النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: رماد جثث خالدة

  1. #1 رماد جثث خالدة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    السعودية
    العمر
    54
    المشاركات
    66
    معدل تقييم المستوى
    15
    رماد جثث خالدة

    قصة قصيرة

    كتبها :أحمد كمال


    ( فيلسوف القصة )

    كان يتقلب على الفراش ، تحت الغطاء ، في غرفة جدرانها سوداء ، وستائرها رمداء ، وأرضيتها حمراء ، وسقفها تقطر منه الدماء ؟!
    رن جرس المنبه كما تعود في الصباح ، فاستيقظ بعنفوان ، يتأمل حلته الرسمية ، وأوسمته الذهبية ، ويتثاءب ويتنطع كالذئاب ، ثم نهض متجهاً نحو الحمام ، بينما حارسه المدجج بالسلاح يضع الجرائد اليومية ، وينصرف قبل أن يناله الجزاء ، من سيادة اللواء .
    خرج الرجل وقد شب في جسده نشاط ، وجلس على حافة الفراش ، يقلب الجرائد اليومية ، وإذا به يفاجأ بصورته في صدر الصفحات، وكتب عليها عنوان ( اليوم الذكرى السنوية لموت سعادة اللواء ، وسرادق العزاء في كل البلاد ) داهمته دهشة ، أدركه استغراب ، وراح يتمتم قائلاً :
    - كيف أموت وأنا لا زلت على قيد الحياة ؟!
    فراح يمسك جواله ويدق رقم رئيس التحرير وهو في قمة الاستياء ، ولما جاءه المجيب قال في استعلاء :
    - كيف يا هذا تنشر مثل هكذا أخبار ، أنت تدعي إني ميت ، ولكني لا زلت على قيد الحياة ؟؟!!
    فرد عليه رئيس التحرير بصوت مرتعشاً مرتاب :
    - يا سيدي ربما إنك لا تعلم ولكن صار هذا منذ عشرات السنوات !!
    ازدادت دهشة الرجل فأنهى المكالمة وراح يجيء في الغرفة ويذهب ، وهو يصيح بصوت مشروخاً مثل قطع الزجاج :
    - كيف إني ميت ، ولا زلت على قيد الحياة ؟!!
    فراح يمسك بالهاتف ويدق الأرقام ، ويطلب الأصدقاء ويأتيه العزاء تلو العزاء :
    - أحسن الله عزاءك ، يا أعز الأصدقاء
    فيصيح فيهم بالرفض والصراخ :
    - كيف إني ميت ولا زلت على قيد الحياة !!
    فيأتيه الرد من أصوات جوفاء :
    - لقد حدث هذا منذ عشرات السنوات ؟؟!!
    وراح الرجل يشعر باختناق ، ويضيق صدره ، وتصيبه نوبة هياج ، فراح يحطم كل ما يراه ، وما تطله يداه ، ويصيح كالأنثى في المخاض :
    - كيف أني ميت ولا زلت على قيد الحياة ؟!
    حتى خارت قواه ، ولمع في ذهنه المعتق ، خمر نجاة ، وراح يصيح :
    - لسوف أسأل الأموات ، فربما إني ميت على قيد الحياة ؟!
    وراح يركض نحو القبو ، حيث عشرات الجثث ، كانت أجساد ، مشتعلة بالحياة ، ماتت من العذاب ، وراح يقطعها حتى جعل أكبر قطعة فيها فتات ، ثم أحرقها ، وتحولت إلى رماد ، ولم يكتف بهذا بل احتفظ بها ذكرى في زجاجات ، ولا يعلم أحداً عنها ، حتى العائلات ؟!
    ولما وصل إلى القبو صاح ، وصوته اقرب إلى النواح :
    - يا أعداء البلاد .... هل أنا ميت ؟! .... أم لا زلت على قيد الحياة ؟!
    وإذا بعشرات الزجاجات تنفجر ، وتتناثر شظايا الرماد ، والرجل بعنفوانه ينبطح ، ويدفن رأسه بين ذراعيه كالنعام ، ويبكي ، ينتحب ، كما الشمع عندما يحترق ، ولما هدأ الانفجار ، راح يرفع رأسه عالياً ، وينفض عن رأسه الرماد ، ولكن لم يجد على رأسه ، ولا ثيابه أي أثراً ، لأي رماد ، وإذا بالرماد ماثلاً أمامه ، على شكل إنسان ، في حجم أضعاف حجمه ، يتلألأ بالضياء ، وألوان خضراء ، وعلى شفتيه ابتسامة الانتصار ، وقال عملاق الرماد بخفة واستهتار :
    - ماذا تريد بعد يا أيها الوحش المهتاج ؟!
    فصمت الرجل ... وراح يذوب روعه ، ويتحضر نفسه ، ثم قال في انكسار :
    - يا أيها الشهداء .... هل أنا ميت ؟! .... أم لا زلت على قيد الحياة ؟!
    فقال عملاق الرماد ، بصوت العزة ، والإشفاق :
    - أنت من اختار، مر الانتقال ، من سجلات الآدمية ، إلى سجل الوحشية .... فأصبحت ميت ....ولا زلت على قيد الحياة ؟!
    وأيقن الرجل معنى الجواب ، فراح يرتدي حلته الرسمية ، ويعلق أوسمته الذهبية ، ويتلقى العزاء ، في روحه الآدمية ، من نفسه الوحشية

