بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة: عن التدريس *.

ـــــــــــــــــ

"...الدرس الفلسفي ضروري لحضور الفكر الفلسفي بشخصياته وتاريخه وقضاياه ضمن التكوين العام في كل بلد. وإذا كانت الفلسفة منبثقة عن فكر حر، فإنه من الملائم في كل مجتمع يسعى إلى تربية أجياله على حرية الفكر من درس فلسفي يرشد إلى طريق تلك الحرية. وقد كان أغلب الفلاسفة مدرسين للفلسفة وتاريخها وانبثق تفكيرهم من داخل ذلك التدريس، ونقلوا إلى المتلقين ثورة عن الفكر الفلسفي المتحرر من كل المسبقات. ذلك أن الدرس الفلسفي الذي يقدم للمتعلمين أفكار الفلاسفة المختلفة والمنتمية إلى حضارات وعصور متباينة يقود المتلقي نحو الابتعاد عن الحقيقة الواحدة المطلقة، ويعلمه كيف يعطي داخل فكره الواحد فرصة لآراء مختلفة صادرة عن ذوات متعددة تنتمي إلى آفاق فكرية مختلفة، كما تنتمي إلى عصور وحضارات متباينة. تساعد الفلسفة عبر تدريسها على النظر إلى المشكلات المطروحة على الإنسان في مستواها الكوني والنظر تبعا لذلك في الآراء المختلفة، بل والمتعارضة أحيانا حول نفس المشكل. تلك هي الأهمية التربوية للدرس الفلسفي في المستويين اللذين يلقى فيهما هذا الدرس، أي الاقسام الثانوية والتعليم العالي. وتلك أيضا هي الأهمية التي تقود إلى الدعوة بنشر تعليم الفلسفة في جميع الاختصاصات التكوينية.

حيث رصد خبراء منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة الأهمية التربوية الخاصة للدرس الفلسفي من حيث إنه يساهم في تكوين فكر منفتح على التيارات المختلفة وعلى ثقافات العالم المتباينة، وحيث إن هذا الدرس يعلم المتلقي نسبية الأحكام،فقد عملت المنظمة في أكثر من مناسبة على تهييء برنامج لمعرفة وضع الدرس الفلسفي في العالم. فقد تم البحث في وضعية التعليم الفلسفي في العالم، وهو البرنامج الذي نشرت نتائجه عام 1953 . لكن المنظمة عادت للبحث في الموضوع سنة 1995، حيث تم البحث من منظور علاقة وضعية التعليم الفلسفي بالديمقراطية.، وهو البحث الذي نشر في نفس السنة ضمن منشورات اليونسكو. وقد بدا للمشاركين في هذا البرنامج أن هناك اقترانا بين حضور الدرس الفلسفي في المجتمع وسيادة النظام الديمقراطي فيه. فالمشترك بين الفلسفة والديمقراطية هو قبولهما معا احتواء الاختلاف، وقبول التعدد الفكري من جهة الفلسفة، والتعدد السياسي من جهة الديمقراطية..."

محمد وقيدي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يحتفل العالم، كما هو معلوم،كل سنة، ابتداء من 2002، في 16 نونبر، باليوم العالمي للفلسفة، إعلاء للعقل ولقيم النقد والحوار والتفكير والديمقراطية والتسامح وثقافة الاختلاف والتنوع واحترام الآخر... وقد كان للمغرب شرف تقديم طلب هذا الاحتفال (مثل اليوم العالمي للشعر)، فاستجابت الأمم المتحدة للطلب .
هنا فقرة عن أهمية تدريس الفلسفة، مجتزأة من موضوع أطول .

ــــــــــــــــــــــــــ