النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: كيف غيرت اختراعات المسلمين الأوائل وجه العالم؟

  1. #1 كيف غيرت اختراعات المسلمين الأوائل وجه العالم؟ 
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    كيف غيرت اختراعات المسلمين الأوائل وجه العالم؟
    د. جلال جميل سلمان الدليمي
    لقد صح من قال إن الحقيقة لا تحجب بغربال حتى لو استطاع الدهاقنة من النيل من أصحابها ومحاولات طمسها والتقليل من أصحابها، أو أن تنسب إلى الغير زوراً وبهتاناً. والتأريخ سجل مثالب كثيرة على بعض المستشرقين السلبيين ومن على شاكلتهم بحق العرب والمسلمين الذين تركوا البصمات على الكثير من الإسهامات لخدمة الإنسانية، ولذلك لا أحد يستطيع التشكيك برسالة الإسلام العالمية بقيادة المبعوث إلى العالمين كافة(صلى الله عليه وسلم) إلا من كان حاقداً أو مغرضاً أو قد أعميت بصيرته لكي لا يرى النور الوهاج..
    وأخيراً، أقدمت إحدى المؤسسات العلمية البريطانية على إقامة معرض علمي تأريخي للتذكير بمآثر المسلمين العلمية والتي غيرت وجه العالم الإنساني بقلم الكاتب البريطاني بول فاليلي من صحيفة الإندبندنت، وقد سبقتها إجراءات الحكومة بفتح مصارف إسلامية، واللجوء إلى المنهج الاقتصادي الإسلامي لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الأمريكية ـ والتي انتقلت عدوتها على دول وشركات ومستثمرين.. أي أنها دولت وبنسب متفاوتة من حيث القرب والبعد، أي أنها أخذت منحىً عالمياً، وفسح المجال لإقامة المعرض الكبير للفنون الإسلامية في لندن... إلخ. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل إن ما حصل وسيحصل ينم عن صحوة ضمير؟ أم تكفير عن الإساءات والتبلي والتجني على المسلمين وسرقة جهودهم ومآثرهم وحجب الحقيقة؟ أم ماذا؟. لقد لخص فاليلي في عشرين إنجازاً ومخترعاً للعلماء العرب والمسلمين فقط من الإنجازات الكثيرة، والتي لولاها لما كان العالم المعاصر على ما هو عليه من تقدم وحضارة وازدهار ورخاء على حد قوله، وهذا الإجراء المتأخر لم نفاجأ به، إذ كلنا على يقين من أن حقيقة الإنجازات العربية والإسلامية لا يمكن تغييبها إلى النهاية، والحق سيظهر ولو بعد حين لوجود حقائق علمية وبصمات وتراث تاريخي زاخر مشهود أرخ للمراحل السابقة وسيؤرخ للمراحل الحالية وللمستقبل، فضلاً عما هو موثق في الكثير من المظان التاريخية وما حوته المتاحف العالمية من نماذج تراثية تؤرخ لحضارة عربية إسلامية فاعلة كانت هنا أو هناك ضمن العالم العربي والإسلامي لا أحد ينكرها في اللوفر وبرلين ولندن ونيويورك... إلخ. فضلاً عن شهادة المنصفين من العلماء والمستشرقين.. وتيقن ذلك عندما بادرت حكومة إمارة الشارقة متمثلة بسمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي باستضافة المؤتمر الدولي الأول (تأريخ العلوم عند العرب والمسلمين) في أروقة جامعة الشارقة للفترة من 24ـ27/3/2008م وكان لي شرف المشاركة والمساهمة بالبحث الموسوم (إسهامات العرب والمسلمين في الحضارة الإنسانية) وكانت فرصة للالتقاء بعلماء وباحثين من مختلف دول المعمورة أجمعوا على أن الحضارة العربية والإسلامية ساهمت بشكل بناء في البناء الحضاري الإنساني وفتحت الطريق المظلم لإرائه النور للعالم الذي كان يتخبط ويعيش في ظلام دامس، وتم توثيق وقائع المؤتمر بالصورة والصوت والبحوث والدراسات الموثقة، وكانت مبادرة طيبة وناجحة في كل المقاييس، ونثني على القائمين عليه، ونشدد على تكراره في أماكن أخرى للفائدة.
