وقفة رجاء



أســائل هـــل دنيــا تبــدّل حالــــيـا
وهــل بعـد ما ألقى تجيب سـؤاليا؟
إلـى الله أشـــكو كل هــم وغــــربة

وما ظل فى صدري من القهر ثاويا
أيحرمــني فقـــري زيارة موطنــي

وفى أرضـه الأحــباب ترجـو لقائيا
ومـنهــم صغـــار يشـــتهون لوالــد

وأحـفـاده ظنــــوا الغــــداة تلاقــــيا
فمــن يعرف الغــيب البعـيد وما دنا

عسى أن يكون الموت مني مـدانـيا
هــنا وبأرض لا نجــاة بغــــيـرهـا

تحـــتم أن أبقى بهــا متغـــافـــــيـا
قضائي ومــن يلقى لغـــير قـضائه

وهــل أستطـيع العـمـرَ ردَّ قضائيا
فــيا أم إبراهيــم إن جاء مـن سـعى

إلــيــك بنعـــي لا يجـــيد رثــــائـيا
فـقــولي لـــه كان الأديب وشاعـرا

وكان رقـيـقــا للطغــاة مجـافـــيـــا
وكـان وإن يســــعـى يحـاذر مـــرة

ويرخي حبال الصبر أخرى مجاريا
ليحـمــل فى صــدر الأبــي لـفـارس

وإن كان خــوف الله يلجـــم مــا بـيا
ويا أم إبراهـــيم كــم كــنت أشـتهي

ألاقـي لــوجه مــنـك يدنـو جــواريا
تســافــر والموت الـــزؤام يلــفــُّني

أقـــابل وحـدى غـــــربـة وتنائـيـا
وألقى مصيري , ما كريم بحاجة

إلى مــن يواسي حــين بات مُعانيا
وأي كــــريــم نال دائـــــم نعـــمة

وأي كــــريــم ظل فى الناس باقيا
متى كان عـــيش الحـرِّ إلا مرارة

يــــذوق لظاها شــــدة وتنـامـــــيا
ويحـــرم حـــتى من أمانٍ بســيطة

ولكــــنني بالحـمـد أحـــيا رضائيا
ولكــــنـها دنـيــا تعـــانـــد قـــادرا

وتجعـــل مــن لا يســتحق مساويا
بحـــيرتنا نحـــيا ونرحــل بعــد ما

تعـــذبـني دنيـــا تشــــد وثــاقــــيا
فما بلغـــت نفـــسي طموحا وغاية

ولا كان قلــــبي طول عمري وانيا
بعجزي أعاني من شـجون كــثيرة

وأحــزن لـــمــا لا أمــــد أيـــــاديا
أعـــاني إذا المحـــــتاج جـرَّ لخـيبة

وظن بأني ماســك عـــــنـه مالــــيا
فسبحان من أعطى وسبحان من نهى

وسـبحان من وافى الجهــول معانيا
أما قـــرّبت ســـبعون يـوم مــــنيتي

مـــباعـــدة عــني الصبا وشـــــبابيا
ولـــم يبق إلا المـــوت ينزل عـــنوة

ليـخـرس أشعـــاري كـــــذا ولسانيا
وما زال في نفسي إلى الشعر حاجة

أعـــبّر عن ذاتـــي وأُنهـــي مقالـــيا
وما صار عندي غير حرف وشطرة

وأوزان شــعر تأسـر اللـــب غاويا
علام نخاف الفقـر والموت والبــلى

وهـــل خطّت الأقــــدار إلا فـنائـيا
وما كان من خلـــد مقـــيم وراحـــة

ولا كان من يلـقــى الأمان توالــــيا
تغــــيّر دنيـــــانا لحــال وحالــــــها

ليجرى عــلى كل الخـــلائق ماضيا
فما بال شعـــري لا يزال مــــبالـــيا

وما بال قلــــبي ظل للحال شاكــــيا
فهبني ملكــت الكـــون مالا وسـيرة

وهــــــبني بقيت كما قضيت زمانيا
لكل امـــرئ فـــينا قضاء بحكمـــة

وإن كان حكــــم الله عـــنا خافــــيا
فـما جــزع أجــدى أعـــاد ســـنيننا

ولا الحــزن فى دمـع أسال مجاريا
تساوى بهـذا الكــون فــقــر ونعـمة

وإن كان ذو مال تصــدّق ســــاخيا
إذا جـــاد يـوما خــــيرون بمالـهــم

دفـعــــت لمحــــتاج أفـرّق مالـــيا
ولكــن كـفي قــد أبــى لـــنوالـهـــم

أخاف علــى كــفي التواكل لاهـــيا
فإن رضــاء الله أوفــر مـن غـــنى

تلاقــي به نفــس الـــكــريــم أمـانيا
ولـــم أر مــثـــل الصابرين مــكانـة

ولا كان بخـــل القــابضين مـــثالــيا
أعـــزي وما نفـــسي تطيب عزاءنا

وتحـمـل هـــما كالجبال مــعـــالـــيا
وهـــل ملكــت كـفي من الأمـر ذرة

تعــاتبني فــيهـا وترجـو تـراخـــيا؟
وهــل يسـتقيم العـود إن جـف مـاؤه

وأصبح فى حال مع الريــح ذاويــا؟
(فيا من يعيد الدهر من حيث ما بدا)

