(مصر العربية والمسيرة الغريبة)



منذ أيام,انعقد المؤتمر السنوي لجمعية مصر لجراحي العظام, وشاركت به مع وفد من جراحي العظام العاملين في السعودية,منذ بداية هذا الأسبوع وحتى نهايته,وكان مقر المؤتمر في فندق ماريوت جي على طريق السويس, وكان مقر الإضافة والنزول بفندق انتركونتيننتال الجميل في مدينة نصر في القاهرة.

كان المؤتمر عالمياً , وعلى درجة جيدة من التنظيم, وناجحاً بشكل ممتاز.فقد حضره أكثر من 3ألاف جراح وشارك بالمحاضرات أكثر من خمسين عالماً وجراحاً دولياً..ولا غرابة بذلك, لأن مصر دوماً سباقة ورائدة في مجالات العلم والمؤتمرات ,ولها مكانتها العالمية بين الأمم.وهذه المسيرة نحو التحديث العلمي في الشرق الأوسط بدأت منذ عصر محمد علي حيث اهتم بإرسال البعثات للدول الغربية للاستفادة ونقل كل جديد.واستمرت المسيرة إلى يومنا هذا بفخر واعتزاز.

لكن ما آلمني حقاً هو أن أجد أكثر من مائة وأربعين قناة تلفزيونية بفندق انتركونتيننتال داخل قاهرة العروبة من دول متعددة غرباً وشرقاً وأضيفت إليها قناتين فضائيتين من اسرائيل يترجم باللغة العربية كل كلمة تبثها,, ولم أجد القناة الفضائية السورية بين كل هذه الأقنية التلفزيونية؟؟!!ترى ما تفسير ذلك...؟؟!!

ثم إنه ماتفسير هذا التفاوت الطبقي الشديد ما بين الغنى الفاحش, والواضح والجلي لكل قاص ودانٍ وبين الفقر المدقع لعامة الناس وأغلبيتهم والذين يعيشون بمستوى الفقر؟؟!!

لقد زرت الأماكن الأثرية الإسلامية(الحسين--السيدة زينب- الجامع الأزهر-القلعة----الخ) ولا شك بتطور صناعة السياحة بشكل ممتاز.. لكن هناك لمست المعاناة الشديدة لسكان تلك المناطق واطلعت على حالتهم البائسة,, فصدمت لهول ما رأيت...وللأسف لم أجد اهتماماً شديداً وملحوظاً لتلك المعالم الأثرية الخالدة.بل وجدت الغبار والأوساخ حولها ومجموعات الشحاذين والمتسولين والتي تحيط بها والذين يتطفلون على السواح ويستجدونهم...أين الإهتمام بالترميم..؟؟

إن مقر إمام مسجد الأزهر بناء قديم ذو رائحة متعفنة, ولا يتناسب مع مكانته مطلقاً...ووجدت قرب الأروقة بسطاً قديمة مهترئة يجلس عليها رواد المسجد لتعلم الدين من كل العالم بطريقة غير لائقة ومتسخة, ولا تتناسب مطلقاً مع مكانة المسجد الشريفة والعظيمة..ما تفسير ذلك؟؟؟

ثم قرأت في جريدة الجمهورية بعدد أمس الخميس, كلمة شكر لصحفي موجهة لوزير الأوقاف لتعيينه رجل دين كفيف إماماً في أحد المساجد وصرف له مكافأة شهرية أي راتب شهري قيمته مائة جنيه..!!

سبحان الله ما تفعل مائة جنيه في ظل هذا الغلاء المستشري..؟؟!! وما تفسير هذا؟؟!!

ومما آلمني أكثر هو الغلاء الشديد والذي يذبح الفقراء ويحيل الطبقة الوسطى إلى فقراء أيضاً..

ولا يخفى على أحد بأن أسعار مصر أغلى من السعودية ومن سوريا. والمسيرة تستمر...؟؟!!


وما هو دخل الفرد ياترى؟ هل تنظر الدولة بحل مشكلات المجتمع والبطالة؟

ماذا صنع السلام من رخاء موعود كما قال السادات سابقاً؟؟؟

لا حول ولا قوة إلا بالله ....

شعب مصر شعب طيب ومثقف وإسلامي وعروبي ومبدع وخلاق وكريم. ويستاهل كل خير...ودامت مصر في خير عميم وسلامة ومحبة. ودامت مصر ملاذاً لكل عربي, وصرحاُ للعرب.. وللعلم وللعلماء حضناً دافئاً...