    علماء العرب والمسلمين: إن من حق الأمة العربية والإسلامية، ومن خلالهم الإنسانية أن تفخر بالأوائل من رجالات العلم والمعرفة، الذين كان لهم القدح المعلى في المساهمة في البناء الحضاري الإنساني، وتركوا لنا تراثاً زاخراً للأجيال في أنحاء المعمورة قبل أن يرث الله الأرض ومن عليها. وسنذكر بعض الرموز العلمية من بينهم: العالم العربي(جابر بن حيان الكوفي) المتوفى سنة 160هـ/776م، وجهوده القيمة في دفع الحركة العلمية إلى أمام، من خلال مساهماته الكبيرة، وأكثر ما عرف فيه في الغرب بتجاربه بعلم الكيمياء. والخوارزمي المتوفى سنة 236هـ/850م وشهرته في الرياضيات(الخوارزميات). والرازي المتوفى سنة 311هـ/923م وشهرته في الطب.وابن سينا المتوفى سنة 428هـ/1037م، وعلمه في الطب. وابن الهيثم المتوفى سنة 430هـ/1038م في طب العيون. والبيروني المتوفى
    سنة 440هـ/1048م وشهرته في علم الطبيعة. وابن رشد الفيلسوف الذي لا يقل شأناً عن سقراط، وهو تلميذ أفلاطون مثلما يشاع لأهميته. والعالمان المقريزي وابن خلدون، اللذان كانا من أوائل من تحدثا عن فائض القيمة، وانهمكا في الشؤون المالية والاقتصادية في كتابيهما القيمين شذور العقود في ذكر النقود، والمقدمة المشهورة، وربطا ذلك بدورة الحياة، وبالنواحي الاجتماعية. والماوردي في كتابه الأحكام السلطانية والولايات العربية. وابن النديم بالفهرست. والفارابي المعلم الثاني بعد أرسطو، وشهرته في الفلسفة. وأبو يوسف(ت182هـ) في كتابه الخراج، وثبت فيه مبالغ خراج الدولة العربية الإسلامية. والبلاذري في فتوح البلدان. وآخرون كثر لا مجال لذكرهم بالرغم من الأهمية العلمية المرموقة التي يعتلونها. ولأهمية سماع الرأي والرأي الآخر سوف نذكر الرأي الآخر، وما ذكر في بريطانيا أخيراً، وكأنه يراد منه المصالحة مع الضحية(العرب والمسلمين).
    اختراعات واكتشافات المسلمين الأوائل: إن المسلمين هم أول من اكتشف القهوة وجعلها مشروباً عالمياً، وحصل ذلك عندما كان راعي أغنام عربي ويدعى خالد في منطقة بجنوب إثيوبيا إذ اكتشف أن أغنامه صارت أكثر حيوية بعد تناولها نوعاً من الحبوب، فأخذ بعضاً منها وغلاها ليضع منها أول مشروب للقهوة، وكان المتصوفة أول من استورد القهوة من إثيوبيا إلى اليمن حيث كانوا يشربونها كي يسهروا طويلاً للتعبد لله عز وجل. وفي نهاية القرن الخامس عشر الميلادي وصلت القهوة إلى مكة وتركيا ومن ثم إلى البندقية(إيطاليا). وفي منتصف القرن السابع عشر وصلت إلى بريطانيا بواسطة أحد الأتراك المقيمين وفتح أول محل لبيع القهوة العربية في شارع لامبارد بلندن. ومن ثم أصبح اسم القهوة بالتركية تسمى كهفي، وبالإيطالية كافا، وبالإنجليزية كافي أو كوفي.
