سألوه: لم اعتذرت عن قصيدة ( بـهيرة ) ؟




كتبها: فيصل الملّوحيّ


فأجاب: كان موت زوجي (بهيرة) في العشرين وأنا في التاسعة والعشرين فاجعة زعزعت كياني وهزت صوابي، فرثيتها بقصيدة تقطر دماً وسُمّاً، وتثور على كل الأعراف، ولا سيما أنها ماتت بعد سنة واحدة وستة أيام من زواجنا، و تركت لي طفلة عمرها ثلاثة أشهر.
فلما بلغت الأربعين عاد إليَّ شيء من هدوئي واتزاني، وعدت إلى الإيمان بالله وبالقدر، ونظمت قصيدتي (على شاطئ الأربعين) أقول فيها:

نظرتْ إليَّ الأربعو...............................ن وكاد عودي الصلد يكسرْ

فوقفت أنظر للسما.............................ء منادياً: اللـــــــه أكبـــــــرْ

نظرتْ إليَّ الأربعو...............................ن (واحترقت كالثلج شيبي)

فوقفت أنظر للسما...............................ء منادياً: اللــــــــــــه ربي
[/center]
فلماماتت طفلتي (ورود) رثيتها بقصيدة تنافس(بهيرة) فناً وتختلف عنها فكراً،

والقصيدتان تسجيلان لفترتين مختلفتين من عمري،فعدَّهما كثير من الناس اعتذاراً عن أولاهما.

سئل، فلم يجب، هو متحرّج، وقد ملّ تكرار السؤال و تكرار الإجابة، قلت في شبابك قصيدة هي للكفر أقرب، وأنت الآن مؤمن!!{ و في رأي آخرين أنّ ( بهيرة ) أقرب إلى الإيمان من ( ورود ) }.

قال: إنّ كثيراً من الناس عدَّوهما اعتذاراً عن أولاهما. أمّا هو، فيقول: فلما بلغت الأربعين عاد إليَّ شيء من هدوئي واتزاني، وعدت إلى الإيمان بالله وبالقدر.
إنّه فكر تغيّر، و مشاعر تبدّلت بعض التبدّل، ولكنّ هذا لا يعني الاعتذار بحال، فالفنّ فيض المشاعر والإلهام، إنّه أنّة المكلوم، واستغاثة الغريق، أو ضحكة الحبيب مع حبيبه، إنّه صرخة الأم ألماً و سعادة حين تلد طفلها ( دعنا من الشذوذ )، و صياح الديك مع إشراقة اليوم الجديد.
فهل تلوم هؤلاء جميعاً على التعبير عن مشاعرهم؟!
لن يعتذر عبد المعين الملوحي عن شعره وحي نفسه، قد يكون شطّّّ في الكلام مع ربّه، من هنا قال بعضهم : قد أساء التعبير، و لكنّه كان إقراراً بقدرة الله و إيماناً بوجوده، أساء فهم حكمة الله، ثمّ فهمها حين بلغ الأربعين.
سواء قلت آمـــن أم كفــــر، فهو لا يبحث عن الاعتذار، فتلك ( الأولى ) مشاعر و تعبيرات، و تلـك( الأخرى ) مشاعر و تعبيرات، كلّها فيض النفس، فلا قدرة له على منع لسانه من رسمها.


لقد تاب عن فكر، ولكن مالك تلومه عمّا لا إرادة له فيه، مابينه وبين الله عمار- إن شاء الله-:


{ اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك }