وعليك سلام الله، أستاذ طارق شفيق حقي .

اسمح لي أن أختلف معك في طريقة التعبير عن وجهات نظرك .
بطبيعة الحال، أنت حر في اتخاذ الموقف الذي تراه، وفي إبداء رأيك في قضية الجوائز ومانحيها ومستحقيها (أو غير المستحقين لها بالأحرى) . إنما إبداء الرأي، في تصوري، يكون بطريقة نسبية، غير وثوقية (وحدي أمتلك الحقيقة، وغيري مخطئ [آثم!] إلى أن يثبت العكس) ولا قطعية ولا إطلاقية ... كما علمنا السلف الصالح .
من حقنا أن نختلف، ومن حقنا أن تكون لدينا خلفياتنا التي نستند إليها في إصدار الأحكام، فقط علينا أن نكون موضوعيين، منهجيين في الإقناع، لا متحاملين في إطلاق أحكام القيمة، وثوقيين، بشكل يكاد يكون عدوانيا... على شاكلة :
"الكاتب الطاهر بن جلون سيئ السمعة" .
"كلمة كاتب عالمي تعني اليوم كاتب مشبوه" .
"مسابقة عالمية تعني مسابقة مشبوهة" .
"المسابقات العالمية مخترقة" .
الجوائز العربية أصبحت فخا لكل مبدع" .
"الأدب والثقافة العربية تنموان باتجاه الحياد الفكري والتفريغ القومي والمعنوي لكل القضايا الحقيقية التي يتعطش لها الوجدان العربي" .
.....
الذي أعرفه، شخصيا، أن الطاهر بن جلون، ذو سمعة طيبة في بلده المغرب وفي الكثير من البلاد العربية والأجنبية (في فرنسا بالخصوص التي عاش بها أمدا طويلا: ربما تكون هذه هي جريرته: الكتابة بالفرنسية والعيش في فرنسا، ويكون ذلك كافيا ربما ليُعتبر سيئ السمعة!) .
قد يُنتقد ابن جلون على بعض مواقفه، ولكن ذلك لا يمنع بأن يحظى بتقدير طيب من قبل الكثير من الأوساط الثقافية والأدبية والإعلامية من مثل بيت الشعر المغربي و"غونكور" .
ولا أعتقد أن بيت الشعر المغربي الذي منحه جائزة "الأركانة" مؤسسة مشبوهة، كما ترى، فالمنتسبون إليه ، في رأيي المتواضع (الذي قد يكون خاطئا)، شعراء ذوو مكانة أدبية رفيعة . ولجنة تحكيم البيت التي منحت ابن جلون الجائزة ليست مشبوهة وأعضاؤها معروفون بمكانتهم الأدبية والفكرية والثقافية... (ما دليلك على أنها [اللجنة] مشبوهة؟ ومشبوهة في أي اتجاه؟) .
ولماذا يكون الكاتب مشبوها؟ ألمجرد أنه كاتب عالمي؟
وهل كل المسابقات الأدبية العربية والعالمية مشبوهة ومخترقة و"فخاخ" للمبدعين، بهذا الإطلاق؟ (أعتقد أن في هذا الحكم المطلق تجنيا على العديد من مانحي الجوائز ومستحقيها) .
وألا ترى، أستاذ شفيق، في إطلاق حكمك على الأدب والثقافة العربيين (كل الأدب والثقافة)، بأنهما يسيران في اتجاه "الحياد الفكري والتفريغ القومي والمعنوي لقضايا الوجدان العربي..." ألا ترى،معي، في هذا الإطلاق (مرة أخرى)، تجنيا على جوانب كثيرة مضيئة وهادفة
وأصيلة، في الثقافة والأدب العربيين، ومعبرة عن الهوية العربية الإسلامية وعن قضايا وهموم الأمة العربية ؟
أما مسألة "نظرية المؤامرة"، التي أسالت الكثير من الحبر، وملأت الأجواء الفضائية والافتراضية، فأرى شخصيا، (وقد أكون مخطئا، مرة أخرى)، أنها مجرد شماعة نعلق عليها كل إخفاقاتنا وهزائمنا حتى لا نواجه أنفسنا (تغيير ما بالنفس أولا)، ونشرِّح أدواءها وأسقامها، مع الاعتراف بأنه قد تكون هناك جهات غير صديقة لا تريد لنا النهوض . المهم في اعتقادي،أن نبدأ بالنقد الذاتي، ونعترف بنصيبنا الوافر في ما نحن فيه .
أما القضية المقلوبة: الجناية والاتهام والإدانة وسوء الظن... هي الأصل(بدل البراءة!)، فليست في حاجة إلى تعليق .
مرة أخرى، لك الحق، أستاذ شفيق، في الاختلاف وإبداء الرأي (انطلاقا من خلفياتك طبعا)، إلا أن ذلك، في رأيي، ينبغي أن يكون بلا استعلاء وبدون مصادرة وبتواضع وموضوعية ونسبية غير وثوقية، تترك للآخرين حق أن يختلفوا معك .

(رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) .
ـــــــــــــــــــ