    علم الرياضيات: كان العالم العربي المسلم ابن الهيثم عالم الرياضيات والفلك والفيزياء والبصريات هو مخترع الكاميرا، والتي هي عماد مهنة الإعلام الحديثة. وأخذت اسمها من كلمة(قمرة) العربية والتي تعني الغرفة المظلمة أو الغرفة الخاصة.
    علم الطيران: إن الفلكي والشاعر والمهندس عباس بن فرناس،كان قد سبق الأخوين رايت بألف عام في صناعة آلة للطيران، وقام بالتجربة إذ طار أول مرة من على مئذنة في مدينة قرطبة مستخدماً عباءة محشوة بمواد خشبية. ولذلك تعد عباءة ابن فرناس أول مظلة في التاريخ.

    علم صناعة الصابون: يذكر أن المسلمين الأوائل هم أول من قام بصناعة وتطوير الصابون الذي نستخدمه اليوم وأضافوا إليه الزيوت النباتية وهايدروكسيد الصوديوم والعطور، كعطر الزعتر والورود، بينما كانت تفوح من أجساد الصليبيين الذين غزوا أرض العرب والمسلمين ظلماً وبغضاءً روائح كريهة للغاية، حسبما يقول مسلمو ذلك الزمان وقد جلب صابون الغسيل(الشامبو) إلى بريطانيا لأول مرة شخص مسلم عين فيما بعد في بلاط الملكين جورج وويليام الرابع لشؤون النظافة.
    أجهزة التقطير: يعد أبو عبدالله جابر بن حيان بن عبدالله الكوفي،المعروف بالصوفي أو الشيخ النبيل أبو موسى جابر بن حيان الصوفي الطرسوسي، من مشاهير قدماء العلماء بالأفانين الغريبة في الكيمياء والليمياء وسائر علوم السر والجفر الجامع.مخترع الكيمياء الحديثة وإليه يعود الفضل في صناعة كل أجهزة التقطير والفلترة والتبخر والتطهير والأكسدة المستخدمة هذه الأيام.
    الاختراعات الميكانيكية: إن المهندس الجزائري له الفضل في تصميم أهم الاختراعات الميكانيكية في تاريخ الإنسانية. فهو الذي صمم أول صمامات عرفها الإنسان، وهو أيضاً الذي اخترع الساعات الميكانيكية، وهو أبو علم الآليات والتسيير الذاتي الذي تقوم عليه الصناعات الحديثة. كما هو أول من اخترع القفل الرقمي الذي نراه الآن مستخدماً في الحقائب والخزائن.
    المواد العازلة: إن أول من صنع المواد العازلة هم المسلمون، واستخدموها في صناعة الألبسة المحشوة بمواد عازلة، والتي مازال يرتديها العسكريون. كما أن المسلمين الأوائل هم أول من صمم الأقواس الهندسية التي أخذها عنهم الغرب في ما بعد وأدخل في علم هندسة البناء، ولولا تقدم العلوم الهندسية الإسلامية لما شاهدنا الكثير من القلاع والقصور المنيفة والأبراج الهائلة في الأصقاع الغربية.
    الأدوات الجراحية وما يتعلق بها: يعود فضل ابتكار كل أدوات الجراحة والتشريح المستخدمة في الطب اليوم إلى العالم العربي المسلم الزهراوي في القرن العاشر الميلادي(الرابع الهجري) والتي بلغت مائتي أداة يستعملها الأطباء اليوم، فضلاً عن أنه قد اكتشف الخيوط المستخدمة في العمليات الجراحية والتي تذوب في الجسم بعد العملية أيضاً.
    وأن العالم العربي المسلم ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية في القرن الثالث عشر قبل هارفي بثلاثمائة عام. وأن اختراع البنج كان على يد العلماء المسلمين، والذي يعطى للمريض قبل إجراء العملية من خلال مزج الأفيون بالكحول للغرض نفسه. واكتشف العلماء المسلمون التلقيح والتطعيم الطبي قبل باستور الفرنسي بمئات السنين، وأوصلته إلى أوروبا زوجة السفير البريطاني في اسطنبول عام 1724م. وكان الأتراك يلقحون أطفالهم ضد بعض الأمراض المميتة قبل الأوروبيين بأكثر من خمسين عاماً. ويعود الفضل في ذلك إلى سلطان مصر (محمد علي باشا) الذي طلب تصنيع قلم حبر لا يوسخ الأيدي والملابس، فجاء اختراع أقلام الحبر الناشف التي تستخدم على نطاق واسع في كل أنحاء العالم الآن.
