على أطراف قرية صغيرة تغفو على سفح جبل رائع الجمال ,كحبة قمح في ببدر,تعيش امرأة عجوز,تقضي معظم الوقت خلف نافذة كوخها الصغير,ترقب من يؤنس وحدتها,تستأنس بأي عابر سبيل لا يهم إن كان آدميا أو غيره المهم أن ترى أي شيء أو تسمع أي صوت,كان جل ماتتمنى ألا تموت وحيدة.
كان الجو عاصفا حين سمعت صوتا غريبا في الخارج ,كان قد تعثر بإحدى الأواني,ودون خوف أسرعت لتفتح الباب,فربما أتى من يشاركها حبة البطاطا التي شوتها على جمر موقدها .
كان كلبا ضخما أسود كالظلام يتجول بالمكان غير مكترث بالعاصفة,لم يكن لأحد من القرية ..هي لم تره من قبل فهو غريب كغرابة شكله,دخلت تاركة الباب مفتوحا,عله يدخل طمعا بالدفء والطعام.
لم تكد تجلس حتى دخل مسرعا واقترب من الموقد ,كانت سعيدة بوجوده رغم قذارته وغرابة تصرفاته فقد كان يتحرك وكأنه صاحب الكوخ ,كان يرمق كل شيء...فالبيت بيته .
لم تنزعج من وقاحته,فقد كانت سعيدة بوجوده مهما فعل فهي لم تعد وحيدة .
وعندما داهمها النعاس ذهبت لسريرها,فقفز لينام مكانها شاغلا كل السرير ,نظر إليها وكأنه يقول هذا سريري...اختاري مكانا آخر .
حاولت النوم إلى جانبه,لعدم وجود سرير آخر,لكنه أصر على احتلاك كل المساحة,وغفا بهدوء غير مكترث بها ,وعندما دست نفسها إلى جواره,استيقظ وقبض بفكيه على رقبتها حتى ماتت , وجرها خارجا وعاد ليغفو بهدوء وكأن شيئا لم يكن,فهي أقضت مضجعه بوقاحتها ....
وفي الصباح مر بعض الرجال قاصدين عملهم, فوجدوا جثتها ملقية إلى جانب الطريق, فهرعوا إليها, وكانت...ترقد فوق بقعة من الدماء ,أسرع أحدهم ليبلغ عن الواقعة
ولدى معاينة المكان وفحص الجثة تبين أن الفاعل حيوان مفترس ,أغلق المحضر,وغادر رجال الدرك بعد أن سمحوا بدفن الجثة.
تعاون أهل القرية على دفنها ,فلم يكن لديها أقارب في أي مكان ,ولم ينل قاتلها العقاب لأن القانون لا يطال الحيوانات المتوحشة
يستطيعون القتل بحرية واحتلال البيوت بمنتهى الحرية
فقد عاد ذاك الكلب برفقة قطيعه ليعيش في بيت ضحيته
وما زال يخرج كل يوم ويعود وفمه ملوث بالدماء ليصطحب أحد جرائه إلى هناك....
_______________________________________________
ناصرفارس 1990