عزيزي الغالي : سلام الله إليك وعليك .
قد تتساءل - وحق لك أن تتساءل – ما الذي جعلني أتذكرك بعد هذه القطيعة ، وطول الهجران ، وقد كنتَ لي نِعم الصاحب والرفيق ؟ بل قد تكون قد اتهمتني بالجحود ونكران الجميل ، والتخلي عن رفاق الدرب والكفاح ، ولا ألومك إن وصمتني بالعقوق والانصراف إلى غيرك ..
عزيزي الغالي : كل الذي يدور في خلدك عني معذور فيه ، وإني مُدانٌ لك في كل كلمة تنطق بها ، و لا أخفيك شدة ندمي وحسرتي على الأيام التي قضيتها وأنا بعيد عنك ، وكلما تذكرت الأيام الخوالي التي قضيناها معاً ، اعتصر ألماً وحسرة وحزناً ، وأراني جسداً بلا روح ، وطائراً بلا عشٍ يأوي إليه ، بل كنت أشعر بأنني طفلٌ فقد صدر أمه الحنون ، أو حبيبٌ نأى عنه حبيبه ، أو غرسةٌ ضنَّ عليها الماء وشحَّ حتى كادت تكون نهب الأعاصير والرياح ..
عزيزي الغالي : فإذا جئتك معتذراً ، هل تقبل اعتذاري ؟ وإذا جئتك متعثراً هل تقبل عثاري ؟ وإذا سكبتُ على عتباتك دموع الأسى والحزن هل تصفح عني وتقول : لا تثريب عليك ؟
وإني – إن سمحتَ لي – أن أسرد لك بعض الأعذار التي جعلتني في قفص الاتهام بيسأصالحكن بديك ، فذاك كرمٌ منك لا أستحقه ، فما في الوجود شيء يجيز لي هذا الصدود والتجافي ، ولكن طيب أصلك و نقاء محتدك ، وطهر سريرتك ، وصفاء طويتك ، كل ذلك يعطيني بعض الجرأة كي أدافع عن نفسي دفاع المتهم المعترف بذنبه وفداحة جريرته ، فأقول : لقد كنت في دوامة العمل الذي لا ينتهي ، ترفعني موجة وتهبط بي موجة أخرى ، لقد كانت أعباؤه جِدُّ ثقيلة ، لم أجنِ منه سوى ارتفاع في ضغط الدم ، واضطراب في السكر ..
فإذا ما أتيتك مقبلاً غير مدبر ، متواضعاً غير متكبر ، مطيعاً غير متذمر ... هل تمنحني فرصة أخرى ؟
أظن أنك ستفعل ، لأنك يا قلمي صديق مخلص ودود .