    وأن علي بن نافي الملقب بزرياب هو الذي وضع أسس التغذية الحديثة، فهو الذي جاء من العراق إلى قرطبة بفكرة الوجبة الثلاثية التي تتألف من الشوربة والصحن الرئيسي من اللحم أو السمك ثم الفاكهة والمكسرات. وهو الذي طور أيضاً كؤوس الكريستال التي عمل على اختراعها في البداية عباس بن فرناس.

    اختراع الطاحونة الهوائية: إن المسلمين هم أول من اخترع الطاحونة الهوائية الأولى لطحن الحبوب ولأغراض الري.. في حين لم تعرفها أوروبا إلا بعد خمسمائة عام.
    قواعد الحساب والجبر والارقام العربية واللوغاريتمات: قام العالمان المسلمان الخوارزمي والكندي بوضع نظام الترقيم (الأرقام العربية من الصفر إلى التسعة) وتلتها إلى إيجاد أساليب لحل كافة العمليات الحسابية الطويلة والمعقدة. كما أن الخوارزمي واضع علم الجبر أيضاً. وأن الإيطالي فيبوناتشي هو الذي نقل العلم الحسابي العربي إلى أوروبا بعد أكثر من ثلاثمائة عام على اكتشافه عربياً، والمؤسف أنه لم يقل الحقيقة ولم يكن أميناً على النقل. إذ إنه يدعي في الغرب أنه مكتشفه لا ناقله زوراً؟ وهل تعلمون أن عالماً مسلماً هو مكتشف اللوغاريتمات.. وأن علم المختصرات عربي بحت.
    النسيج والحياكة: إن المسلمين هم من وضع علم النسيج والحياكة والسجاد تحديداً، بينما كانت أرض المنازل في أوروبا مكسوة بالتراب، والسطوح البدائية. وقد انتشرت السجاجيد في ما بعد في الغرب انتشار النار في الهشيم. والحقيقة أن ما ذكر لم يتطرق إلا إلى الجزء اليسير لذر الرماد في العيون، فهي تمثل غيضاً من فيض، والقرآن الكريم يحوي على الكثير من الاكتشافات والحقائق والابتكارات العلمية، التي توصل إلى بعضها العلماء الأوروبيون وتفاجأوا عندما تمت المواجهة معهم وذكر لهم من أنها موجودة في القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، إذ أسلم الكثير منهم.
