نص كتاب «روائي من بحري» لحسني سيد لبيب
-------------------------


اسم الكتاب : محمد جبريل .. روائي من بحري.
المؤلف : حسني سيد لبيب.
عدد الصفحات : 93.
عنوان المؤلف : 34 شارع الصديق أبو بكر ـ أرض الجمعية ـ إمبابة 12421 ـ الجيزة.
تليفون : 3126661
.....................


الإهداء

إلى صانع الفن الجميل ..
الروائي الفذ .. محمد جبريل ..









*****

تقديم
.....

عرفت محمد جبريل منذ سفره إلى الخليج، ليشرف على جريدة ( الوطن ) العُمانية، ويصحح مسارها، حتى تتبوأ مكانتها في الصحافة العربية.. امتدادا لمعرفتي به من خلال صفحة ( شباب الأدب ) لجريدة ( المساء ). كان شديد الاهتمام بما أرسل من قصص عن طريق البريد، وهو الاهتمام نفسه الذي حظي به كل أديب تعرف إليه. وفي ( الوطن ) نشر لي عددا من القصص، مثلما نشر لغيري.. وحين عاد إلى مصر، تغيرت صفحته الأدبية، واختار لها عنوانا جديدا ( قضايا أدبية ).. وهو في كل المراحل كان صديقا حميما لكل الأدباء، وإذا قصده أديب ما، كسب صداقته ووده. وحين يكتب عن أديب يعرفه ويقرأ له، أجده مغرما بالنداء الحلو ( صديقي.. ). في البداية، لم يتسنّ لي الاطلاع على كل كتابات جبريل، فلم أقرأ له إلا القليل من إبداعاته، بدءا برواية ( إمام آخر الزمان)، وبعض قصص قصيرة في الدوريات المختلفة. لكنني ـ حين انفتحت أكثر على عالمه القصصي ـ ألفيتُ نفسي قبالة عطاء وفير متميز، وللأسف لم يكتب عنه سوى القليل. ولعل ذلك راجع إلى قصور النقد عندنا، أو أن النقد لا يواكب الحركة الإبداعية بالقدر المطلوب. لقد وجدت ـ فيما كتب جبريل ـ إبداعا جديرا بأن يتناوله الدارسون والنقاد، ويسلطوا عليه الأضواء.. من هذه النقطة رأيت أن أكتب دراسة أدبية نقدية، تتناول الجانب الروائي، أحد جوانب كتاباته التي تعددت فشملت أيضا القصة القصيرة والدراسات والأبحاث. أما الجانب الروائي ـ موضوع كتابنا هذا ـ فإني شعرت بأن الدراسة لابد أن تتمحور عند دائرة معينة، فاخترت تلك الروايات التي اتخذت من الإسكندرية مكانا ومسرحا لأحداثها، حيث شكلت وجدانه.. بصفتها وطن الصبا والشباب. ورغم أنه يقطن الآن في مصر الجديدة، إلا أن الإسكندرية لم تزل وحي إلهامه.
وقد عمدت إلى تبويب فصول الكتاب بعناوين الروايات، ورتبت الفصول طبقا لتواريخ صدورها.. لتكون الدراسة أشبه برواية أخرى مرتبة ترتيبا زمنيا، لعل القارئ يستشف تطور الكاتب، وطبيعة كل مرحلة من مراحل إبداعه. ولم أشأ إغراق القارئ بنظريات نقدية تبعده عن السياق الروائي. إنما تناولت الروايات نصوصا أدرس وأحلل في ضوئها، وأستكشف نواحيها الجمالية، وأتناول خصائص الكتابة. وأحسب أن ما أقدمت عليه هو جهد المقل. وإني لعلى ثقة أن روايات جبريل تبشر بمزيد من الدراسات التي تُكتب عنها. ولعل غيري يتناول مواضيع أخرى ويعطيها حقها من البحث والدراسة. كما أنها مادة ثرية للعديد من الأعمال الدرامية المسموعة والمرئية.
ومن المواضيع التي أرى تسليط الأضواء عليها : الصوفية في كتاباته، وظاهرة القهر والمطاردة، وحلم أبطاله بالمدينة الفاضلة التي تتحقق فيها العدالة والسلام، واهتمامه بالأحداث السياسية التي مرت بها مصر، وسلطة الأب ومدى تأثيره على أبنائه، والمزج بين الواقع والخيال، وولوجه دائرة الحلم، وحديثه المتجدد عن الموت تراجيديا الإنسان في حياته، واهتمامه بسرد وتضمين وقائع من حياته في بعض أعماله الأدبية، وظاهرة الانطواء التي يعاني منها بعض شخصيات رواياته، وظاهرة المراوغة للشخصيات بمعنى أنها تظهر وتختفي، والبحر أسطورة الصيادين، واستيحاء التراث بمختلف أشكاله، بل والنقل عنه، والمعجم الثقافي لرواياته وقصصه، وأدب المقهى عند نجيب محفوظ ومحمد جبريل… وغير ذلك كثير من المواضيع التي تثري الحركة النقدية.. وقد تعرضت لهذه المواضيع إما تفصيلا أو إجمالا…
وفي الختام، أحسب أن الكتاب سوف يستميلك ـ عزيزي القارئ ـ فيصيبك هوى ( بحري )، فتسارع إلى قراءة أعمال جبريل، وقد تشد الرحال إلى ( الإسكندرية )، وتتجول في المنشية والسيالة والأنفوشي واللبان والعطارين والسلسلة والمينا الشرقية، وتزور المرسي أبا العباس وغيره من أضرحة الأولياء الصالحين. وقد تقودك خطاك فتتعرف على البيوت والشوارع والمقاهي والدكاكين، والناس أيضا، كأنك عشت زمنا هنا، وصادقت هؤلاء الناس البسطاء الطيبين، الذين لا يختلفون كثيرا عن إخوانهم في القاهرة، أو في القرى والكفور والنجوع، من أرضنا الطيبة. وجبريل، وإن اتخذ الإسكندرية مكانا لمعظم كتاباته الإبداعية، إلا أنه عبر عن هموم وآلام الشعب المصري كله، وهذا سر عبقريته..
حسني سيد لبيب
تحريرا في : 6 يناير 2000 م ( إمبابة )