القصيدة الثانيـــة


خديجة " شَمْسُ النِّـسَاءِ"


(1)


يَكْفِيكِ زَهْواً ، كُنْتِ زَوْجَ مُحَمَّدٍ




نِعْمَ الصَّفَاءُ ، وَنِعْم زَوْجاً صَافِيَهْ
كُنْـتِ التَّقىَ كُنتِ الْجمالَ المُفْردَا


أَذْوَى بِنُورِهِ ، زَيْفَ حُسْنِ الْغَانِيَهْ


كُنْتِ الْحَلِيلَةَ، وَالْخَلِيلَةَ ، وَالْوَفَا



وَبُحُورَ حُسْنٍ بِالْفَضَائِلِ جَارِيَــهْ


وَمَلاذَ أَمْنٍ لِلْحَبِيبِ يَضُمُّـــهُ



وَكُفُوفَ أمٍّ بِالْوَلِيدِ حَانِيَــــهْ


وَشَدَدْتِ أَزْرَهُ عِنْدَ كُلِّ بَلِيَّـــةٍ



لِجِرَاحِ قَلْبِهِ كُنْتِ أَنْتِ الآسِيَــهْ


حَطَّمْتِ عَنْهُ كَأْسَ يُتْمٍ عَلْقَــمٍ



وَغَدَوْتِ أَنْتِ يا خديجَةُ أَهْلِيَــهْ


(2)


فى كُلِّ يَوْمٍ فى حِــرَاءَ يَؤُمُّهُ



لِيُنَاجِى رَبَّهُ فى اللَّيَالِى الدَّاجِيَـهْ


كُنْتِ عُيُوناً، كُنْتِ رُوحاً هَفْهَفَتْ



كُنْتِ مَلاكاً ، دَيْدَبَاناً حَامِيَـــهْ


يَا لَهْفَ قَلْبِكِ حِينَ جَاءَكِ رَاجِفاً



مِثْل الزَّغِيبِ بِيَوْم عَصْفٍ عَاتِيَـهْ


مَا ثَمَّ وَصْلٌ إِلاَّ هَزَّهُ رَجْفَـــةٌ



وَمِنَ الْجَبِينِ فُيُوضُ فَصْدٍ جَارِيَهْ


لَمَّا أَتَى الْمَلَكُ الأَمِينُ مُبَشِّــراً



وَيَضُمُّهُ ضَمَّ الْجِبَالِ الرَّاسِيَــهْ


وَيَقُولُ اقْرَأْ _يَا مُحَمَّدُ – بِاسْمِهِ



رَبِّى اصْطَفَاكَ لِلْوُجُودِ هَادِيَــهْ


رِيعَ النَّبِىُّ وَمِلْءُ حَرْفِهِ وَجْفَـةٌ



وَيخَالُ رُوحَهُ فى الْمَنِيَّةِ كَابِيَــهْ


إنِّى أَنَـا الأمِّىٌّ مَا أنَا قَارِئــاً



وَالْْحَرْفُ يَذْوِى مِثْلَ رُوحٍ خَابِيَهْ


جِبْريلُ ضَمَّهُ ثُمَّ كَرَّرَ أَمْـــرَهُ



كَالأُولَى رَدَّ مُحَمَّدٌ فِى الثَّانِيَهْ
ويضَمَّهُ ضَمَّ الجبالِ لهَوْلِهَا ارْ


تَجَفَ الوُجُودُ والرَّوَاسِى هَاوِيَهْ


عَقِبَ الثَّلاثِ ، قَدْ تَلا أَمْرَ السَّمَا



اقْرَأْ – مُحَمَّدُ – بِاسْمِ رَبِّكَ بَعْدِيَهْ


فَهُوَ الَّذِى خَلَقَ الأَنَامَ وَعَلَّــمَ



وَالْكَوْنُ سَبَّحَ وَالنُّجُومُ السَّارِيَــهْ


(3)


وَأَوَى إِلَيْكِ يَا خَدِيجَةُ "دَثِّـرِى"

فَغَزَلْتِ مِنْ دِفْءِ الْحَنَانِ الأَغْطِيَهْ



دَثَّرْتِهِ بِحَنَانِ عَطْفِكِ يَحْتَمِــى

هَدْهَدْتِ قَلْبَهُ " تلك بُشْرَى حَالِيَـهْ



قَلْبِى يُحَدِّثُ – قُرَّعَيْنِى – بِـأَنَّكَ

سَتَكُونُ خَاتِمَةَ الشُّمُوسِ الْهَادِيَـهْ



وَبِذَاكَ بَشَّرَنِى ابْنُ عَمِّى وَإِنَّـهُ

هُوَ أَهْـلُ عِلْمٍ يُهْتَدَى فى الْبَادِيَهْ



قَدْ كُنْتِ حِصْنَهُ كُنْتِ مَاءً بَارداً



تُطْفينَ نَاراً لِلنّـَوَائِبَ حَامِيَـهْ


قَدْ كُنْتِ رَوْضاً للزُّهُورِ، وَهَبْتِهِ



غُرَّ الذَّرَارِى النَّيِّراتِ النَّادِيَــهْ


صِرْنَ شُمُوساً لِلْهِدَايَةِ تَسْطَـعُ

وَأَرِيجَ عِطْرٍ لِلْمَنَاقِبِ شَاذِيَــهْ


(4)


لَمَّا أَجَبْتِ نَدَاءَ رَبِّك وَالْقَضَــا

كَانَ الْمُصَابُ ، مِثْلَ وَقْعِ الْغَاشِيَهْ!



يَا بِئْسَ عَاماً لِلرَّحِيلِ فِإنَّـــهُ

قَصَمَ الضُّلُوعَ ، وَالدُّمُوعُ هَامِيَـهْ



وَظَلَلْتِ ذِكْرَى فِى الْفُؤَادِ أَرِيجُهَا

وَهَوَاكِ ، نَبْضٌكَالْحَيَاةِ الْجَارِيَهْ



رَضِىَ الإلِهُ عَنْكِ يَاشَمْسَ النِّسَا

رَوَّاكِ نُورهُ فى الْجِنَانِ الْعَالِيَهْ



وبصُحْبَةِ الْهَادِى الشَّفِيعِ نُجَمَّعُ

نُسْقَى بِكَفِّهِ شَرْبَةً كَمْ هَانِيَـهْ



لا تَظْمَأُ - بَعْدُ- الْقُلُوبُ لأَنَّهَـا

أَنْهَارُ عَدْنٍ فى الْحَنَايَا رَاوِيَـهْ




شعر : أحمد السلامونى