    نظرة الاستشراق والمستشرقين:
    يقول الأستاذ محمود محمد شاكر: «المستشرقون هم أهم طبقة تمخضت عنها اليقظة الأوروبية، لأنهم جند المسيحية الشمالية، الذين وهبوا أنفسهم للجهاد الأكبر ـ على حد زعمهم ـ حيازة علم دار الإسلام بكل الوسائل، تتوهج أفئدتهم ناراً أعتى من كل ما في قلوب رهبان الكنيسة، ولكنهم كانوا يملكون من القدرة الخارقة أن خالطوا أهل الإسلام في ديارهم، وبفضل ملاحظاتهم التي جمعوها من السياحة في دار الإسلام، ومن الكتب. نشأت طبقة الساسة الذين يعدون ما استطاعوا من عدة لرد غائلة الإسلام، ثم قهره في عقر داره، وهم الذين عرفوا فيما بعد باسم رجال الاستعمار(1). وفي المسميات الحديثة أطلق على جند المسيحية ـ الأنجليكانية بفرسان مالطة أو حملة الصليب.ويستطرد في القول نقلاً عن المستشرقين: أن هؤلاء العرب المسلمين هم في الأصل قوم بداة جهال لا علم لهم جياع في صحراء مجدبة، جاءهم رجل من أنفسهم فادعى أنه نبي مرسل، ولفق لهم ـ حاشاه وألف ـ ديناً من اليهودية والنصرانية، فصدقوه واتبعوه، ولم يلبث هؤلاء الجهلة والجياع أن عاثوا بدينهم هذا في الأرض يفتحونها بسيوفهم، حتى كان ما كان، ودان لهم من دان من غوغاء الأمم، وقامت لهم في الأرض بعد قليل ثقافة وحضارة جلها مسلوب من ثقافات الأمم السالفة: كالفرس والهند واليونان، حتى لغتهم كلها مسلوبة وعالة على العبرية والسريانية والآرامية والفارسية!! سبحان الله يقرون ضمناً بدور الأمة التي صنعت التاريخ، ويتحول بتصرفات الحاقد ليطمس الحقائق المضيئة مستسهلاً عمليات الغش والتدليس والفبركة، ثم يعود ويقول: ومن تصاريف الأقدار أن يكون علماء هذه الأمة العربية من غير أبناء العرب(الموالي) أتوا من كوكب آخر! يا لسخرية القدر، ويواصل افتراءاته من أن هؤلاء (يقصد العلماء العرب والمسلمين) هم الذين جعلوا لهذه الحضارة الإسلامية معنىً. هذا هو جوهر الصورة التي بثها المستشرقون السلبيون في كل كتبهم المنحازة عن رموز ودين الإسلام وفنونه وآثاره وحضارته. ويلاحظ اعتراف بالحقيقة الضمنية المغلفة بمسعى لئيم وباطل ومكشوف للأسف.
    والحقيقة أن فريقاً من مؤرخي الغرب قد رأوا في الفتوحات الإسلامية خروجاً على قوانين التأريخ، فيه شعب غارق في البداوة لا قبل له بالفنون العسكرية، ولا يملك جيشاً منظماً، بل كل ما يملكه عقيدة قد رسخت في وجدانه يخرج من صحرائه ليقاتل في سبيل الله، ويفتح البلدان بلداً إثر بلد، بل ومن العجيب في الأمر أن الكثير من البلاد قد فتحت صلحاً دون قتال، لتدخل شعوبها في دين الله أفواجاً، ولتستلهم الحضارة الإنسانية، ولم يملك هذا الفريق من المؤرخين سوى التسليم المطلق بقدرة هذا الدين العظيم في نفوس العرب والمسلمين.
    يقول المستشرق هـ.ج. ويلز: «لو أن هاوياً للتنبؤ في التاريخ استعرض أحوال العالم عند مستهل القرن السابع الميلادي لأمكنه أن يستنتج بحق أنه لن تنقضي قرون حتى تقع أوروبا وآسيا بأكملها في قبضة المغول. أما النقطة التي ربما تعرض فيها ذلك المتكهن للخطأ، فهي تجاهله للقوى الكامنة في الصحراء العربية. إذ إن بلاد العرب ربما لاحت لعينه على صورتها التي دامت عليها منذ أزمان سحيقة في القدم، حيث كانت مرتعاً لقبائل صغيرة من الرحل، وقد انقضت آنذاك أكثر سنة لم ينشئ شعب ساميّ في أثنائها إمبراطورية واحدة. ثم ما لبث نجم البدو أن سطع بباهر الضياء مدة قرن واحد حافل بالأبهة والفخامة، مدوا في أثنائه حكمهم ولغتهم من بلاد الأندلس غرباً حتى حدود الصين شرقاً، ومنحوا العالم ثقافة جديدة، وأقاموا عقيدة لاتزال إلى اليوم من أعظم القوى الحيوية في العالم(2). ويصف ويلز هذه الفتوح بقوله: «أنها أعجب قصص الفتوح التي مرت على مسرح تاريخ الجنس البشري»(3).