    تمت،،،،
    أحمد كمال سالم
    إنسان حر وحر وحر
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: رماد جثث خالدة - قصة قصيرة 
    إسلام فؤاد العيسوى الصورة الرمزية العيسوى الصغير
    تاريخ التسجيل
    Feb 2009
    الدولة
    بركان من براكين الغضب
    العمر
    35
    المشاركات
    120
    معدل تقييم المستوى
    16
    موت الرحمة والإنسانية اشد من موت الجسد
    أ هذا ما وددت ان تقول ؟

    أقدم له العزاء فى روحه الآدمية


    رد مع اقتباس  
     

  3. #3 رد: رماد جثث خالدة - قصة قصيرة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    السعودية
    العمر
    54
    المشاركات
    66
    معدل تقييم المستوى
    15
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العيسوى الصغير مشاهدة المشاركة
    موت الرحمة والإنسانية اشد من موت الجسد

    أ هذا ما وددت ان تقول ؟

    أقدم له العزاء فى روحه الآدمية

    أحسن الله عزاءك
    فما أكثر النفوس الوجشية
    شكراً لمرورك من هنا
    مودتي
    أحمد كمال سالم
    إنسان حر وحر وحر
    رد مع اقتباس  
     

  4. #4 رد: رماد جثث خالدة - قصة قصيرة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    21
    معدل تقييم المستوى
    0
    الاستاذ أحمد كمال روعة في السرد والشد ... والطرح فيها يحكي واقع الكثير في مجتمعنا العربي .. سلمت وسلمت قلمك
    لك الود .... عبد الجبار الحمدي
    رد مع اقتباس  
     

  5. #5 رد: رماد جثث خالدة - قصة قصيرة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    الدولة
    السعودية
    العمر
    54
    المشاركات
    66
    معدل تقييم المستوى
    15
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الجبار الحمدي مشاهدة المشاركة
    الاستاذ أحمد كمال روعة في السرد والشد ... والطرح فيها يحكي واقع الكثير في مجتمعنا العربي .. سلمت وسلمت قلمك
    لك الود .... عبد الجبار الحمدي
    الله يسلم عمرك
    وشكراً لمرورك الكريم
    ودمت من المارين
    مودتي
    أحمد كمال سالم
    إنسان حر وحر وحر
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. بسمة خالدة
    بواسطة عبده رشيد في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 29/08/2010, 01:17 AM
  2. رماح في قلوبنا
    بواسطة عبد الله نفاخ في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 06/06/2010, 05:26 AM
  3. يا كروم الشام لي دالية
    بواسطة يوسف أبوسالم في المنتدى الشعر
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 02/01/2010, 08:49 PM
  4. رماد
    بواسطة شريف محمد الدمناوى في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09/08/2007, 11:12 PM
  5. كاريكاتيرات هتودينا فى داهية
    بواسطة بنت الشهباء في المنتدى الواحة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02/04/2007, 11:04 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

عرض سحابة الكلمة الدلالية

ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •