مغارة رائعة الجمال في بطن جبل تعلوه قريتي الصغيرة
على بابها نبتت شجرة سنديان, جذورها في الصخر, وليس حولها حبة من تراب ,
يتدلى من سقفها ضرع حجري فوق جرن كأنما يحمله تمثال ,لا يمل انتظار القطرات التي يجود بها ذاك الضرع ,ليأتي أحد العابرين ويشرب ما جمع من الماء العذب,ويستمر الإنتظار, وفي شقوق فوق بابها بنت مجموعة من الحمام البري أعشاشها ,فهي لا تكف عن الهديل مرحبة بمن يمر من أمام المغارة
لاعجب من سحرها وروعتها, فقد قيل أن أحد الأولياء الصالحين كان يقطنها , لذلك سميت المغارة المباركة ,وقد كثرت القصص والأقاويل عن معجزاتها,ولأني لا أعتقد بالخرافات فقد بدت لي تلك القصص خيالية,,حتى حدث معي في أحد الأيام عندما كنت أدرس في مدرسة المدينة وتأخرت عن موعد الحافلة الوحيدة التي تقلنا إلى القرية,لذلك قررت الصعود إلى قريتي مشيا على الأقدام ولأختصر المسافة سلكت الطريق الجبلي ,وأسرعت بالمشي كي لا يبللني المطر حتى وصلت جانب شجرة تين شتوية كنا قد أعتدنا الأكل من ثمارها لندرة ثمار التين في الشتاء ,قطفت ثمرة ,وقبل أن أضعها في فمي تذكرت إخوتي الصغار ,لملا أحمل لهم بعض الثمار ليأكلوا فهم لا يستطيعون الوصول إليها,فجمعت بعضها ,ولأني لا أستطيع وضعها في جيبي أو حقيبتي المدرسية حملتها بيدي ,وقد أتعبني ذلك إذ كان لا بد من استخدام الأيدي للاتكاء على الصخور على جانبي الممر الضيق, وصلت منهكا إلى المغارة فوجدت أمام بابها كيسا من (النايلون) ,وكأنه وجد لأضع فيه ما كنت أحمل, فتابعت طريقي بعدأن شكرت المغارة على ما قدمت لي ,وفي أذني هديل حمامها مودعا .
وزرت المغارة بعد سنين طويلة لأجد الحمام قد رحل وشجرة السنديان قد يبست وجف ماء الضرع.

هل غادرت روح ذاك الولي الصالح تلك المغارة , وهل تعود إن عدت صغيرا.؟