    أما وول ديورانت فيصفها في كتابه الشهير قصة الحضارة بأنها: «أعظم الأعمال إثارة للدهشة في التاريخ الحربي كله»(4). ويرى أن القرن العاشر الميلادي ـ الرابع الهجري كان من أزهى عصور العلم والمعرفة في تاريخ البشرية، وهناك الكثير ممن أرخوا بطريقة البحث العلمي المتجرد، ولذلك نحن على يقين تام بأن المنصفين من أمثال هؤلاء هم يصلحون لحوار الحضارات ولأنهم يقرون بأن الإسلام في عصوره الذهبية كان الحفيظ الوحيد على التراث الإنساني علم الفلسفة اليونانية وغيرها ـ بل إن فلاسفة المسلمين قد أقبلوا على تلك الفلسفة وهضموها، وزادوا عليها من قبل العلماء العرب والمسلمين؛ أمثال الفارابي، وابن سينا، وجابر بن حيان الكوفي في المشرق، وابن رشد، وابن طفيل في الأندلس العربية غرباً.

    الخاتمة: تم التوصل إلى الاسترشاد ببعض الآليات لخدمة قضايانا، وقضية البحث العلمي وكما يلي:
    ـ من السذاجة بمكان أن يصدق القول ـ وهو تبرير غير مقبول ـ من أن الأوروبيين يجهلون حقيقة الإسلام، لأن الذي يقوم بالتزوير ليس الفرد العادي، بل الشخص الاختصاصي والمخضرم في السياسة والتاريخ، والأنثروبولوجيا، فهؤلاء يعرفونه منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام خلت، عبر التجارة، وتبادل المعارف والعلوم، أو عبر الحروب الصليبية التي استمرت ما يقرب من قرنين من الزمان تارة أخرى، أو عبر الانسياح الإسلامي في أوروبا (الأندلس والبلقان)، أو بعد الاكتشافات العلمية والجغرافية والحقائق التي تضمنها كتاب الله العزيز، فضلاً عن العيون(الاستخبارات) الذين كانوا يحصون ويجردون المعلومات والأماكن عن العرب والمسلمين،كوسيلة وأداة فعالة بأيدي قادتهم في معاركهم التي استمرت طويلاً ـ من كر وفر مع العرب والمسلمين ـ واستمرت طويلاً بسبب تمسك العرب والمسلمين بحقوقهم المشروعة، ولم يفرطوا بها مطلقاً.
    ـ إن حالة التقليل من شأن التقدم العلمي العربي والإسلامي ماثلة للعيان لقصد في نفس يعقوب، إلا أن الحقيقة ماثلة ولا تحجب بغربال الحقد، لأن بصمات أولئك العلماء، وأسماءهم خالدة خلود الحضارة العربية والإسلامية، وهي محط تقدير المنصفين، وأن الحوار البناء غير المشروط خير وسيلة للمكاشفة ويحتمل النقد البناء بشرط توفر صفاء النوايا.
    ـ إن التعريف بتراث العرب والمسلمين من خلال انبثاق مركز دراسات متخصص يتولى الإجابة عن جل التساؤلات والرد على المغالطات بحق رموز ومعتقدات وتراث وحضارة العرب والمسلمين وباللغة التي يفهمونها، والاستفادة من تقنية المعلومات لنشر التراث بلغات مختلفة، والمشاركة في إقامة المعارض حول العالم من خلال التنسيق مع السفارات العربية والإسلامية، ومنظمة اليونسكو للتربية والعلوم. مع التأكيد على دعم البحث العلمي لإحيائه جديداً.
