دعني لشعري
ففيه أراني
أصافحني
ألملم وجها
تشتت فيك
أتحسس الباقي مني
أناجيك ..

دعني لشعري
ففيه أتحقق
أتجلى
أكون كما أشتهي
أسيل حروفا
على وجه البياض
أحضن قلبا
فيك ومنك
فاض

دعني لشعري
فمنه أتسلل نحوي
أغرق في داخلي
أشتعل كالخصيب
كجنون الليل
كاللهيب

دعني لشعري
ففيه أعصر عنب الأحزان
أمر كالشعاع
أكفكف دموع الجدران
أربث على قصائدي
أشتهي فيك النسيان


دعني لشعري
ففيه ألقاك
موجع وجميل
كالملاك
ضحكة طفولية
على رصيف ذكراك
ورعشة صدتها عيناك

دعني لشعري
فعلى سريره كانت ليلتنا الاولى
نظرتنا الاولى..
قصيدتنا العصية العنوان
أم تراك نسيت يا خليل النسيان؟
سليل الافتتان؟
دعني لشعري
فهو لا ينسى ..
ويحفظ عن ظهر شعر ماكان
يخفي أسراري عن الجيران
يثقن احتوائي والكتمان
مريم الوادي
أبريل 2010



التحليل
قصيدة غريبة في لغتها غريبة في دلالاتها غريبة في صورها ،فيها تداخل الذات الشاعرة مع الذات المستشعرة تداخل الأنا البراني في الأنا الجواني ، صور بلاغية تنعكس على مرآة الشاعرة فتعود مرة أخرى إلى الشاعرة رغبة في الخروج إلى الواقع لكن هذا الواقع يصدمها ويرجعها إلى واقع الواقع ، انغلاق النفس على النفس يقابله تفتح النفس على الآخر وتصالحها مع الذات ، مناجاة الشاعرة لنفسها لمعرفة نفسها ، إنها حالة من التماهي و الانغماس في لاوعي الشاعرة الذي ترغب في تحريكه و البوح عنه فهي تحبذ الحياة وسط لوعة الفراق وحر الأشواق بدل الخروج إلى تمزق الذات .
إن الشعر في النهاية هو الملاذ هو الخلاص هو الرحمة ، رحمة الذات من حرقة المجهول الذي يعارض شطحات الشاعرة ويمنعها من المواجهة و التصدي لحالة الوعي التي تتجاهلها الشاعرة وتهرب منها .
عندما نعد/نحسب المقاطع نجدها خمسة مقاطع كل مقطع يمدك للمقطع الموالي تفرق بينها المواضيع لكن تجمع بينها الأحاسيس ، إنها حالة من مخاصمة الذات إنها رغبة خفية لمحاولة جلد الذات المنغلقة المنكمشة وهذا الانغلاق و الانكماش يتحرك ويدور دائما بجوانب الشاعرة تريد الإفصاح تأتيها حالة البوح و عندما ترغب في الإفراج عنها تصطدم بعوائق مانعة ترفع أمامها شارة حمراء تحد من تفتحها و تفتقها فتذبل و تنكمش .
إن الشاعرة تعيش حالة من التمرد العاطفي حالة من العصيان( الحس مشاعري) يصطدم بواقع النشأة و التربية إنها دائما تستحضر كل المنغصات و الموانع التي تولدت لديها من خلال ترسبات قديمة وليدة عوامل مختلفة كالأعراف الاجتماعية و الدينية و الأخلاقية و......الخ التي يمكن نسميها في علم النفس الإكلينيكي بالأنا الأعلى هذا الأنا الذي أصبح غائبا حاضرا غائبا في الشعر حاضرا في الواقع .
إنه حاضر ، حاضر في ذات الشاعرة بين أشعارها بين صفحات أوراقها البيضاء الناصعة وغائب بين جيرانها و خلانها ، إنها حالة من الانكسار و الانشطار الجواني الذي ينخر أحاسيس الشاعرة المرهف وتأبى أن تقوله لفظا وتعبر عنه شعرا ، إنها حالة من تمرد الذات على الذات ، حالة من العصيان الداخلي الذي يحاول من حين لآخر فتح فجوات للإفصاح لكن باب التعبير يصده و يمنعه ثم تؤجل الشاعرة هذا البركان هذه الثورة المدمرة إلى أجل غير معلوم ...........
الحاج محمد يوب 06-04-10