النتائج 1 إلى 12 من 20

الموضوع: حوار مع الفائز الثالث ( خالد محمد محمد)

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1  
    مشرف الصورة الرمزية محمد يوب
    تاريخ التسجيل
    Nov 2009
    الدولة
    الدار ابيضاء المغرب
    المشاركات
    944
    مقالات المدونة
    21
    معدل تقييم المستوى
    15
    القصة بين يدي القارئ
    عصفور الجنة – بقلم خالد محمد محمد .


    قضى الشيخ إبراهيم صلاة المغرب في مسجد العزيز بالله بحي المندرة ثم إتجه مسرعاً إلى الشاطيء في لهفة وقلق ؛ ولولا رعاية الرب لكان من ضحايا السيارات ؛ وما أن وصل حتى وجد القارب بانتظاره ، فانطلق به داخل البحر حتى اختفى الشاطيء ؛ وأخذت الشمس في الغرق ، مع سكون أصاب كل شيء من حوله ، وضوء أخذ ينطفيء ، ونسيم هاديء يداعب قسماته ، لوحة ربانية تخطّت حد الإعجاز ؛ نظر الشيخ إلى وجه الماء فوجد ابنه يوسف يبتسم له من تحت الموج ؛ إبتسامة طفل له من العمر سبع سنين ، رد الشيخ على إبنه بإبتسامة يملؤها الحنين ؛ وكان ختامها دموعه ، حتى ارتسم الشفق على سطح مقلتيه ، وحَلَّ الغروب على سماء وجهه ؛ وأخذت الذكريات في الفوران ! .



    تذكَّر يوم ابتاع لإبنه عصفوراً بديع الألوان ، رقيق الملامح ، حلو الصفير ، عصفور مُبهِج ؛ ديدنه اللعب والغناء ، المرح والسعادة ، الحرية والطلاقة ، الحب والسلام ؛ عصفور الجنة الذي ملء حياة الطفل ، وفاز بصداقته ، وأصبح جليسه الدائم .



    أول يوم تعارفا فيه وعد العصفورُ الطفل أنه لن يتركه أبداً ، لن يتركه وحيداً ، لن يتركه لحظة حزيناً ، لن يتركه ساعة جائعاً ، لن يتركه دقيقة خائب الظن ، لن يتركه محتاجاً لأي شيء ، لن يتركه أبداً ؛ ابتهج الطفل بهذه الوعود ؛ وأراد أن يصنع لصديقه العصفور أمر مماثل يكون بمثابة هدية ، فقال له : اسمع يا صديقي .. إنني أعشق البحر .. ولا يفوت يوماً إلا وأنتظر لأشاهد منظر الغروب .. أنتظر غرق الشمس .. فما رأيك أن تذهب معي ؟ .. هل تحب البحر ؟ .

    فانتفض العصفور من سعادته ؛ وأخذ يزقزق طرباً ، ويتراقص كأنه درويش ؛ فحمله الطفل بين كفيه برقة واتجه به إلى الشاطيء ؛ وكان الوقت قبيل موعد غرق الشمس ؛ فراح يترنح به في مشيه ، يمنة ويسرة ؛ ويسأل عصفوره – معجباً بنفسه - ما رأيك .. هل أنت خائف ؟ ، تبسم العصفور له وقال : يا يوسف نقف على الشجر ونحلِّق في السماء ولا نهاب السقوط ؛ يا يوسف أنني أعيش في السماء ، هي عالمي ..كما أنك تعيش على الأرض ؛ لكنك يا عزيزي لا تزال صغيراً .. أنت لم تبلغ بعد طول جذعٍ ! .
    ضحكا الإثنان ؛ ثم قال يوسف للعصفور : غداً سأصير طول الشجرة .. سأكون طويلاً وقوياً مثل أبي ؛ فرد العصفور بنظرة اشفاق : نعم يا صديقي غداً ستكون كذلك ؛ وظل الطفل يغني والعصفور يزقزق له .


    عندما اقتربا من الشاطيء ، وشارفا على خوض طريق السيارات ؛ حذَّره العصفور ، ونبهه إلى خطورة الأمر ؛ وطلب منه أن يسأل أحد المارة كي يساعده على العبور ؛ فضحك منه الطفل بثقة ، ثقة بريئة ؛ وقال له : أيها العصفور الجبان ، أتخشى على نفسك ؟ .. لا تَخَف .. فأنا كبير ولست بحاجة لأحد كي يأخذ بيدي .. لا تقلق .. أنت في حمايتي !



    هَمَّ الطفل على اجتياز الطريق ؛ فاستوقفه العصفور ، وقال له : نسيت أن أخبرك بشيء .. أنا لا أحب البحر .. عُد بنا إلى البيت . ؛ فنظر الطفل له نظرة تفقُّد فيها حدّة ؛ كأنه يختبر صدقه ؛ ثم قال : أنت تكذب يا صديقي ! .. ألا تثق بي ؟ . ؛ فرد العصفور : بلى ، أثق بك ، لكني لا أثق بالظروف ؛ فابتسم له الطفل ثم تحرّك نحو الشاطيء ؛ وبعد بِضع خطوات جاءت سيارة تطير على الأرض فتفاجيء بها يوسف ؛ أراد أن يتصرف فلم يقدر ؛ أصابه هلع وتردد ؛ فلم يستطع أن يحمل قدمه خطوة واحدة إلى الأمام ، فتصلَّب مكانه ؛ والعصفور يصرخ : تَحرَّك يا يوسف .. أَسْرِع يا يوسف ؛ لكن السيارة لم تنتظر يوسف فخلعته من الدنيا على الفور ؛ وطار العصفور أيضاً على الفور ؛ وراح ينظر إلى صديقه ، تغطيه الدماء ، منظر كئيب ؛ ثم أدار نفسه ونظر نحو البحر فوجد الشمس تغرق ؛ فبكى ثم انطلق .



    كل هذا دار في خُلد الشيخ ؛ ولم يشعر بالوقت الذي مَر ، ولا بالليل الذي حَل ؛ أفاق على صوت ينادي ؛ نداء قوي لكن ذيله الذي يصل ، يصل ضعيفاً ؛ فتحرَّك بقاربه نحو الشاطيء ؛ فوجد زوجته واقفة منتظرة قلقة عليه ؛ فنظر إليها بإبتسامة حزينة على شفتيه وآثار دموع في عينيه ؛ ثم مسك بيدها بشدة ثم اجتازا الطريق .


    سبق وقمت بإضافة قصة قصيرة بعنوان (عصفور الجنة) ، لكن احتراماً لشروط المسابقة ها أنا ألحق بها قصتين قصيرتين .. واحدة بعنوان ( حصار ) والأخرى بعنوان ( كربليس ) .. مع اعتمادي للقصة الأولى للمشاركة بها وعنوانها (عصفور الجنة) .. وشكراً لأستاذ طارق



    التعديل الأخير تم بواسطة محمد يوب ; 05/04/2010 الساعة 08:14 AM
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مقال: حوار مع الشاعر محمد محمود محمد من مصر
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09/02/2015, 11:19 AM
  2. حوار مع الفائز الثالث الشاعر علي صالح الجاسم
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 13/05/2010, 03:07 PM
  3. حوار مع الفائز الثاني حكمت الجاسم
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 07/05/2010, 03:46 PM
  4. حوار مع الفائز الثالث الشاعر سامي الذيبي
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى حوارات
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 25/04/2010, 11:04 AM
  5. حوار على باب المنفى / أحمد مطر
    بواسطة أنس الساهر في المنتدى الشعر
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 26/08/2006, 08:16 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •