بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد, أضع بين أيديكم, قصيدة من قصائد والدي رحمه الله, , وفيها وقفة على الأوضاع التي كانت سائدة ذلك الزمن عام 1911م, أي قبيل الحرب العالمية الأولى,إذ كان السلطان العثماني آنذاك ضعيفا , واستغلالاً لضعفه نشط ما عرف بجمعية الإتحاد والترقي, التي كانت قابضة على زمام السلطة بالأستانة(استانبول), وهم أشد الناس كرها للعرب, ومن مواد برامجها ,التتريك( جعلهم أتراك ولغتهم تركية) جميع العناصر القاطنين بالبلاد العثمانية, وكان والدي رحمه الله غيوراً على اللغة العربية, وعلى تدهور أوضاع البلاد الاسلامية وتشرذمها وضعفها, وبحسه الاسلامي والعروبي والوطني, كان يرفض سياستهم الطائشة ويندد أيضا بالغزو الإيطالي لليبيا ذلك الوقت ,ولأطماع أوربا باحتلال البلاد الإسلامية.
هذه القصيدة من البحر الطويل ونشرت بمجلة الحقائق الدمشقية بالمجلد الثاني الجزء الثامن عام 1911م وكان عمره 24 عاما.



شرح لبعض الكلمات:


المراد بالأغيلمة: جمعية الإتحاد والترقي التي ذكرتها سابقا.


أمة همجية: المراد بها أمة الطليان التي هاجمت ولاية طرابلس الغرب وبنغازي, وفعلت المنكرات.



بَزَّتْ:أي نافست وسلبت.


وَقــْرا: صمما






إلى روح النبي محمد صلى الله عليه وسلم




سَلامٌ على رُوحٍ سَمَتْ في الوَرى قَدْرا


وقامـَتْ بأعْمالٍ فأدْهَشتِ الدَّهْرا




مَحَتْ ظُلْمَةَ الإشْراكِ واستبدلتْ بها


ضياءَ الهُدى بالرفـْقِ والنُّصْحِ والذكْرَى



أجَلْ إنّها روحٌ رَقَتْ وتقَدَّسَتْ


وبزَّتْ بسَامِي مَجْدِها الأنْجُمَ الزُهْرا



أجَلْ إنها روحُ النَّبي مُحمَّد ٍ


أجَلِّ الوَرى قَدْراً وأعلاهُمُ فَخْرا



سلامٌ عليها بـَلْ وألفُ تحيـَّةٍ


مَدى الدَّهْر لا تـَنْفكُّ تـُتـْلى لهَا تـَتـْرَى


================================================== =======


أمَولاي قد شيـَّدتَ أرْقى حَضارةٍ


وأطـْلعْتَ للأكوانِ منْ أفْقِها بـَدْرا



وفي عَصْركَ السَّامي انْـجلَتْ مَدَنيةٌ


فَخَرَّتْ لها رُوما ودَانَ لها كِسْرى



وقـُمتَ وحيداً في العـَوالِمِ دَاعياً


إلى الله قوماً قد نَسُوا العقـْلَ والفِكْرا



دَعَوْتَ ولَكنْ قاوموكَ بسَيفِهم


وآذوكَ فاسْتعْملتَ في أمـْركَ الصَّبرا



ثَبُتَّ إلى أنْ فُزْتَ فيمَا ترومَهُ


وأطـْلعْتَ منْ بينِ الظَّلام لنـَا الفَجْرا


================================================== =======


أمَولايَ هَلْ مِنْ نَظْرة كيْ تَرى بها


أغَيلِمَةً قَدْ وُسِّدُوا النَّهيَ والأمْرا



فطَاشُوا وقامـُوا يخْبطونَ وما دَرَوا


بأنَّ عليهمْ من جنايتهم وِزْرا



وإنْ قامَ يشكو مُصْلحٌ منْ فِعَالِهِمْ


يَسومونـَهُ خَسْفاً ويُولونهُ عُسْرا



على شَرعِكَ العالي اعْتدَوا وتمَرَّدوا


وفي سَيّء الأفـْعالِ قد جَهَرُوا جَهْرا



وما ضَرَّهُمْ أنْ يُصْلِحوا ويُسَدِّدُوا


ولكنَّما أفواهُهُمْ مُلِئَتْ عُهْرا


================================================== =======


أمولايَ عَطْفاً وانـْظُرِ اليومَ حالَـنا


فإنـَّا على الضَرَّاء لا نُحْسِنُ الصَبْرا



لقدْ هاجمتْنا أمـَّةٌ هَمَجيةٌ


وصَالتْ على الأطـْفالِ تُوسِعُهُم ضرَّا



أغارَتْ علينا اليومَ في عِقْرِ دارنا


وقد قتلتْ منْ أهلِنا أنْفُسَاً كُثْرا



حَنـَانـَيكَ إنَّ الذُّلَّ جاوزَ حَدَّهُ


وصرنا نَوَدُّ الموتَ وهُوَ بنـَا أحْرَى



أمَولايَ إنـَّا أمـَّةٌ أنتَ ليثــُها


وهلْ تسكتُ الآسادُ إن عايَنَتْ ضَيْرا


================================================== =======


أمولاي جَدَّ المسلمونَ بلَهـْوهِمْ


كأنَّ بهِمْ عَنْ كلِّ صَالحة وَقْرا



تداعَتْ عليهم أمةُ الغرْبِ وارْتـَأتْ


بأنْ تأخُذَ البـُلدانَ من كَفِّهم قَسْرا



أترْضى بأنْ نبـْقى أذِلاء بعدَما


بنيتَ لنا عِـزّاً منيعاً عـَلا الزّهْرا؟



أجَلْ إنَّ هذا بعضُ ما نَسْتَحـِقُّهُ


ولكنـَّما الأطفالَ هَلْ تـَعرفُ النـُّكْرا؟



فرحماكَ بالأطفالِ واشْفَعْ بنـَا عَسَى


بجَـاهكَ يا مَولايَ نَغْتَنِمُ النَّصْرَا

==============