التقيت رجلاً طاعناً في السن في عمّان ولم يكن لباسه يدل على شيء من الترف بالرغم من المناصب التي انتقل فيما بينها سياسياً .
ولما سألته : هل أنت أردني الجنسية؟!
رد وباللغة العربية الفصحى : (هل تقصد قبل سايكس بيكو أم بعدها , فإن كان سؤالك قبل سايكس بيكو فأنا من بلاد الشام . وإن كان قصدك بعد سايكس بيكو فاعذر جهلي فأنا إلى الآن لم أفهم سايكس بيكو ولم أعترف بها بعد . لأننا كعرب لم نناقش أفكارها وحيثياتها وحتى لم نحضر حفل توقيعها , فهي تمت بين طرفين قويين حاولا تقرير مصير شعوب ضعيفة في تلك الآونة . وحتى أنا لم أكن ولدت بعد ).
ما قاله هذا الرجل أثار الكثير من أمواج الأفكار المتلاطمة في دماغي .
كيف قبلنا سايكس بيكو ولماذا؟!
بل كيف صرنا ثلاث وعشرون دولة بعد أن كنا وطناً واحداً ؟!
ترى من الذي أعطى لغير العرب الحق في تقرير مصير وتقسيم أمة تزيد عن ثلاثمئة مليون نسمة ؟!
ثم إن كان أجدادنا قد قبلوا بالتقسيم لضعفهم وجهلهم ( ونعذرهم في هذا ) لماذا ونحن الجيل المثقف والأقدر على التواصل مع بعضه نقبل بهذا.
ألسنا الآن أقدر على اتخاذ القرار بأن الوطن الذي نريد هو من المحيط إلى الخليج ومن طوروس إلى جزر القمر ؟!
تصوروا لو أن كل شخصٍ في الوطن العربي قال : أنا من الوطن العربي ولا أعترف بالتقسيمات التي قررها أعداء الأمة, وزرعنا في عقيدتنا أن الحدود بيننا هي وهمية ألن يأتي يومٌ ونزيلها نهائياً.
الرجل الذي حدثني هو عربي من ها هنا لم يأت من المريخ وهو شخص واحد ولكن بتركيز بسيط يصبح الرقم ثلاثمئة مليون إلا من سخط ربي . فالأمر دائماً يبدأ بشخص وينتهي بأمة والله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم .
فأن أقول أنا عربي مع الجميع لا بد وأن تزول الحدود بصوتنا . ولعل الإرادة أمضى سلاحاً من كل ما يصنعون .
بقلم : محمد عبد الستار طكو
