سيداتي...سادتي الكرام...
لا ينجح شاعر ( يكتب ) شعرا...
الشعر حالة انفعالية وجدانية شديدة العمق والغور..تحتوي الشاعر وتستغرقه تماما من شوشته حتى اخمص
قدميه...
ولتنظروا عبر تاريخ الشعر والشعراء منذ فجر ديوان الشعر العربي....
انه لم يستقر في اذهان الناس ووجدانهم الا قصائد واشعار استغرقت شعراءها استغراقا تاما ومطبقا..
انظروا ..هذا امريء القيس ابن حجر الكندي وهو الشاعر ( الجاهلي ) كيف تستغرقه حالة شعوره تجاه ليله الطويل المثقل هموما :
وليل كموج البحر أرخى سدولهُ...عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصُلْبِهِ..... وأردَف أعجازاً وناءَ بكلْكلِ
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي....بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ
فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ....... بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ ....
انه هنا لا يكتب شعرا....
انه يصهر وينصهر في حالة من جمال خالدة وفريدة..شبه معجزة..ان لم تكن معجزة...
كذلك ذاك ( المجنون ) ليلي...إذ يخبره القوم ان ( ليلاه ) تلك الليلة عرسها فهي مفارقة له فيتمثل مثل
هذه الابيات في خفقان قلبه إذ ذاك :
كأن القلب ليلة قيل يغدى ...بليلى العامرية او يراح ُ...
قطاة ٌ عزها شرك فباتت ....تعالجه ُ...وقد علق الجناح ُ...
هو ذا اذن الشعر الحقيقي...نوعا ..لا كما...وهو ما نهيب بشعرائنا الالتفات إليه ..التوقف عنده.. وتمثل حالته...
الصدق والعمق..والشفافية والتصوير الفني المدهش والباهر الذي يأخذ بمجامع الالباب ويهز النفوس والقلوب....
وانا لنزعم دون ريب..انا عشنا الحالات العاطفية الوجدانية الشديدة الحرارة تجاه اكثر ما سجلنا من شعر
على الاخص في قصيدتنا وهج البردة ..التى شيء لنا على (صغر) وضآلة حجمنا ان نعارض فيها اعلاما ضخمة وقمما شديدة العلو من فحول شعراء
في حجم علمين كبيرين وطودين شامخين هما البصيري وشوقي...
بل ونزعم ان حالة الشعر استغرقتنا خلالها...وحتى حد ( الاعياء والمرض ) الشديد..فنسجل اغلب ابياتها
على فراش ( المرض )...وإذ نتشافى او نميل الى التشافي والظهور في الطريق فوالله ما كنا لننتبه الى قريب
او صديق يطرح التحية علينا...ليعاتبنا فيما بعد انا لم نجب تحيته..وانه لم يكن ليتوقع منا كل هذا ( التكبر )
والاعراض والصدود...
ولكن وفي مثل هذه القصيدة..ليُفتح علينا بابيات فلا والله ما كانت خطرت على ذهننا في يوم من الايام
ولا كانت اعيننا وقعت على شبه لصورتها ذات يوم..وما زلنا ندهش و ( نذهل ) كيف كانت ..ومتى سجلناها
وكيف...إذ تستغرقنا حالة الحب والوجد تجاه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فنسجل :
نشدت ُ حبّ َ رسول ِ الله ِ في كَلِمي..................يا خير َ من يُسعى له ُ على قَدَم ِ
.
محمد ٌ حُبّي..فلا بالكون ِ أعدِلُه ُ.....................حُبي مُحمد َ..مبرور ٌ به ِ قسَمي
.
إن هاجني الوجد ُ..من تلقاء ِ روضتِه ِ............يُغشى عَليَّ ..بفوح ٍ عاطر ِ النسَم ِ
.
او على نحو هذه الابيات التي نزعم انا لم ( نفتخر ) في حياتنا بما هو ( اغلى ) منها قط...وان ( يفتخر )
من شاء بزخرف أومتاع واشياء :
كالعطر ِ..كالزّهر ِ شِعري حين َ أمدحُه ُ......كالغيم ِ والسُّحْب ِ ..والتسنيم ِ بالسّنّم ِ
.
كالنهر ِ كالبحر ِ في خصب ٍ..وفي غدّق ٍ. كالسّهل ِ والنّحر ِ ..في طيب ٍ ومُحتشَم ِ
.
حبي مُحمد َ..حبّ ٌ ليس يدركُه ُ..................وصف ٌ..بيان ٌ..أو إعجاز َ في كَلِم ِ
.
حبّي محمد َ..حبّ ٌ ليس َ يعرِفه ُ.......................إلا الإله ُ..فجُدْ يا واسع َ الكَرَم ِ
.
محمد ٌ..جوهر ُ الدّنيا ..وما فيها..................أوفى بعهد ٍ ..وأذكى الرّوح َ بالقِيَم ِ
.
وحتى ادراك صور ..وعبارات لم تخطر في بالنا ولا حتى عرفنا معناها قبلئذ يوما :

أعيا الجمال َ ..حدودا ً ليس َ يُدركُها..........إنس ٌ وجان ٌ..ولا الأنوارُ في الظُّلم ِ
.
تثرى الكواكِب ُ..في عينيه ِ.من حَوَر ٍ..........ويُشغف ُ النّجم ُ في عينيه ِ بالسُّدُم ِ
.
والشّمس ُتُشرق ُ..في الأكوان ِ ذي لهّف ٍ.........لوجهه ِ النّور ِ.. بالأكوان ِ مُلتَثِم ِ
.
والشّمس ُ تغرُب ُ..وا حرّى لِمُغترِب ٍ..إن تغرُب ِ الشّمس ُ- لولا الأمر ُ- في سَدم ِ
.
محمد ٌ..أجمل ُ الأكوان ِ..في نسَق ٍ.......كون.ٌ. بكون ٍ..به ِ الأفلاك ُ ذو وَسم ِ...
.
الاخوات الكريمات..الاخوة الاعزاء..شكرا لكم...