري."

السفيرة الإسرائيلية السابقة في الأمم المتحدة غابرئيلا شاليف قالت إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيحشد المجتمع الدولي من وراءها وسيؤدي إلى تطبيق القانون الدولي وبعدها تصبح إسرائيل دول منبوذة ومقاطعة من قبل الجميع .



عن وكالة انباء فرانس 24