أعــدني للـيــلات الشـباب الخواليا ـ1
وارحــم لضعف مسّـــني بشـروره

فما عــدت إلا جـازعــا مــتباكـــيا
وأرثي لغـــيري ناسـيا ما يحيطني

من الموت لا يبقى من الخلق حاييا
(وقـــوفا بها صحبي علي مطيهم )

يقولون لي عش بعض عمرك ناسيا ـ2
أتجديك مـرعـوب الفرائص حسـرة

وما قـدّر الرحـمـن يســري توالـــيا
مــتى حانت الآجـال لـيس يعـــيـدنا

إلى العــــمر نـوح أو تحســر ثـانيـا
أيســـلم طفـــل أو وتســـــلـم دابـــة

وقــد غاب مـن عاش الشـقي وهانيا
ومـا تـرك المـــوت الــزؤام ذبـابــة
عــلى ضعفها فالموت يطرق غازيا
بإيـــوان كسرى قهقه الرعـد ساخرا

لــمـا آل مــن حــال إلـــيــه وهازيا
ويذهــب بوش الإثـــم نحــو مـزابل

ويلحــق أوبــامــا بـــه مــتـهـــاويـا
وناصـر قـد ماتت به العـرب مــيتة

رثيت لهـــا حالا ألـــيــمـــا وقاســيا
فــلا عــجــب تأتــــي إلـــي مــنيتي

علـــى أي وجــــه كان مـــوتي آتـيا
( كفى بك داء أن ترى الموت شافيا

وحســــب المنايا أن يكــــن أمانيا) ـ 3
وحســــبي من الدنيا غداة فـراقــها

بأني رضيت الـــزهـــد فيها مواليا
ولـــم أســـع تفريطا لبعض مـــنافع

أبيـــع لــــدينـــي تارة ومــــبـــاديا
وأشـــــرب كأســا بالمـــذلـة رائقــا

ومـــن كان مــثلي يستطيب عــنائيا
(أفـــرّق جسمي فى جسوم كثيرة )

وألــــقى للــــيلاتي بــذا متســامـــيا
ويطربني فــــعـــل الكـرام محاكـــيا

ويا نعم ما بارى ضعـــــيف محاكـيا
********

فــيا رب إن قــرّبت يـوم رحـــيـلـنا
فحســـن خــتـــام مـنك ظل رجائـيا
ويا رب ســـامح يـوم ألـقـاك إنمـــا

رصيدي بحســـن الظن كان الكافـيا
تجـاوز عـــن الـزلات إن لســـــاننا

طلـــيق وعاش القلب ينبض صافـيا
وأنت علـــــيــم بالدواخــــل كلــــهـا

وكـم كـنت في صعب المواقف باكيا
ولـم أســتجب حاشا لعــدوان جاهـل

وسامحت عما جـاء غــيـري معاديا
علـــيــــم بأن الله ينـصــف عــــبـده

هو العادل الغفـــار يعـفــوه عاصـيا
لكـــم نرتمـي فـــى ظلـــه بذنـــوبنا

ونســـعـى لعــفــو لا يردُّن سـاعــيا
هلكـــنا إذا لم يرض عـــنـا بحلـــمه

وأعلــم أني قـــد ركـبت معـاصـــيا
برغـمي إلهـي أن أكـون أســيرهــا

وعــن كــــل أخطائي أتيتك راجــيا
فســامح وســـامح ما جـــنيت فإنـما

لعـفــــوك ما يبـدو وما كان خـافــيا
ويا رب مـــن جــود لــديـك ومـــنة

جعــــلت لنا استغفار من كان خاطيا
وتقــبـــل توبـات العـــباد تـــكـــرما

تجود بســتر لــيـس يفضح جـانــــيا
أحـــاول دومــــا أن أنــال رضـــاءه

ولـكــن نفـــس الفـَــدْم تعصي تواليا
وشــيطانها يهــوي علي موســـوسا

وكــــــم مــرة جـافـــيـته وجـفـانـيـا
بحسنى إلــهي قـد فعــــألتُ وإن تكن

جــناح بعـوض لا يغــــطي مخازيا
تجاوز إلهـــي عــن ذنـــوب كــثيرة

ولا تخــز عــبدا جاء ســـاحك باكـيا
تمـــلّـكــــه جــمـــر ومــرّ جــــرائر

وما كان إلا فــــى رحـــابـك ناجــيا
يـقـــــــــود لآبـــاء لـــه وحــــرائــر

ومن كان ذا قــربى ومن كان جـاريا
فـمــــرْ لأعـــالي الخــلـد تفـتح بابها

وظـني بغـفــار محـــاهـا مســـــاويا
ـــــــ
1ـ للعقاد
2ـ لامرئ القيس
3ـ للمتنبي
ــــــــــــــ
http://hassanibrahimhassanelaffandi.maktoobblog.com