على ضفاف شط العرب


سيمنز بوك



نشر الموضوع في جريدة الزمان الدولية بعددها 3391 في 6/9/2009


كاظم فنجان الحمامي

مازلنا نواصل مطالباتنا المشروعة بمنح الجوازات البحرية (سيمنز بوك) للمواطنين العراقيين غير المرتبطين بالمؤسسات الحكومية. أن القلب يعتصر ألما على رؤية سني الشباب العراقي تضيع أمام أعينهم دون القدرةعلى فعل شيء, أن تلك السنين هي سنين النشاط والعطاء والإنتاج, والتي تضيعهدرا ما بين المقاهي والجلسات الطويلة والسهر واستخدام الانترنت والتسكع على الكورنيش.فقد توالت ردود الأفعال العراقية على الشبكة الدولية في الداخل والخارج بعد قراءتهم المقالة, التي نشرتها الزمان بالعدد 3380 في 24/8/2009, وكانت بعنوان (نحن نعمل ضدنا), والتي تطرقنا فيها إلى الخطأ البحري الفادح الذي ارتكبته مؤسساتنا التشريعية عام 1986 بإصدارها القانون رقم (86), والذي عدته المنظمات البحرية العالمية وقتذاك مؤشرا للتخلف والغباء في التعامل السيئ مع الاتفاقية الدولية التي تبنتها منظمة العمل الدولية عام 1958. لأسباب تعزى في المقام الأول إلى تخلف القانون العراقي وتأخره عن الركب العربي والعالمي بنحو 26 عاما, وتعزى في المقام الثاني إلى تحجر أحكام وبنود القانون العراقي, التي حصرت وحددت صرف الـ (سيمنز بوك) للطواقم البحرية العاملة في السفن والناقلات التابعة للمؤسسات البحرية القليلة المملوكة للدولة تحديدا. وتعزى في المقام الثالث إلى حرمان أبناء الشعب العراقي من فرص العمل المتاحة في بحار الله الواسعة. فقد عرف عن الأنظمة الحكومية السابقة تشددها في إجراءات السفر, وتزمتها بتطبيق بنود الأحكام التعجيزية المتعلقة بإصدار الجوازات.

العاطلون عن العمل في البصرة ومشكلة الحصول على الجواز البحري


والمثير للدهشة إن هذه الأحكام مازالت سارية في تطبيقاتها المتشددة, ولا ذنب لمديرية الجوازات في التقيد بإجراءات صرف الجوازات البحرية من عدمها, فالقانون لا يغير إلا بقانون. وهكذا انفرد العراق وحده من بين بلدان كوكب الأرض بهذه السياقات الموروثة من الأنظمة القديمة. ومن يتصفح مواقع المنتديات العراقية والعربية سيجد إنّ الحوارات والنقاشات الحادة تمحورت حول انفراد العراق وحده بمنع أبناءه من العمل في البحر, في الوقت الذي يفترض أن تلتفت فيه السلطة التشريعية العراقية إلى تحديث وتجديد القانون رقم (86) لسنة 1986, بحيث يكون منسجما مع طموحات أبناء الشعب العراقي, ومتوافقا مع متطلبات تطبيق الاتفاقية العالمية الجديدة التي تحمل الرقم (185) لسنة 2003, والتي أصدرتها منظمة العمل الدولية لتوحيد جوازات السفر البحرية بخصائص عالمية مشتركة من حيث حجم وأبعاد الجوازات البحرية, وعدد صفحاتها, وأسلوب عرض البيانات, وأماكن تثبيت الصورة الشخصية, وأماكن وضع لواصق الهولوغرام.

الاتفاقية الدولية رقم 185 لسنة 2003 ستوحد الجوازات البحرية في نسق واحد


ولو قمنا بجولة استطلاعية لقراءة قوانين الدول العربية المتعلقة بمنح الجوازات البحرية لطواقمها, لوجدنا إنها كانت حريصة على إفساح المجال لمواطنيها الراغبين في العمل على السفن التجارية, ولم تضع عليهم أية قيود أو شروط, سوى الالتزام بتطبيق بنود الاتفاقية الدولية للتأهيل والتدريب البحري, فالمادة الأولى من قانون دولة قطر رقم (17) لسنة 1980, اشترطت لمنح الجواز البحري للمواطن القطري : أن تكون قوة إبصار طالب الجواز البحري وصحته وحالته الجسمية تؤهله لنوع الخدمة التي سيقوم بها في السفينة في مختلف حالات الجو. وتُحدد قوة الإبصار والشروط الصحية بقرار من الدوائر المعنية, وان لا يكون قد سبق الحكم عليه في أية جريمة مخلة بالشرف.اما القانون الكويتي رقم (29) لسنة 1980 فاشترط في المادة الثانية منه, ضرورة توفر المؤهلات والخبرات البحرية في طالب الجواز, وان لا يكون قد سبق الحكم عليه فيجناية أو في جنحة سرقة أو نصب أو تزوير أو في أية جريمة مخلة بالشرف ما لم يكن قدرد إليه اعتباره, وهذا يعني إن الدول العربية لم تكن متشنجة ومتعجرفة في منح الجوازات البحرية, وشملت برعايتها جميع أبنائها سواء من ارتبط بمؤسسة حكومية, أو من اختار العمل في القطاع الخاص.

الفلبين الدولة الأكثر تسويقا لكوادرها البحرية في العالم


وهكذا نجد إن حكومة مصر العربية منحت لغاية عام 2006 حوالي 103728 جوازا بحريا لمختلف الاختصاصات, فقد اتفقت أقطار الأرض على رفع القيود عن مواطنيها, لكي يسعوا في مناكبها, ويأكلوا من رزقه, واليه النشور. فما بال مؤسساتنا التشريعة لا تلتفت إلى فقراءنا وتعالج هذا الخلل التشريعي, وتزيل القيود وتفتح الحدود, ونسأل الله أن يجنبنا التقلب مع الأهواء. والتخبط خبط العشواء. فطوبى لمن سمع ووعى. وحقق ما ادّعى. ونهى النفس عن الهوى. وعلم أنّ الفائز من ارعوى. وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى. وأنّ سعيه سوف يرى. .