معمر القذافي يبلل رأسه استعدادا للحلاقة
بعد بن علي ومبارك القذافي يبلل رأسه استعدادا للحلاقة.
ما شذ معمر القذافي عن بن علي وحسني مبارك ولن يشذ، فالرجلان سفاحان قاتلان لصان، والقذافي لن يكون أقل منهما إجراما ولصوصية..
لقد اندلعت على غرار التي جرت في الرابع من يناير والخامس والعشرين منه من الشهر الماضي في كل من تونس ومصر مظاهرات أدت إلى سقوط شين العابدين والبطل الوهمي حسني مبارك، واليوم قد بلل القذافي رأسه استعدادا للحلاقة..
بالأمس الأربعاء 15 فبراير 2011 بمدينة البيضاء ودرنة وشحات بليبيا.. اندلعت الثورة الليبية الحقيقية ولم تزل مستمرة اليوم في مدينة بنغازي تاريخ كتابة هذا المقال، وقد سقط قتلى قُدِّر عددهم بـ 13 قتيلا وجرحى بالعشرات، سقطوا بالأمس واليوم على يد زبانية القذافي، سقطوا من طرف ما يسمى باللجان الثورية التي تحميه وتحمي آراءه الصبيانية..
الشعار الذي رفعه المتظاهرون هو إسقاط القذافي ونظامه لأن الرجل بات وصمة عار في جبين الليبيين، بات أضحوكة ينكتون عليه في كل البلاد العربية، إنه مدعاة للسخرية، يسخر منه الصغير والكبير لمجرد رؤيته على الشاشات، وإذا كان على موعد مع تصريح صحافي أو خطاب رجعي تنبأوا له فكانت تنبؤاتهم هي ما جاء به..
كتابه الأخضر كتاب أضحوكة لكل عاقل، فالرجل قد أصابه من الغرور ما يكفي لإخجال الجبال الشامخات ومع ذلك لم يستح، جاء كتابه بعد أن أنكر سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه، وقد ذهب إليه علماء وناقشوه ليثنوه عن هرائه وصبيانيته..
معمر القذافي بارع في القمع والقتل والتضليل، فكل من يخالفه داخل ليبيا وخارجها يلاحقه حتى تصفيته، فلقد صفى المعارض مصطفى رمضان مذيع البيبسي الأسبق، وصفى طلبة عارضوه، ومن ضمن جرائمه في حقهم أنه كبل بعضهم وربطهم إلى مؤخرة سيارة الجيب ذات الدفع الرباعي وأمر بتطويفهم في حرم الجامعة إلى أن لقوا حتفهم والطلبة ينظرون إلى بشاعة الموقف، كل ذلك تهديدا لهم ومنعا لأي عمل معارض يفكرون فيه لأن مصيرهم سيكون هو ما شاهدوه..
القذافي جاء بثورة يسخر منها كل من يملك ثقافة ولو كانت بسيطة، كيف يعقل أن تقوم ثورة في بلد خال من الساكنة إلا من قلة قليلة منهم لأن الناس كانوا يعيشون على رعي الإبل يتنقلون بحثا عن الكلأ لإبلهم؟ وكيف تقوم ثورة على مرأى ومسمع من الجيش البريطاني الذي كان يرابط في ليبيا وتعداده 150000 ألف جندي خاضوا الحرب العالمية الثانية؟ كيف تقوم ثورة في فراغ؟ وكيف يحلوا لبطلها الوهمي أن يسميها ثورة؟
لقد تعلم القذافي في بريطانيا في كلية عسكرية، وكان مشاغبا، وكان الملك إدريس السنوسي لا يرغب في الاستمرار في الحكم لأن بلده وإن كبر مساحة فقد صغر في نسبة ساكنته غير المستقرة، وحين لفت القذافي الطالب نظر الإنجليز اهتموا به فنسقوا معه وجاءوا به إلى حكم ليبيا، وكان ذلك حاجة للوقوف في وجه عبد الناصر العميل الأمريكي الذي جاء به حفيد روزفلت وغيره وأطاح بالنفوذ الإنجليزي المتمثل في الملكية المصرية، فتظاهر بالسير مع عبد الناصر، ولكنه لم يفلح في جميع ما قام به ولو لإضعافه لأن عبد الناصر كان قد ترسخ في ذاكرة الشعوب العربية خداعا، فكان ذلك حصنا له من السقوط، وكذلك كان، ثم استمر القذافي يتلون كالحرباء ويقفز كالسعدان من أجل نوال منصب يجعله زعيما فوق العادة غير أنه لم يفلح فتزعم شعبه الليبي، وتآسد عليه ولم يزل، وقدم نفسه لإفريقيا فلم تجعل من بلادها أسواقا للنخاسة، ولم تجعل من شعوبها عبيدا، فقد ولى زمن العبيد إلا من حالات هنا وهناك كموريتانيا مثلا..
واليوم لما قامت الاحتجاجات نهض لقمعها، وسيقتل الناس ولا يبالي إلى أن يسقط هو الآخر كطاووس أعرج قد نتف ريشه فلم يعد قادرا على خداع الناس بألوانه الزاهية، ولم يعد قادرا على الطيران مثل طيور مدغشقر..
الخط الذي يمثله معمر القذافي هو نفس الخط الذي يمثله كل من المغرب وتونس والجزائر وليبيا، تونس رغم إلقائها بجرذها في مزبلة التاريخ لم تنجح في إسقاط النفوذ الإنجليزي فبات من خلَف بن علي امتدادا لنفس النفوذ، ومصر بإلقائها بجرذها في مزبلة التاريخ لم تتحرر حقيقية لأن من خلف حسني مبارك هو نفس من كان يسانده في حكمه وهو الجيش بقيادة الطنطاوي، والوقت الآن لصالح الجيش والغرب وإسرائيل، وعلى الرغم من ثبات الشباب ومطالبتهم بالتغيير الحقيقي إلا أنهم يخدعون بتمثيليات بليدة يتواطأ في تمثيليتها الغرب وأمريكا حتى لا يأتي أناس يحكمون مصر وهم من خارج ما يسمى بالالتزام بالاتفاقيات الدولية وخصوصا اتفاقيات كامب ديفيد، اتفاقية السادات ومبارك وكل من نحا نحوهم، أو يأتي أناس يغترفون من ثقافتهم ويصنعون منها دستورهم ويبنون عليها سياساتهم مع الشعوب والأمم..
ومما يؤسف له أن الحركة التحررية في البلاد العربية التي بدأت في تونس ولن تقف عند القذافي ولا عند علي عبد الله صالح ولا عند ملك البحرين التي إن نجحت في إسقاط الملكية نجحت في ربط البحرين الواقعة تحت النفوذ الإنجليزي بإيران الواقعة تحت النفوذ الأمريكي بتمثيليات بغيضة يعلوها المخادعة وليس الممانعة؛ لإكمال الدائرة وسدها على العرب حتى ينقض عليهم بمساعدة الغرب شيعة الخرافات والأساطير..
إن القذافي طاووس عار من الريش، وقد بدأت تأخذه القشعريرة ولن يستمر حيا لأن الريش الذي فقده لن ينبت له من جديد..
إن ما يجب ملاحظته هو أن فصل جنوب السودان عن شماله قد نجح وتحقق في خضم أحداث تونس ومصر والجزائر واليمن والبحرين وليبيا وقد تنوسي للأسف وهو خطير للغاية.
.............
طنجة الجزيرة
طنجة في: 17 فبراير 2011
