القرضاوي بين ابن الصديق وابن باز
في المغرب وبمدينة طنجة تحديدا كان لنا علماء أجلاء من بينهم العلامة عبد العزيز بن الصديق، وكان خطيبا مفوها يحرك الجماهير ويثقفها ويبصِّرها بأمر دينها ولا يخشى الحسن الثاني ومخابراته، وكان سياسيا بحيث لا تفوته حادثة تحتاج إلى موقف أو فتوى إلا وكان قائما بها داعيا إلى ما يراه حقا وصدقا..
وقبيل حرب التحالف على العراق ابتدأت القوات الأمريكية تنزل في الخليج وخصوصا في السعودية استعدادا للحرب، وقد سبق للعلامة السعودي عبد العزيز بن باز أن حاضر في موضوع الاستعانة بالأجنبي والكافر وكان موقفه أنه لا يجوز ذلك استنادا لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (( لا يستضاء بنار المشركين)) والنار يكنى بها عن القوة، عن الراية، عن الدولة.. ومعنى الحديث أنه لا يجوز الاستعانة بغير المسلمين، ولا يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استعان بغير المسلمين، وكذلك الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، لا يقال ذلك لأن من استعان بهم صلى الله عليه وسلم لم يكونوا جماعات ولا دولا، بل كانوا أفرادا لا يملكون أن يكونوا قادة فاستعان بهم ليدل ذلك على جواز الاستعانة بغير المسلمين كأفراد شرط ألا يكونوا قادة، وشرط ألا يقع المسلم تحت إمرتهم، أو يقاتل تحت رايتهم، وتبعه في ذلك أفضل من تأسى به صلى الله عليه وسلم؛ صحابته المرضيين..
وحين نزلت القوات الأمريكية بالخليج رغما عن حكامه احتاج الأمر لفتوى تجيز ذلك، فطالب الملك فهد بن عبد العزيز من الشيخ عبد العزيز بن باز فتوى في ذلك، فأفتى له بجواز الاستعانة بغير المسلمين، بل أجاز الاستعانة بالطاغية الجبانة أمريكا، وكان قد حاضر في حرمة الاستعانة بالأجنبي والكافر ليدخل الرجل للأسف في مصيبة العلماء الذين يزينون للحكام، وقد رحل إلى ربه وتبعته فتواه التي لم تساو شيئا لأن أمريكا كانت ولم تزل قد قررت فعل ما تريد في بلادنا ومحاربة من تريد ليتحمل الشيخ مسؤولية فتواه.
وفي المغرب كان الشيخ عبد العزيز بن الصديق من العلماء الأجلاء الذين لم يسايروا الحسن الثاني مثل أخيه العلامة الحسن بن الصديق فأصبح مشكاة للإخلاص، وأمسى قدوة للعلماء الشباب..
وحين رأى ما رأى من الملك فهد بن عبد العزيز بشأن تحالفه مع أمريكا ضد العراق وما نجم عن ذلك من قتل وتدمير، للشعب العراقي أقول: حين رأى ذلك أفتى بهدر دم الملك فهد بن عبد العزيز، وكان لفتواه وقع كبير على الجماهير وعلى الساسة، كما كانت سببا لإيقافه عن خطبة الجمعة وممارسة الدروس، فكان بذلك مبرئا لذمته حتى إذا سأله ربه يوم القيامة عن دوره في النصح المسلمين وإنكار المنكر على حكامهم كان في منأى عن التورط في مصيبة العلماء الآخرين.
واليوم يفتي العلامة الشيخ يوسف القرضاوي بقتل الزعيم الكرتوني الكورسيكي الأصل معمر القذافي بسبب جرائمه البشعة وقتله بالطائرات شعبه..
يفعل العلامة يوسف القرضاوي ذلك استجابة للواجب الشرعي الذي يفرضه الشرع على العلماء قبل غيرهم لأنهم ورثة الأنبياء، وهذه الفتوى تحسب له لأنها تزيح الشبهات عن أعين من يتردد في اعتبار القذافي عدوا لشعبه وللأمة قاطبة..
وسؤالي هو:
هل يكون كل من يقتل شعبه في المظاهرات بسبب رغبة هذا الأخير في تنحيه عن قيادته لأن الحكم حق للشعوب، وليس حقا للأفراد الذين يستميتون في التمسك به ولا يستجيبون لأصحاب الحق حين يطالبونهم بالتنحي، أقول: هل يباح دمهم هم أيضا؟
وإذا كان دمهم مباح، فهل يجوز قتل القتلة أمثال زين العابدين بن علي وحسني مبارك وعلي عبد الله صالح وملك البحرين وعبد العزيز بوتفليقة واللائحة تطول؟؟؟؟؟؟؟..
..........
جريدة طنجة الجزيرة الإلكتزورنية
طنجة في: 22 فبراير 2011