الشاعر ابن زريق البغدادي , شاعرٌ مُقل لايذكر له مؤرخون الأدب غير قصيدة واحدة ,


ابن زريق لم يكن مكتسباً بشعره , لكن فقره الشديد جعله يبحث عن أحد الأمراء كي يكتسب منه عندما يمدحه ,


سَمِعَ عن أمير في الأندلس يعطي المال للشعراء الذين يمدحونه , فقرر الذهاب .


وفي يوم الذهاب بكت زوجته أن لا يرحل وستتحمل الفقر , فأبى ورحل ..


عندما وصل للأندلس وقف بين يدي الأمير وبدا ينشد قصيدة المديح عليه لكن !


كانت الجائزة خمسة دراهم فقط !! قَبِلَ بها ابن زريق ثم ذهب ,


تحدث الوزير قائلاً للأمير هذا الشاعر أتاك من العراق أفتعطيه خمسة دراهم فقط ؟!


فردَ الأمير كنتُ " أمزح " معه وسنكرمه في يوم الغد !


وفي الغد أرسل رسولاً يطلبه أن يأتي للأمير , لكن كان الموت أسرع للشاعر من رسول الأمير


مات الشاعر قهراً ووجدوا هذه القصيدة عند رأسه ..


توفي عام 420 هـ


يقول ابن زريق :





لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ
قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّ بِهِ
مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النصح يَنفَعُهُ

فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً
مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ
فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ

يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ
مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ

ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ

كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ
مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً
وَلَو إِلى السَندّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ

تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه
للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ

وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ
رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ

قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ
لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ

لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى
مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ

وَالحِرصُ في الرِزقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت
بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ

وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه
إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ

اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ

وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ

وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ

لا أَكُذبُ اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ
عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ

إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ
بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ

رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ

وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا
شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ

اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ
كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ

كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ
الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ

أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ
لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ

إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفقُها
بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ

بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ
بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلي لَستُ أَهجَعُهُ

لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا
لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ

ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ الدهرَ يَفجَعُنِي
بِهِ وَلا أَنَّ بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ

حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ
عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ

قَد كُنتُ مِن رَيبِ دهرِي جازِعاً فَرِقاً
فَلَم أَوقَّ الَّذي قَد كُنتُ أَجزَعُهُ

بِاللَهِ يا مَنزِلَ العَيشِ الَّذي دَرَست
آثارُهُ وَعَفَت مُذ بِنتُ أَربُعُهُ

هَل الزَمانُ مَعِيدُ فِيكَ لَذَّتُنا
أَم اللَيالِي الَّتي أَمضَتهُ تُرجِعُهُ

فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ
وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ

مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ
كَما لَهُ عَهدُ صِدقٍ لا أُضَيِّعُهُ

وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا
جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ

لَأَصبِرَنَّ على دهر لا يُمَتِّعُنِي
بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ

عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً
فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ

عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا
جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ

وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ
فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ



« أتمنى أن تعجبكم »