الغرب و الثورات العربية – مقال للدكتور يحيى أبو زكريا



كيف تتعامل الإرادات الغربية مع الثورات العربية ؟
...لماذا تعمل العواصم الغربية على سرقة إنجازات الشعوب ؟
هل ستتكرر مأساة سرقة الثورات الإستقلالية و الوطنية ؟
لماذا لا يهتم الغرب إلا بالنفط العربي و الإسلامي ؟
كيف ستتصدى الشعوب المستضعفة للأطماع الغربية؟


يرجع تاريخ إهتمام الغرب بدراسة الإسلام إلى العصور الوسطى الأوروبية , و إتسعت دائرة الإهتمام في مرحلة هيمنة المركزية الغربية على العالم العربي و الإسلامي , و بلغت ذروتها مع التطورات و الأحداث التي شهدتها مرحلة اليقظة الإسلامية في العالم العربي و ما تبع ذلك من تداعيات و إفرازات وتطورات على الصعيد الإجتماعي و السياسي والثقافي .
ومع إشتداد... حدة الصراع العربي – الإسرائيلي بدأ الغرب يهتم بالأبعاد الدينية لهذا الصراع , و التي أملت على العقل الغربي الشروع في بداية تفكيك النص الديني الإسلامي في مراكز الدراسات ثم في المعاهد الأكاديمية و صولا إلى تعميم الرؤية الغربية للإسلام في المرحلة المتوسطة و الثانوية و حتى الجامعة .
و مع سقوط الإتحاد السوفياتي برزت قناعة في المشهد الثقافي و التربوي الغربي بأن الإسلام سوف يشكل أهم تحدي إستراتيجي للغرب , و لذلك وضع الغرب ميزانيات عملاقة لدراسة الخطر الأخضر الذي خلف الخطر السوفياتي الأحمر ...و أصبح الإسلام من أهم الملفات الساخنة في الغرب . و بناءا على المنطلقات الآنفة أصبح ملف الاسلام وعلاقته بالغرب ومستقبله وديناميكيته الماضية والراهنة والمستقبليّة , و تولي دوائر القرار ومراكز الدراسات الاستراتيجية والاستشرافية حيزا كبيرا من اهتماماتها للاسلام وكل ما يرتبط به من ثقافات واجتهادات وحركات و مسلكيات سياسية واجتماعية وكل ما يمت اليه بصلة من قريب أو بعيد وقد ازدادت الاهتمامات بالاسلام بعد الأحداث التي عصفت بأمريكا . و في الغرب خمس اتجاهات أو مدارس تضطلع بعملية تشريح الاسلام لتحقيق أهداف قريبة المدى ومتوسطة المدى وبعيدة المدى , و هذه المدارس هي المدرسة الأمنية وهي الملتصقة بدوائر الأمن القومي ومكافحة الارهاب , وتقوم هذه المدرسة بتشريح كامل ودقيق وتفصيلي للحركات الاسلامية وتحديدا تلك التي لها قواعد في الغرب كالجماعة الاسلامية المسلحة الجزائرية , والجماعة الاسلامية المصرية وحزب الله اللبناني و حركتي حماس والجهاد الاسلامي الفلسطينيتين وحزب الدعوة العراقي و جماعة أسامة بن لادن و عشرات التنظيمات الاسلامية التي لها قواعد في الغرب أو تحاول التحرك في العواصم الغربية ضمن حيّز الحرية الموجود ,وتتعاون الأجهزة الأمنية الغربية فيما بينها لرصد تحركات الأشخاص المشتبه بانتمائهم الى هذه الجماعات ,وقانون الاتحاد الأوروبي في بعض بنوده ينص على ضرورة التنسيق الأمني وتبادل المعلومات والتعاون قائم في أعلى مستواه في هذا المجال , وتستعين هذه الأجهزة بخبراء من العالم العربي والاسلامي في فهم المنطلقات الفكرية و الفقه الخاص بهذه الحركات وأفاق تفكيرها واستراتيجياتها , وغرض هذه الأجهزة من تشريح حركات الاسلام السياسي هو الحفاظ على الأمن القومي ومنع تكرار ما يحدث في العالم العربي والاسلامي على أراضي الغرب , و الحؤول دون تحويل الغرب الى قواعد للراغبين في الاطاحة بنظمهم واقامة مشاريع فكرية وسياسية في العالمين العربي والاسلامي مغايرة للعلمانية الغربية وقد تكون هذه المشاريع معادية للغرب بالأساس , ويجري ها هنا التنسيق كاملا مع الأجهزة الأمنية العربية للحصول على معلومات عن الأشخاص والتنظيمات الاسلامية ,والأرشيف الأمني العربي دائما مفتوح للغربيين خصوصا فيما يتعلق بالخصوم الاسلاميين . لكن لم يسبق للأجهزة الأمنية الغربية أن تعاملت مع الاسلاميين على أراضيها بالطريقة التي يتعامل بها معهم رجال المخابرات العرب , فما دام هؤلاء في نطاق المعارضة الفكرية والسياسية فلا أحد يستطيع أن يطالهم لأنّ حرية التعبير مكفولة في كل الدساتير الغربية , لكن في حال أراد أحدهم التلاعب بالأمن القومي الغربي فيكون بذلك قد جنى على نفسه ,لأن الأمن القومي مقدّس في الغرب . والمدرسة الثانية هي المدرسة المرتبطة بوزارات الهجرة ودوائر الاندماج حيث لدى هذه الدوائر مراكز للبحث والدراسات و تضطلع هذه المراكز بتشريح ثقافة المسلمين وعاداتهم و تقاليدهم والغرض منها ليس أمنيا على الاطلاق بل الغرض منها فهم المسلمين عن قرب في محاولة لادماجهم في المجتمعات الجديدة المستقبلة لهم ولوضع قوانين تتماشى مع توجهات المسلمين و لتجنيب المجتمعات الغربية التصادم مع من يمثلون الظاهرة الاسلامية الوافدة , وتستعين هذه الدوائر أيضا ببعض الباحثين العرب والمسلمين , ولها أيضا باحثوها الأصليون والذين يقومون في أحايين كثيرة بزيارات الى عواصم عربية واسلامية لفهم أسلوب حياة المسلمين وعاداتهم وتقاليدهم