النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: مقالة- إمبراطورية الوهم

مشاهدة المواضيع

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1 مقالة- إمبراطورية الوهم 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية محمد حسن المنلا
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    59
    معدل تقييم المستوى
    16
    مقالة

    إمبراطورية الوهم

    بقلم :محمد حسن المنلا

    .............................................


    أحسب أنك كمثقف ترفض الحياد , بل ترى لِزاماً أن تتحمل مسؤوليتك تجاه قضاياك أمة ً ووطناً ومجتمعاً , إيماناً برسالتك , فتعمل ليل نهار لتخرج بعمل يواكب الحدث موضوعاً , ومعالجة , وحال اكتمال العمل تسر بمنجزك وتتحلل من قيدك الذي وهبته لك الفكرة فعزلتك عن ممارسة حياتك الاعتيادية عملا ًوأسرة

    لم يبق عليك بعد هذا الإنجاز , أو كما يخيل إليك , سوى تعميمه ليكون ذا فائدة ويأخذ دوره في ما ترجوه منه , وأول ما تفكر فيه الصحف والمجلات المحلية فتذهب إلى المنضدِ لينضدَ لك عملك , لأن من ضمن الشروط أن ترسل العمل مطبوعاً ثم تنتقل إلى خطوتة أخرى , فتذهب إلى البريد لترسل العمل ب(البريدالمضمون)حرصاً على سلامته , وترجع إلى أسرتك دون أن تستطيع أن تجهر بما فعلت فما أنفقته يعدل خبز أسرتك لعدة أيام , فتجلسُ مرتاح البال دون أن تدري بأنك قد انتقلت إلى مرحلة هي أكثر قلقاً ونفقة معاً , وهي انتظارك للعمل المرسل فتبدأ بشراء الجريدة أو المجلة التي أرسلت لها عملك , وربما لمدة سنة كاملة ( وهذا سنُّ اليأس ِبالنسبة ِللعمل ِالمرسل )ِ هكذا تبدأ , وهكذا تنتهي , دون أن يتكرم عليك محرر الجريدة أو مديرها أو حتى نادلهُا , بردٍ وأياً كان فحواه , حتى لو كان ذلك الرد ( إياك أن تفعلها مرة أخرى )وحال وصولك إلى هذا السن سن اليأس تبحث عن أصدقاء المثقفين باعة الصندويتش لتسترجع جزءاً يسيراً مما أنفقته على هذه الجريدة أو تلك المجلةوأكثرهم حميمة مع المثقفين هم باعة صندويتش الفلافل لكثرة استهلاكهم للسلعة لكن ازداد الأمر تعقيداً مع بروز مشكلة جديدة , يعلم المثقف لها حلاً , وهي القطيعةالتي أحدثها ابتكار ورق ٍ خاص بالصندويتش . لكنكَ لا تستسلم مستجيباً بذلك للذي يسكنك رفض الحياد فتبحثُ من جديد ٍعن وسيلةٍ أخرى , وأولُ ما يتبادرُ إلى ذهنِكَ المراكزُ الثقافية ُ, فتذهبُ إلى أقربِ مركز ٍإليكَ والذي سيكون حتماً مركزَ منطقِتكَ , فتسلم على رئيس ِ المركزِ وتحدثهُ عن مناقبهِ ثمّ ترجعُ إليهِ مرة ً أخرى , لتحمِلَ له مطبوعاتِكَ , دون أن تنسى كتابة َ الإهداءِ لهُ وللمركز الثقافي مذيلاً الإهداء بأنه راعياً للثقافة والمثقفين , على حينَ من حقِكَ كما سمعتُ ـ أن يقتني مركز منطقتِكَ بعضُ النسخ ِ وبسعر ِالغلافِ أيضاً , فتقدمُ المطبوعاتِ بانحناءٍ , أن تنسى التندُرَ والنكاتِ , ومع كل ما تقدمَ لا يفوتهُ أن يسالك من أي الأعمام ِأنت

