يصف الجنرال احتياط (غيورا آيلاند) رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية ورئيس مجلس الأمن القومي سابقاً الثورات التي تشهدها مصر وتونس واليمن وكذلك الأحداث في سورية بأنها «ظاهرة لم يشهدها الشرق الأوسط منذ عقود كثيرة»، ويضيف في تحليل ظهر في مقدمة ما يسمى (التقرير الإستراتيجي) الإسرائيلي الصادر في تموز الجاري بـ105 صفحات، إن أهم ما تدرسه إسرائيل الآن هو «التطورات الجارية في مصر وسورية ولبنان والخليج والأردن وتأثيرها في الصراع مع إسرائيل بسبب صلتها المباشرة بإسرائيل على حين أن ما يجري في تونس وليبيا واليمن لا يحمل صلة مباشرة بدرجة التأثير نفسها.
ويبدأ بمصر قائلاً: «إن الافتراض العملي السائد خلال أكثر من 32 عاماً في إسرائيل هو عدم إمكانية حدوث مجابهة عسكرية إسرائيلية مع مصر وهذا ما وفر لإسرائيل فرصة شن حربين كبيرتين ضد لبنان عام 1982 وعام 2006 وفرصة شن اجتياح عسكري للضفة الغربية وقطاع غزة عام 2002 واجتياح آخر ضد القطاع وحده عام 2008. كما توفر لإسرائيل فرصة تخفيض ميزانيتها العسكرية الشاملة بعد الاطمئنان لعدم وجود أي احتمال لمواجهة عسكرية مع مصر منذ عام 1980»، ولذلك يرى آيلاند أن السؤال المطروح الآن بعد انطلاق ثورة 25 يناير هو: «هل تشكل الأحداث الجارية في مصر منذ كانون الأول الماضي تغييراً استراتيجياً يستوجب من إسرائيل إعادة النظر في ميزانيتها العسكرية الإجمالية؟»، ويجيب آيلاند قائلاً: «إنني أقدر عدم وجود ضرورة لتغيير الافتراض الإسرائيلي السابق تجاه مصر..».
ويرى آيلاند أنه حتى في حالة «تحول مصر إلى وضع معاد لإسرائيل فإن مصر تستلزم زمناً ليس قليلاً لترجمة هذا العداء إلى تهديد مباشر على إسرائيل وهذا ما يوفر لإسرائيل وقتاً كافياً للتكيف المناسب مع وضع كهذا».
أما حول سورية فيرى آيلاند في تقريره الإستراتيجي الصادر عن معهد الأمن القومي للأبحاث الإسرائيلية: إنه «على الرغم من استمرار الاحتجاجات والأحداث أسبوعياً إلا أنه ما زال من المستحيل الاستنتاج بأن عهد الرئيس بشار الأسد انتهى. وإذا كانت إسرائيل لا تستطيع تغيير هذه النتيجة لكن إسرائيل ستتأثر دون شك من هذه النتيجة الممكنة». ويعرض آيلاند عدة سيناريوهات للوضع المتوقع لسورية في أعقاب هذه الاحتجاجات وجميعها تشترك في نقطة ألا تزيد الأخطار ضد إسرائيل ويفضل أن ينتهي نظام الرئيس الأسد وتحل محله إما فوضى وإما سيطرة غربية على سورية تجعل حلفاء إسرائيل يملكون القول الفصل في السياسة السورية. ويرى أن أهم من تعتبره إسرائيل خاسراً بانتهاء النظام السوري هو المنظمات الفلسطينية وحماس في مقدمها وحزب الله وإيران وهي آخر الأطراف المحرضة ضد إسرائيل والدعوة إلى استمرار المجابهة معها.. ويضع آيلاند بعض السيناريوهات للبنان ترتبط مباشرة بالخطر على إسرائيل سواء ازدادت سورية قوة أو بدأت تضعف لأن آيلاند يعتبر أن استفزازات حزب الله العسكرية ضد إسرائيل قد تبدأ إذا تزعزع استقرار سورية لمصلحة إسرائيل والولايات المتحدة.
ويرى آيلاند أن ضعف سورية والرئيس الأسد سيؤثر أيضاً في العراق ويعزز النفوذ الأميركي فيه لأن النفوذ الإيراني سيتضاءل فيه إذا تزعزع استقرار سورية ويعتبر أن انسحاب القوات الأميركية من العراق سيعرض الأردن لهزات داخلية وطموحات خارجية على حد رأيه.
ولذلك يرى في وجود القوات الأميركية في العراق قيمة إستراتيجية لحماية إسرائيل وجوارها الأردني من أي تطورات تنشأ وتولد معها ازدياداً في قوة أطراف الممانعة العربية والإسلامية.
الوطن السورية