وحي من فكري...
آهٍ أيها القمر لو أنك تستطيع!
آهٍ أيها القمر لو أنني أستطيع!
لو أنك تبعث لي أرجوحة من ضوئك المشع أمحو بها غمامة حزني المجلوّة...
وأغوص في ملكوت أنوارك وحيائك الأخّاذ.
لو أنّك ترسم لي طريقاً أو سرداباً أصل به إليك وأهتدي.
لو أنّ نجومك المنثورة حولك تقبَلني لصعدتُ من خلالها إليك،
علّني أذهب وأرتحل وأغيب عن الأنظار...
إنّك تضحك بالرغم من حزنك وتعاستك...
يا لِهذا النور الذي يطوّق جوانبك الساحرة!!!
سبحان من أودع هذا النور فيك، وأسبغه عليك!
سبحان من سكب هذا الإشراق فيك،
وأضاف إليك شيئًا من الرقي الإلهي!!
لو أنّني أستطيع السفر إلى الأعلى... إلى سراجي المنير... إليك يا قمري...
علّ نفسي تستلهم شيئًا من صفائك السرمدي وروحانيتك الطهور.
سبحان مَن جعلك أنيس وحدتي وإيحاء روحي...
أتأمّل سحرك لألتمس الفكر من نفسي... أتأملّك وأنت جزء من بديع إلهامي...
بعيدة أنا... لكن عيناي قريبتان تتحسّسان منك لمسة فكر وإشراق، لتكبر وتغدوَ لمسة نور في رحاب الإبداع السماوي.
أترى أيّها القمر؟؟
أتراني وأنا أنظر إليك في هذا الليل، وكأنّك نهاري الجديد المستعار؟؟أ
أجدُ سناك وعظمة خالقك بين جوانحي تفتح آفاقاً لتصل إلى نفسي... نفسي التي انكسرت خاضعة لخالق أسرار الجمال هذه ومعانيه...
أناجيك وأنت هناك في أفلاك السماء تبتسم وتبكي بهمس، وكلّ ذلك وأنت وحيٌ من فكري....

......

وحيـدةٌ أنا
جُرّدتُ من كل شيء، حتى الأحلام
أصبحَت تهمةً في حقّي..
لم يبقَ لي إلا أوراقي وأقلامي
وشيءٌ من خواطري
هل سـأتجرّد منها؟
هل سـيلقَوا المصير ذاته؟
أرواح تحوم وتدور
سيُراق على دفتري دمي
سأمسك القلم بأصابعي
وأخطّ وصايا حياتي:
إليك حزني،، إليك بكائي
إليك كلّ شيء لم يعد معي
فاسمي لم يعد له وجود
سرقته مشنقة الحروف
بات مقتولاً غير معروف
والقضيّة سُـجّلت ضد مجهول
قاسية في حق نفسها تلك الحروف
طاغية في جرائمها تلك الكلمات
تئد لغة المعاني بابتسامات
تخطف، تقتل، تسرق تحت شعارات
*** *** ***
أيا سماء خواطري!!!
أمطري وارعدي
أمطري دمًا ،،، وارعدي جراحًا
ابرقي ثأرًا،،، واصرخي ألمًا
فلم يبق من الحياة إلا صورها
المهشّمة...
لم يبق منها إلا ما أخذته مني
فلا تَلُحّ عليّ بالكتمانِ
وليكن في الحياة سلواي
أن أكتب بأقلامي
في أول السطر عنواني:
وحيـدةٌ أناأمطري أوراقي

......

نجوى الروح
على مداد النظر... في رحاب مملكة زرقاء... تجوّلت عينان كثيرًا، وسبحت طويلاً في ملكوت الصمت والتأمل، تغزل نظرات إعجاب، وترسلها إلى تلك الشقراء... كان الوقت أصيلاً عندما أوشكت الشمس على الرحيل تبعث إلى من حولها آخر همساتها الفضية الساحرة..
ما أروعها حينما تغرب وترحل! تتغلغل فيها حمرة الخجل والحياء، يتغالب طرفا الليل والنهار عليها، وتمتزج روعة الألوان، ففيها أواخر النور وأوائل الظلمة، فترحل مودعة مملكتها التي تحب على أمل اللقاء.
يا لذلك السحر الذي تخلّفه وراءها ساكبة في مقل العيون كؤوس الحيرة والشوق بعد أن أسكرتها بنشوى الخشوع حتى الثمالة!
ها هي تغيب الآن وتترك أحبتها في سكرات حمّى الفراق بعد أن لثمتهم بصمت وحياء..
عندما تشعر الأرواح والقلوب بمفارقة من أحبت يمسّها شيء من الفناء، تتسرّب إليها موجات من الدموع الساخنة,
فترى العمر يتسلسل يومًا فيومًا، ولا نشعر به لكن متى فارقنا من نحبّهم نبّه القلب فينا بغتة معنى الزمن الراحل...
وترى العمر يمتلئ شيئًا فشيئًا، ولا نحس بهذه الزيادة، فإذا دنا منا ذلك المرض وفارقنا من نحبهم نبّه القلب فينا بغتة معنى الفراغ القاتم...
وترى كل شيء من وراء عدسات ملونة زاهية لكن ثمة غصة تسكن الأعماق وتأبى الخروج، وترى ذلك المخلوق النوري الجميل تعانقه العيون وترمقه بنظراتها، لكن على الرغم من ذلك تجده حزينًا يائسًا قد أملق الفراق لمعانه وأفناه..
وكأن ما أصابه قد أصابك... تشاركه ويشاركك صبابة الحزن والشوق.
لم تعد تظهر السعادة في روحي إلا كما يتمايل ظل القمر في الماء.. أنظر فيه الصورة من غير معنى، والضوء من غير قبس، وأرى فيه الخيال وليس فيه القمر...
فكأن الفراق مطبعة تطبع على القلوب صورًا عطشى وظمأ كظمأ أرض ندية قد جفّ ترابها شوقًا وحنينًا لقطر مطر...
ليعقب تلك المعاني والصور انحدار غيث من الدموع.

أود المشاركة بـ (نجوى الروح)