    كذلك َلايفوتهُ أن يسالكَ عن معارفِكَ وصلاتك بالأجهزة الأمنيةِ وأساطينِها

    كلُّ هذا من أجل ِأمسيةٍ لايتجاوزُ نصيبُكَ فيها العشر ِدقائق وربما خمسَ عشرة َدقيقةٍ 0 وعلى ضوء ِما تقدمَ , أذكرُقصة ًطريفة حدثت لي مع أحدِ رؤساء ِالمراكز ِالثقافيةِ حيثُ استجبتُ لدعوةِ صديق ٍلي لحضور ِأمسيةٍ شعريةٍ له , مع ثلاثةِ شعراءَ آخرينَ وبعدَ انتهاء ِالأمسيةِ أردتُ المدخلة َ , فرفضَ طلبي الذي وصلهُ عبرَ ورقةٍ كتبْتهُا له مستاذِاً لأداخِلَ , فلحقتُ بهِ ثائراً إلى داخل ِ مكتبهِ الذي امتلأ بالحضورِ على هامش ِالأمسيةِ من مشاركينَ وحمهورِ النخبةِ كما يقال , ودار الحوار التالي بيني وبينهُ , وتحدثتُ يومذاكَ عن رسالةِ الأمكنةِ , وقلتُ لهُ وبالحرف :ياأستاذ كما للكائناتِ فللأمكنةِ رسالاتٍ أيضاً وعليها تأديتِها , وكلٌ بما يستطيعُ وإلا سنكون نحنُ والأمكنة ُمعاً ناقلي عدوى لا مساهمينَ في علاج ٍ

    سألني يومها : من أينَ أنت ؟ قلتُ وبانزعاج من دمشق قال : من دمشق ؟رد عليه أحدُ الحضور ِ: كيف لا تعرفهُ وهو ابن منطقتِكَ , وله ستُ مطبوعات فقال بارتباكٍ : هاتِ أعطِنا اسمكَ ورقمَ هاتِفكَ , فلدينا أمسية ً في الشهر ِالقادم كي تكونَ من بينَ المشاركينَ , قلتُ لهُ وأنا أكادُ أن أخرجُ عن طوري : أبي لم يمنحني اسمي كي تجعدهُ حضرتكَ وتلقيهِ في سلةِ المهملاتِ قال : ماذ تقول ؟قلتُ لهُ : لقد جئتكَ منذ ُ سنةٍ وأعطيتكَ اسمي ورقمَ هاتفي ورقم هاتفِ جيراني أيضاً , ولكنك لم تفعلْ

    تأتأ بعدها , لا يدري بماذا يجيبُ ولأنني بالفعل كنتُ قد جئتهُ قبلَ عامٍ ولم يفِ بما وعد...وأتذكرُ عندما دخلتُ عليهِ حينذاكَ كان يتحدثُ مع شخص ٍلا أعرفهُ عن الخسِ والبطيخ

    خرجتُ بعدها ولم أدري كم مضى من الوقتِ حتى جاءتني دعوة ٌ للمشاركةِ , لكنني لم أستجبْ , ثم جاءتني دعوة ٌ أخرى فذهبتُ مستجيباًللمشاركةِ , وكان نصيبي من المشاركةِ خمسَ عشرة َ دقيقة ً, متجاوزاً بذلك العشرِ دقائقَ التي ذكرني بها قبل صعودي إالمنبر 0انتهتِ الأمسيةِ , وخرجنا , تبعني بعدها رئيس المركز منادياً : لحظة من فضِلكَ !توقفتُ ليبادرني وهو يرفعُ خمسمائةِ ليرة بيد وهو يقول : خذ 0 قلتُ : ما هذا ؟ قال : حصتك َمن المشاركةِ , رفضتُ , وأصرَّ قائلاً : وهو يلوحُ بها في الهواء : هذه الخمسمائة ُمن حقكَ

    ونحنُ في هذا السجال جاء صوتٌ من الخلف : دعهُ لي وأعطيكَ ألفاً , فأخذتها وأنا أنظرُ إليهِ بعين ٍوأحاول أن أعرف مصدر الصوتِ بالعين الأخرى , خمسمائة ليرة إذا أنتَ حولتها إلى الدولار , أو إلى نظام العصور الجديدة كما جاءَ في ورقةِ الدولار تحت ختم ( الولايات المتحدة ) وبالكلماتِ اللاتينيةالتالية : (SECLORUM NOVOS OR DO ) ــ نفوس أورودو سيكلوروم ـــ فإذا حولتَ الخمسمائة ليرة على نظام العصور الجديدة يكون لديك تسعة ُدولاراتٍ وستون سنتاً , انصرفتُ بعدها وأنا أتسالُ : هل هناك فنٌ متقنٌ لفضِّ بكارة المثقف

    التعديل الأخير تم بواسطة روان أم المثنى ; 29/05/2009 الساعة 01:45 PM
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. الخروج من جنة الوهم
    بواسطة محسن العافي في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31/07/2011, 03:07 AM
  2. أسيرُ الوهم
    بواسطة زاهية في المنتدى الشعر
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 21/08/2010, 03:22 AM
  3. من أقاص الوهن.
    بواسطة خليد خريبش في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15/02/2009, 09:16 PM
  4. نعي, دولة, عظمى, إمبراطورية, الشرامريكا
    بواسطة محمد اسعد بيوض التميمي في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20/10/2008, 04:55 PM
  5. الوهم ..والحقيقه...!!!
    بواسطة محمود كامل في المنتدى الشعر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02/11/2007, 05:09 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •