بسم الله الرحمن الرحيم
الحروف هي هي أمل وألم ، كما في الخط والحظ ، لكن المعاني تبتعد ، فتحاول الآمال أن تُقَرّبها . لن أذهب بعيداً ، وسأدندنُ على أحلامهم التي يأملون لها التحقيق إنه همس الأماني ، ففي مثل إنكليزي بمعناه : ( الذين يحلمون إما أن يقوموا لتحقيق أحلامهم ، أو ليبقوا نائمين ليترنموا بأحلامهم التي لن تتحقق )
.
وفي الجغرافيا السياسية : أن الأمم فيها مُعطيات ثابتة لا تتغير منها الجغرافيا ، ولكن يبدو أن الجغرافيا العربية تتبدل باستمرار ، ففي فلسطين كل يوم تُرسمُ خريطة جديدة ، وفي السودان تُقطع الجغرافيا وهكذا ... ناهيك عن دولٍ لم تُرسم لها حدود دائمة ، فحدودها قابلة للمد والجزر ، ونحن أقرب لحالة القمر عندما يكون في حالة ( المُحاق ) لاكتمال الجزر .
إن الذاكرة العربية مثقوبة تماماً ، وحالها حال تلك المرأة التي دفنت زوجها ، وعادت إلى بيتها لتسترخي في مسبح المنزل ، فعندما رآها أصدقاؤها لاموها على فعلها . فقالت : ألم يكنْ المايو أسود !!؟؟ نعم إن الألم في حياتنا قد أصبح رمزيّاً ، والحال الاجتماعي أصبح كذلك .
والذين بَكوا وحزنوا على حال البلدان التي مرت عليها الكوارث والحروب ، نسوا ذلك بكونهم يمرون بأزماتٍ جديدة مُصطنعة ، ولقد أصبح الشقي مَنْ يمتلك الذاكرة . فقد قال ناظم حكمت في رسالة أرسلها لزوجته : إن الناس لم يعودوا يذكرون موتاهم بعد سنة . هذا في الماضي فما بالنا نحن لقد أصبحنا لا نذكر موتانا بعد ثلاثة أيام .
إن مَنْ يتابع الأخبار على الشاشات ويقرأ في الجرائد اليومية ، لم يعد قادراً أن يستجلب مشاعر الحزن لهذه الأمة التي تكاثرت عليها الأحزان من كل حدب وصوب .
وكما قال الشاعر :

تكاثرتِ الظباء على خُراشٍ ...... وما يدري خراش ما يصيدُ

وقد ورد في الأثر : مَنْ لم يهتمَّ بأمرِ المُسلمين فليس منهم .
ونحن أمة لوتمسكت بمنظومتها الأخلاقية والدينية وانطلقت في آفاق المعرفة ، لكان لها دور كبير في صناعة التاريخ ، وليس قارئة لِصُنّاعه .
فهلا وقفنا مع ذاتنا قليلاً لا لِجلده بل لبعثها من جديد . وقد كان جمال الدين الأفغاني يقول : ( إن الأزمة تَلِدُ الهمة ) . فقد تكاثرتِ الأزمات ولكن الهمم مكانك راوح .