    - تأمين الحماية العلمية للعلم والعلماء المسلمين من خلال إشراك اليونسكو، والأمم المتحدة إذا اقتضى ذلك، وجعل التعرض لرموز العرب والمسلمين خطاً أحمر، ورفض ذريعة تحت حرية الرأي الغربية لإيصال رسائلهم الإجرامية باعتبارها مظلة للمسيئيين. وبالإمكان اللجوء لإصدار قرار واضح بعدم التعرض للأديان السماوية ورموزها من الجهات الدولية المعنية، واستخدام أسلوب المقاطعة الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية الجماعية ضد كل من يتخرص على العرب والمسلمين وعلى رموزهم، ومن أية جهة كانت في العالم، وإلا ماذا يفسر قيام اليهود بالتصدي فقط؟
    ـ إن الإبداع العربي والإسلامي وفي مختلف العلوم حقيقة ماثلة إلى العيان مشهود له لدى الأعداء التقليديين قبل الأصدقاء، يتطلب بين الحين والآخر تفعيل التخصصات العلمية المماثلة المختلفة لعلماء الطرفين، وتثبيت كل ما يحصل من وجهات نظر متطابقة أم مختلفة، بقصد تقليل الفجوة.
    ـ إلزامهم بالاعتراف والإقرار بأن إسهامات العرب والمسلمين حقيقة لا تحتاج إلى إثبات لأن دلالاتها واضحة وشاخصة للعيان، تتطلب الإرادة والجرأة، والإقلاع عن الانحياز للخروج إلى العالم بعقلية حضارية متفتحة (وفق مبدأ الأخذ والعطاء). وكتاب الله يحوي كمّاً كبيراً من الاكتشافات والحقائق العلمية، التي عجز العلم الحديث من الولوج إليها، وما توصل إليه العلماء كان موجوداً فيه.
    - وإذا كان التمييز والتصنيف طبقاً للنظرة الغربية المجردة، فحريّ أن يكون الرد علمياً ومن خلال مركز متخصص متفق عليه يمثل الجميع ، لأن الوحدة أقوى من التفرق والتشرذم، وهذا ما عانيناه كثيراً، مع استخدام كافة الأساليب المتطورة، ومن بينها اللقاءات العلنية عبر الفضائيات والبرامج التلفازية، فضلاً عن دور الجامعات، ومنظمات المجتمع المدني المختلفة. والحقوقية منها.
    ـ وأخيراً، التركيز على تدريس العلوم العربية والإسلامية، ومن بينها الاقتصاد الإسلامي في كافة مدارس وجامعات العرب والمسلمين، فضلاً عما يقدم في الغرب، مع استخدام وسائل الدعاية والإعلان لنشر البحوث والدراسات ذات السلامة الفكرية، بعد فحص وتمحيص وتدقيق للمفيد منها.

    ثبت المصادر والمراجع:
    (1) شاكر، محمود محمد، رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، ص49. (2) ويلز. هب.ج، موجز تاريخ العالم، ترجمة عبد العزيز جاويد، ص200. (3) ويلز.(م.ن)، موجز تاريخ العالم، ص204. (4) ديورانت، وول، قصة الحضارة، ترجمة محمد بدران، ج13،ص73





    المصدر مجلة الرافد العدد 151


    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    إن الحضارة ملك الإنسانية ككل ، و الحضارة لها عمر افتراضي هو الذي سماه ابن خلدون قبل المؤرخ توينبي بالانحدار الحضاري وما نراه اليوم من تقدم أكيد أن العرب لهم الباع الكبير فيه و أن إسهامات العرب لم تكن تظهر لولا الاسلام لأن الاسلام هو الذي أخرج العرب من شبه الجزيرة العربية إلى العالمية إلى الوجود .موضوع غني بالمعلومات بارك الله فيك .
    أخوك محمد يوب
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. غيرة نساء !
    بواسطة قلب تائه في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 27/11/2010, 09:52 AM
  2. اختراعات عربية
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05/04/2010, 09:47 PM
  3. ما هو عدد المسلمين في العالم ؟
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى سؤال
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10/02/2010, 09:48 PM
  4. أمثلة من غيرة عائشة وصبر الرسول عليها.
    بواسطة رغد في المنتدى إسلام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 05/10/2008, 06:09 PM
  5. في سياق الأوائل
    بواسطة مريم احمد في المنتدى لسان الضاد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16/10/2006, 10:03 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •