كان يسير بخطواته الكسولة ,غائصاً في تفكيره تقصفه الكثير من الأفكار والأسئلة تبحر به في عالم الخيال وهو يحاول أن يجهز عليها وعلى عشوائيتها المشتتة التي أخذت تعصف به رسمت له صورة الثراء الذي يشتاق إليه فرسي فكره للحظات في عالم التمني والأحلام , ما لبث أن رفع الغطاء عن أحلام يقظته , ليجد نفسه أنه قد تعرى من الحقيقة وأنه استدرج إلى وهم .
أسرع في الخطى وراح بصره يزيح ستار سكرة الأحلام ويتفرس المكان بدقة وتمعن , وأخيرا سدده إلى ذلك المبنى الزجاجي ذو العشرة طوابق وتحديداً عند الطابق الثامن هناك يقبع الشخصية التي يسطع اسمها في عالم المال والأعمال تتعامل مع الأرقام صعوداً ونزولاً أحاديثها مكبلة بالصفقات والعقود.
ركب المصعد وضغط على زر الدور الثامن فزاد خفقان قلبه وبدأ العرق ينزف ببطء من جسده ودخل معركة التردد والحيرة والمظهر واختيار الكلمات والعبارات المناسبة للقاء, تسرب إليه التمني من جديد وهو يحمل حقيبته التي تحوى على عقد لبيع بعض منتجات شركته , وكيف سيحصل على مكافأة إن هو أتم هذا العقد
السكرتير : من فضلك تفضل بالجلوس والانتظار , المدير لديه مكالمة خارجية
الوقت يمضى هو سيد الموقف يتابعه بين فترة وأخرى عبر الساعة الحائطية التي كانت خلف مكتب السكرتير مرت نصف ساعة فأخذ يلاحق النسيان عبر العبث بحقيبته ومحتوياتها استمر على حاله , فجأة.
السكرتير : المدير في انتظارك
أدلف إلى الداخل وهو يعيد ترتيب هندامه .
مرحبا بك هيا تفضل
ماذا لديك ؟
رن الهاتف فقال له معذرة , كم كانت الإرباح ؟
فقط عشرين مليون لقد توقعت أكثر من هذا حسناً
هيا تفضل .
لدي ....... يرن الهاتف من جديد
حقاً ما تقول إن مبلغ عشرة ملايين هو ما كنت أطمح إليه
أتمم الصفقة وأسرع بتحويل المبلغ
معذرة مرة أخرى
عاود الهاتف في الرنين
أخذ يسعل بشدة وهو يمسك سماعة الهاتف
ماذا تقول ؟ سوف أحضر حالاً إن هذه الصفقة أخذت مني الشيء الكثير لقد جلبت لي الأرق يوم أمس من كثرة التفكير فيها إنها صفقة العمر
سوف أحضر حالا وبسرعة
أبدي أسفي إليك , ممكن أن تنتظرني سوف يقدم لك السكرتير القهوة حتى أعود,
قابله السكرتير لا عليك إني أعرفه جيداً سوف يعود كما وعدك تفضل هنا
رفع السكرتير سماعة الهاتف : ماذا تقول لقد توفي المدير متأثرا بأزمة قلبية بعد أن خسر تلك الصفقة .
عجباً كم هي مصادفة غريبة ؟؟
وما هو وجه العجب لقد كانت قيمة الصفقة التي خسرها خمس وخمسون مليون
وهذا الرقم يماثل عمر المدير رحمة الله عليه .